*📌تحذيرات الحرب والفيتو الأميركي*
تتواصل التحذيرات الدولية من احتمال شنّ إسرائيل عملية عسكرية ضد “حزب الله” ولبنان، في ظل تصعيد تقوده المستويات الأمنية الإسرائيلية. غير أن أي حرب واسعة تبقى مشروطة بالموافقة الأميركية، وهي موافقة لم تُمنح حتى الآن، إذ فضّلت واشنطن إتاحة مهلة جديدة لنزع السلاح، من دون ممارسة ضغط فعلي على إسرائيل لوقف استهدافاتها الأمنية التي تُبقي مسار المفاوضات في لجنة الميكانيزم معلقاً.
*📌رهان الدولة على الوقت والتحرك الرئاسي*
أمام تصاعد المخاوف من مرحلة متفجرة، تراهن الدولة اللبنانية على تخفيف الضغوط الأميركية ريثما تنجز خطتها لسحب السلاح في جنوب الليطاني، والتحرك لاحقاً نحو شماله. وفي هذا السياق، تكثفت الاتصالات الدولية لتجنيب لبنان عمليات إسرائيلية واسعة تطال المرافق العامة، حيث تشير مصادر ديبلوماسية إلى أن تحرك رئيس الجمهورية جوزف عون على أكثر من خط نجح في إرجاء الحرب، أقله لمدة شهر إلى شهرين، بعد ضغوط أميركية على إسرائيل لإفساح المجال أمام لجنة الميكانيزم، ولا سيما قبيل اجتماعها المقرر في 19 الحالي، تمهيداً للانتقال إلى ملف التفاوض الحدودي.
*📌توزيع الأدوار الأميركية والمهلة المشروطة*
المهلة الأميركية الجديدة لا تعني تغييراً في جوهر المقاربة الأميركية للملف اللبناني، إذ لا تزال الشروط الصارمة المتعلقة بالسلاح قائمة. إلا أن واشنطن تعمل على ترتيب الوضع اللبناني ضمن معادلة إقليمية أوسع، وهو ما انعكس في توزيع أدوار الموفدين والدبلوماسيين الأميركيين. فتوم برّاك يتولى الاتصالات مع إسرائيل وسوريا ويتناول الشأن اللبناني خلال زيارته إلى تل أبيب، في محاولة لخفض التصعيد، فيما تتابع مورغان أورتاغوس عمل لجنة الميكانيزم ورعاية التفاوض، بينما يضطلع السفير ميشال عيسى بدور سياسي مباشر مع الرؤساء لدفع لبنان نحو تنفيذ الشروط المطلوبة، مع سعيه إلى تمديد المهلة وإعطاء فرصة لـ“حزب الله” لتجنّب الحرب.
*📌الضغوط الداخلية وخيارات الدولة الصعبة*
ترتبط المهل الأميركية باستحقاقات دقيقة للبنان، في وقت تواجه فيه الدولة تعقيدات داخلية كبيرة، خصوصاً في علاقتها مع “حزب الله”. فقد عاد أمينه العام الشيخ نعيم قاسم إلى اتهام الحكومة بالخضوع للإرادة الأميركية والإسرائيلية، مستعيداً طرح الاستراتيجية الدفاعية، ما زاد من منسوب الضغوط الخارجية. في المقابل، تؤكد الرئاسة والحكومة التزامهما خطة حصر السلاح وتطبيق اتفاق وقف النار، والتفاوض لانسحاب إسرائيل من النقاط المحتلة وبسط سيطرة الجيش على الحدود، مع التشديد على أن سحب السلاح بالقوة غير وارد تفادياً لصدام أهلي، في ظل اقتراب الجيش من إنجاز مهمته في جنوب الليطاني، وفق تقرير مرتقب لمجلس الوزراء مطلع السنة الجديدة.
*📌باريس وواشنطن: مفاتيح المرحلة المقبلة*
يترقب لبنان نتائج اجتماع باريس في 18 الحالي، بحضور قائد الجيش العماد رودولف هيكل، الذي سيعرض خطة الجيش وحاجاته، على أمل توفير مظلة أميركية – فرنسية – سعودية داعمة للدولة ومُانعة للحرب. غير أن العامل الحاسم يبقى أميركياً، باعتبار واشنطن الجهة الوحيدة القادرة على التأثير في القرار الإسرائيلي، لا سيما مع اللقاء المرتقب بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 29 الحالي.
*📌فرصة أخيرة ومسؤولية القرار*
تعكس المهلة الأميركية الجديدة تفهماً لتعقيدات الواقع اللبناني، ورغبة في عدم إجهاض ما حققته الرئاسة والحكومة خلال السنة الماضية، عبر منح لبنان فرصة محددة. وفي المقابل، لا تملك الدولة سوى الاستمرار في المسار الذي اختارته، ومحاولة إقناع “حزب الله” بأن احتواء السلاح هو السبيل الوحيد لتجنب التصعيد، طالما أن الخطاب الأميركي بات يتحدث عن هذه المعادلة. ويبقى على الحزب أن يتعامل بإيجابية مع خطط الدولة، لأن الإصرار على خطاب التصعيد يمنح إسرائيل الذرائع، ويهدد بإعادة لبنان إلى دوامة مواجهات كارثية جديدة
