Achrafieh News 📰
جوسلين جريس _ الاشرفية نيوز
في ليلةٍ شتويةٍ غسلتها أمطار بيروت وزيّنتها روح الميلاد، تحوّل مسرح بيروت هول إلى مساحة حلم، قادته الفنانة تانيا قسيس بصوتها وحضورها، لتقدّم عرضًا فنيًا متكاملًا تجاوز حدود الغناء، وارتقى إلى مستوى اللوحة الحيّة، حيث تلاقى الصوت مع الحركة، واللون مع الإحساس، فكتب الجمهور على ذاكرته أمسية لا تُنسى.
على مدى ساعتين، لم تكن تانيا تؤدّي أغنيات فحسب، بل كانت تحكي قصة. تنقّلت بسلاسة بين العربية، الفرنسية، الإنجليزية والإسبانية، لا كاستعراض لغوي، بل كامتداد طبيعي لهوية لبنانية متعدّدة، حافظت فيها على صدق النبرة ودفء الإحساس، فكان التفاعل صادقًا، والفرح عفويًا، والمشهد مكتمل العناصر.
الخشبة امتلأت حياةً مع أكثر من خمسين صبية وطفلة، إلى جانب أربعة عازفين، وعشرين راقصًا من فرقة Zirka All Stars، الذين قدّموا لوحات راقصة تراوحت بين الكلاسيكي والمعاصر. جاءت حركات تانيا مدروسة، واثقة، ومعبّرة، حيث لم تكن الاستعراضات زينةً بصرية، بل لغة إضافية حملت المعنى، ووسّعت الموسيقى، ومنحت العرض بُعدًا بصريًا نابضًا بالإبداع.
ورغم الطقس العاصف، غصّت القاعة بالجمهور الذي تحدّى المطر ليكون شاهدًا على إنتاج ضخم، قادته نجمة تعرف كيف تمسك بإيقاع المسرح. ومع كل لوحة، كانت تانيا تغيّر إطلالتها، متناغمةً مع الفنانات الشابات من حولها، فبدت السهرة كفسيفساء فنية متحرّكة، تتلوّن بين مشهدٍ وآخر، وتعكس روح الميلاد بأناقة ورقي.
ومن أكثر لحظات الأمسية تأثيرًا، تلك اللحظة الحميمة التي دعت فيها فرقة الكورال ONE HARMONY من TANIA KASSIS ACADEMY، اللواتي ارتدين فساتين بيضاء وجلسن حولها، ليؤدين أغنية “White Christmas” بالفرنسية والإنجليزية، في تحيّة مؤثرة لوالدتها، صنعت صمتًا جميلًا في القاعة، ولامست القلوب بصدقها الإنساني.
تميّز الحفل أيضًا بأزياء مبتكرة، إذ أطلت تانيا بثلاث إطلالات: اثنتان مستوحاتان من أجواء عيد الميلاد وقصة “كسارة البندق”، وثالثة بفستانٍ طويل أنيق، جسّد رقيّ حضورها وثباتها على المسرح.
بهذا العرض، لم تحتفل تانيا قسيس بالميلاد فحسب، بل أعلنت ولادة مرحلة فنية جديدة وجريئة في مسيرتها، مرحلة يدخل فيها الاستعراض كعنصر أساسي من لغتها الفنية، ممهدةً لمشاريع مستقبلية غنية، ومؤكّدة أنّ ما هو آتٍ يحمل الكثير من الدهشة والجمال.
في بيروت هول، لم يكن ما قُدِّم مجرّد سهرة غنائية، بل احتفال بالحياة، وبالدفء الإنساني، وبفنّ حين يُقدَّم بصدق… يتحوّل إلى ذاكرة.




