وأوضح أن الهدف المركزي هو الانتقال من اقتصاد ريعي يعتمد على الاستهلاك والاستيراد إلى اقتصاد إنتاجي واستثماري قادر على المنافسة، لافتاً إلى أن 85% من استهلاك اللبنانيين مستورد فيما لا تتجاوز الصادرات 3 مليارات دولار سنوياً، ما يستوجب تعديلاً في بنية الاقتصاد.
وأشار البساط إلى ضرورة التحول من اقتصاد يقوم على الاستدانة غير المنتجة إلى اقتصاد يرتكز على الاستثمار الحقيقي، ومن اقتصاد ضعيف المؤسسات إلى اقتصاد يعتمد على الحوكمة والشفافية. وشدد على أن العدالة الاقتصادية أساسية، وتشمل معالجة الفوارق المناطقية والجندرية وضمان استفادة كل المجتمع من أي نمو مقبل.
وأكد أن لبنان يمتلك مقومات تؤهله لتحقيق هذه الرؤية، من قدرات بشرية وموارد طبيعية وموقع جغرافي وطاقة اغترابية، مشيراً إلى أن البلاد لطالما تمكنت من الوصول إلى مستويات أفضل، لكن تحقيق ذلك اليوم يتطلب مواجهة التحديات والشروع بإصلاحات فعلية.
ورأى أن الإصلاح يجب أن يشمل كل القطاعات بالتوازي، من كهرباء واتصالات وبنى تحتية وطرق، إضافة إلى إعادة بناء المؤسسات والإعمار، مؤكداً أن ما ينتظره المستثمرون هو دليل واضح على بدء تنفيذ الإصلاحات، ما سيسمح بانطلاق التعافي والنمو.
وبخصوص مؤتمر بيروت – 1، اعتبر البساط أنه حقق نتيجة مهمة بكسر العزلة الاقتصادية عن لبنان، كاشفاً عن مشاركة نحو 150 مستثمراً ورجل أعمال من دول عربية عدة، منها قطر والكويت والإمارات والسعودية. وأكد أن المؤتمر أظهر وجود فرص استثمارية حقيقية، وأن الحكومة قدمت سردية واقعية تقوم على الإصلاح مقابل استثمارات فور توافر الظروف الملائمة.
وأشار إلى أن المرحلة المقبلة ستتضمن متابعة مباشرة لنتائج المؤتمر عبر تحضير مؤتمرات تمهيدية وصولاً إلى بيروت – 2 في سنة 2026، على أن تُربط هذه الخطوات بتنفيذ الإصلاحات الملتزم بها.
وفي ما يخص قانون الفجوة المالية الجاري العمل عليه بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، أوضح أن رئيس الحكومة ووزارة المال ومصرف لبنان يعملون عليه بشكل يومي، مشدداً على أن الهدف هو إعادة النهوض بالقطاع المصرفي وتأمين حل عادل للمودعين. وأكد أن إعادة الودائع ستكون تدريجية مع مراعاة التمييز بين الودائع الصغيرة والكبيرة من دون شطبها، وأن تحمل الخسائر سيكون موزعاً بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف، مع الحفاظ على قدرة الدولة وسياساتها النقدية.
ولفت إلى أن أي إعادة هيكلة ستترافق مع دمج طبيعي للمصارف كما يحدث بعد الأزمات، لأن قطاعاً مصرفياً فاعلاً شرط أساسي لعودة النمو. أما بشأن المخاوف من شروط صندوق النقد، فأكد أن لبنان لن يقبل بما يتعارض مع مصلحته، مشدداً على أن الثقة تعود فقط عبر إصلاحات حقيقية وشفافة ودور محوري للبرلمان في إقرار القانون بما يحمي المودعين.
وحول قطاع التأمين، أشار البساط إلى أهميته المالية، حيث يصل حجم التداول فيه إلى مليار دولار سنوياً، مؤكداً العمل على إعادة رسملته وتحسين جودة البوالص، لا سيما في مجال التأمين على الحياة، وإصلاح العلاقة بينه وبين القطاع الصحي لمعالجة مشكلات مثل التضخم الصحي وارتفاع الأسعار.
وبشأن هيئة الرقابة على الضمان، أعلن أنه أعاد تفعيل دورها، كما تم تعيين المجلس الوطني للضمان الذي بدأ اجتماعاته الشهرية بدور استشاري واستراتيجي وصحي.
وأشار إلى أن قانون المنافسة أساسي، وأن الوزارة ملتزمة بتنفيذه لمكافحة الاحتكار والتهريب والمنافسة غير الشرعية، مؤكداً أن لا إنتاج من دون قطاع خاص تنافسي.
وبخصوص الاتفاقات التجارية السابقة مع دول أوروبا والدول العربية، قال إن العمل بها ما زال قائماً، لكنها قديمة وغير مطبقة بشكل ملائم، لذلك يسعى لبنان إلى إعادة التفاوض عليها، إضافة إلى العمل على اتفاقيات مع الولايات المتحدة وآسيا واليابان وكوريا، والدخول إلى منظمة التجارة العالمية.
وذكر أن لدى لبنان 11 ملحقاً تجارياً بعلاقات دولية جيدة، وتعمل الوزارة بالتنسيق مع الخارجية والبرلمان لتأمين التمويل اللازم لهم وإلحاقهم بوزارة الاقتصاد.
وأكد الحاجة إلى إعادة هيكلة الدولة وتطوير إجراءاتها وقوانينها، مشيراً إلى تعاون وثيق بين الوزارات في حكومة نواف سلام كـ فريق عمل موحّد.
وبشأن دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، شدد على أنها تشكّل قاعدة أي رؤية اقتصادية، ويجب تشجيعها عبر التسجيل والحوافز الضريبية والاستراتيجيات القطاعية والتمويل.
وفي ما يخص ارتفاع الأسعار وتفاوتها بين المناطق، أعرب عن صدمته من الأزمة التي تفاقمت بسبب السياسة النقدية المتقشفة والتضخم الذي يبلغ 16% وضعف المنافسة وارتفاع أسعار العملات والسلع عالمياً.
وحول حماية المستهلك، قال إن الدور قائم لكنه غير كافٍ، إذ نفذت الفرق 20 ألف كشف نتج عنه نحو 1000 غرامة فقط، والغرامات ضئيلة وبالليرة اللبنانية، فيما يستغرق صدور الأحكام نحو سنة. وأكد السعي إلى رفع الغرامات والمصادرة عبر القضاء، إضافة إلى زيادة الإنتاج لضمان خفض الأسعار.
وأضاف أن الشفافية في الإعلان عن الأسعار ضرورية للمنافسة والمساءلة، مع ضرورة تطوير قواعد البيانات حول الأسعار.
وفي موضوع الأمن الغذائي، أشار إلى أن القمح والبذور أساس الاحتكار منذ انفجار مرفأ بيروت وتحول التخزين إلى القطاع الخاص. وكشف عن انتهاء دراسة استراتيجية واضحة ستُعرض خلال أسبوعين على مجلس الوزراء حول التخزين ونوعيته ومواقعه والتمويل، من بينها بناء أهراءات جديدة في طرابلس وبيروت والبقاع العام المقبل، مع التأكيد أن الأهراءات القديمة غير مهددة بالسقوط حالياً لكن تحتاج إلى معالجة بيئية.
ولفت إلى وجود لجنة برئاسته لمتابعة إبقاء الأهراءات كـ معلم تخليدي لضحايا انفجار بيروت، على أن يُدرس الشكل الهندسي وتحويل الموقع إلى مساحة تذكارية.
