"تعمل من دون كادر بشري ثابت"... مكي يكشف واقع وزارة التنمية وخططها



انطلق في حرم جامعة بيروت العربية في طرابلس مؤتمر بعنوان "تطور عالم الإنترنت والتواصل والذكاء الاجتماعي"، بدعوة من "إرادة" وجامعة بيروت العربية، وبمشاركة وزير التنمية الإدارية فادي مكي وحضور نيابي وإداري وجامعي.

بعد النشيد الوطني وكلمة ترحيبية من شيرين قصاب، تحدث رئيس اتحاد رجال الأعمال للدعم والتطوير "إرادة" لؤي ملص، فأشار إلى أن المؤتمر "يجمع نخبة من القادة والخبرات من مختلف القطاعات العامة والخاصة والأكاديمية تحت عنوان كيف يمكن تحويل التحديات إلى فرص، والأزمة إلى انطلاقة عبر التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي". واعتبر أن "قدرة لبنان على التنسيق بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي تتيح تصميم نموذج جديد للبنان قائم على المهارة والسرعة والإبداع"، داعياً إلى جعل هذه الشراكة نقطة انطلاق لإعادة تحديد الدور الوطني وتحويل الأمل إلى عمل.

من جهته، استعرض منسّق المؤتمر عبد الله الشقيق محاور اللقاء، قبل أن يقدم الوزير فادي مكي الذي عبّر عن سروره بالمشاركة في طرابلس. وقال إن المؤسسات الجامعية في المدينة، وفي مقدمتها جامعة بيروت العربية، مدعوة للعب دور ريادي، إضافة إلى الدور المحوري المنتظر لمعرض رشيد كرامي الدولي الذي يمكن أن يشكّل رافعة للشمال ولبنان عموماً.

وتحدث مكي عن واقع وزارة التنمية الإدارية، موضحاً أنها تعمل من دون كادر بشري ثابت، وأن أداءها يتحسن حين يتوفر التمويل ويتراجع عند غيابه. وأشار إلى أن الوزارة تأثرت بشدة بعد الأزمة المالية عام 2019 بسبب توقف التمويل من الجهات المانحة، إلا أن العمل عاد تدريجياً بعد استعادة الثقة، ما سمح بإطلاق مجموعة مشاريع لتحسين أداء الدولة بالتعاون مع الوزارات الأخرى ومجلس الخدمة المدنية، وبما يتماشى مع خطة تفعيل مؤسسات الدولة للعامين المقبلين.

ولفت إلى أن الوزارة تعمل حالياً على مشروع التحول الرقمي وبناء البنية التحتية اللازمة لإنشاء الدولة الرقمية وإعادة رقمنة الخدمات، بما يسمح بالاستفادة من خبرات القطاع الخاص وتمويله. وأوضح أن الوزراء اليوم يضعون السياسات الحكومية، لكن المرحلة المقبلة ستعتمد على مقاربة جديدة تقوم على إشراك أصحاب المصلحة والخبراء، خصوصاً القطاع الخاص والجامعات، في رسم السياسات والإشراف والرقابة.

وأضاف مكي أن الوزارة تعمل أيضاً على مكافحة الفساد وإعداد الاستراتيجية الوطنية المُحدثة للفترة المقبلة، مع إصدار تقارير سنوية لمتابعة التقدّم. وأشار إلى أن الحكومة، بالتعاون مع وزارة التنمية الإدارية، نجحت في تعيين عدد كبير من موظفي الفئة الأولى، وأن العمل مستمر لملء المزيد من الشواغر بالتعاون مع مجلس الخدمة المدنية. وذكر أن التطبيقات الحكومية التي أُطلقت مؤخراً شهدت مشاركة واسعة، معظمها من داخل لبنان، مع طلبات واردة من دول عربية وأوروبية، لافتاً إلى أن نسبة ملحوظة من المتقدمين من فئة الشباب والنساء.

وأكد أن المرحلة المقبلة ستشهد المزيد من التعيينات وإعادة بناء الإدارات العامة، مشيراً إلى أن خطة إعادة التكوين تنقسم إلى مراحل عدة وتتطلّب الاستماع إلى مختلف شرائح المجتمع. وكشف أنه جرى تنظيم لقاءات واسعة في طرابلس والشمال والكورة وعكار ومع رؤساء بلديات واتحادات، إضافة إلى نحو سبعين طاولة مستديرة شملت أكثر من ألف وسبعمئة مشارك من مختلف الفئات، بهدف صياغة "عقد اجتماعي جديد" يربط المواطن بالإدارة العامة.

وأضاف أن الخطوة الأولى تتمثل في تنظيم العلاقة بين المواطن والإدارة العامة، أما المرحلة الثانية فتحتاج إلى تعاون مباشر مع الهيئات الرقابية ووزارة المالية لإعادة تقييم مفهوم الإدارة والخدمة العامة. وذكّر بأن آخر عملية تنظيم شاملة للإدارات الحكومية جرت في أواخر خمسينات القرن الماضي وبداية الستينات خلال عهد الرئيس فؤاد شهاب، حين تولى خاتشيك بابكيان وزارة التنمية الإدارية، مشيراً إلى أن لبنان لم يجرِ منذ ذلك الوقت أي عملية إعادة هيكلة كاملة.

وأوضح أن الحاجة اليوم ملحّة لإعادة النظر بالهيكلة والحوكمة وتحديد المهام قبل ملء الشواغر، وأن العمل سيجري على مرحلتين: الأولى تقييم الوضع الحالي ومعرفة عدد الإدارات والمؤسسات والموارد البشرية مع الاستفادة من التجارب الإصلاحية الحديثة في دول مثل الإمارات والسعودية وقطر؛ والثانية إجراء مسح شامل للوظائف بهدف تحديد الاحتياجات بدقة واستقطاب الطاقات، مؤكداً أن الإدارات تعمل حالياً "باللحم الحي" بسبب الشغور، وأن تحديثها أصبح ضرورة.