*تصعيد بري ضد الحكومة ومحاولة افتعال أزمة انتخابية*
مع أن زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لبيروت شكّلت حدثاً مفصلياً في مسار العلاقات اللبنانية السورية، فإنها لم تحجب الاستغراب حيال انضمام رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى “حزب الله” في حملاته ضد رئيس الحكومة نواف سلام. فقد جاءت انتقادات بري للحكومة حول تقصيرها في الاهتمام بالجنوب كمحاولة لشدّ العصب الشعبي قبل الانتخابات، رغم تعطيله جلسات المجلس النيابي الخاصة بقانون الانتخاب. وتوقّعت الأوساط السياسية أن يؤدي هذا السلوك إلى تفاقم الأزمة الانتخابية وإلى مواجهة سياسية مفتوحة بين بري وسلام.
⸻
*تعليق عمل المجلس الأعلى اللبناني – السوري وبداية مسار دبلوماسي جديد*
أبرز ما سبق وصول الوزير السوري إلى بيروت كان قرار دمشق تعليق عمل المجلس الأعلى اللبناني – السوري، وحصر المراسلات بالطرق الدبلوماسية الرسمية. هذا القرار عُدّ مؤشراً على نية “سوريا الجديدة” اعتماد علاقات أكثر رسمية مع لبنان وفتح صفحة مختلفة عن مرحلة الوصاية السابقة، بما يرمز إلى تحول في آلية التعاطي بين الدولتين.
⸻
*الملفات الأساسية في زيارة الشيباني إلى بيروت*
تركّزت محادثات الوزير السوري على ملفات حساسة أبرزها: السجناء والموقوفون، ترسيم وضبط الحدود البرية، وتفعيل القنوات الدبلوماسية، إلى جانب التعاون الاقتصادي. اللافت أنّ الوفد السوري تجنّب لقاء نبيه بري بحجة أن الزيارة تقنية، فيما وجّه الوزير دعوة رسمية إلى رئيس الجمهورية جوزف عون لزيارة دمشق، ما عكس تفضيلاً للتواصل الرئاسي التنفيذي بعيداً عن الاصطفافات السياسية.
⸻
*موقف الرئيس جوزف عون: تعاون مشروط بالاحترام المتبادل*
أكد الرئيس عون خلال لقائه الوزير الشيباني أنّ لبنان يتطلع إلى تطوير العلاقات مع سوريا على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، داعياً إلى تشكيل لجان مشتركة لمراجعة الاتفاقيات السابقة. كما شدّد على ضرورة تفعيل العلاقات الدبلوماسية بعد تعليق عمل المجلس الأعلى، مع انتظار تعيين سفير سوري جديد في بيروت لمتابعة الملفات الثنائية.
⸻
*الرسائل السورية: طي صفحة الماضي وبناء مستقبل تعاون*
نقل الشيباني تحيات الرئيس السوري وأكد على رغبة دمشق في تصحيح الأخطاء الماضية وتعميق التعاون، خصوصاً في المجالين الاقتصادي والتجاري بعد رفع العقوبات. كما جدّد التزام بلاده بسيادة لبنان ورغبته في بناء علاقات قائمة على التعاون والسلام، داعياً إلى معالجة ملف النازحين بآلية تدريجية تضمن عودة كريمة، ضمن خطط يجري بحثها بدعم دولي.
⸻
*لقاءات رسمية مكثّفة: تفعيل التنسيق الأمني والمؤسساتي*
شملت زيارة الشيباني لقاءات رسمية متعددة في السراي الحكومي ووزارتي الخارجية والعدل، حيث التقى الرئيس نواف سلام وعدداً من الوزراء والمسؤولين الأمنيين اللبنانيين والسوريين. وتم التأكيد على التعاون بين الدولتين في الملفات الأمنية والحدودية، في إطار احترام سيادة كل طرف.
⸻
* زيارة الشيباني إلى السراي الحكومي ومواقف الجانبين اللبناني والسوري*
شكّلت زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى السراي الحكومي محطة أساسية في جولته البيروتية، حيث التقى رئيس الحكومة نواف سلام بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري ووزراء العدل والخارجية وعدد من أعضاء الوفد السوري. وأكد الرئيس سلام خلال الاجتماع حرص لبنان على بناء علاقات سليمة ومتوازنة مع سوريا، تقوم على قاعدة التعاون بين دولتين مستقلتين تربطهما الجغرافيا والتاريخ المشترك، مشدداً على أنّ الانفتاح والحوار الصادق هما السبيل الوحيد لترسيخ الاستقرار في البلدين والمنطقة.
من جهته، أعرب الوزير الشيباني عن تقدير بلاده لموقف لبنان الداعم للسلام والاستقرار، مؤكداً أنّ “سوريا الجديدة” تتجه نحو مرحلة من الانفتاح والتعاون بعد تجاوز سنوات الحرب والعقوبات. وعبّر عن استعداد دمشق لمناقشة جميع الملفات العالقة، سواء الاقتصادية أو الأمنية، بروح الشراكة والاحترام المتبادل. كما أشار إلى أنّ حلّ قضية النازحين السوريين سيتم تدريجاً وبشكل كريم، بدعم دولي يضمن العودة المستدامة، شاكراً لبنان على احتضانه الطويل للنازحين
⸻
*السجال السياسي الداخلي: القوات اللبنانية تردّ على بري*
في موازاة الزيارة السورية، تصاعد السجال الداخلي بين رئيس الحكومة نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وقد ردّت “القوات اللبنانية” على انتقادات بري، متهمة “البعض” بالمسؤولية عن تدمير الجنوب من خلال قرار خوض “حرب الإسناد” عام 2023، لا الحكومة الحالية. واعتبرت أنّ إعادة الإعمار تتطلّب تمويلاً دولياً لا يمكن تأمينه ما دامت الدولة لا تحتكر قرار الحرب والسلاح.
⸻
سجال الموازنة واحتكار القرار النيابي*
أثار تصريح بري حول موازنة عام 2026 استغراباً واسعاً بعد قوله إن الموازنة “لن تمرّ” من دون بند واضح لإعادة الإعمار، إذ رأت الأوساط السياسية أنّ هذا الموقف يناقض مبدأ استقلال المجلس النيابي وحقّ الأكثرية في اتخاذ القرار، ما زاد من توتر العلاقة بين رئاسة المجلس ورئاسة الحكومة عشية الاستحقاقات الدستورية