جاهدة وهبي… حين تتحوّل الأنغام إلى قصيدة والقصائد إلى صلاة



جوسلين جريس _ الاشرفية نيوز

في قلب طرابلس الفيحاء، حيث تنبض الحجارة بتاريخها وتتنفس الأرواح جمالها، تحوّل المساء إلى لوحة من نور وصوت وشعر. هناك، لبّت نخبة من الإعلاميين دعوة الشاعرة والإعلامية ماجدة داغر إلى رحلة ثقافية جمعت ما بين عبق التاريخ ورهافة الفن، بدأت من معرض رشيد كرامي الدولي، حيث استُقبل الحضور بجولة تعريفية أضاءت على تاريخ المكان وهندسته التي تشهد على ذاكرة مدينة عريقة.

لكن الذروة كانت في الأمسية التي حملت عنوان "أنغام وقصائد"، حيث أطلّت الفنانة جاهدة وهبي، سيدة الحضور ورفيقة الحرف، بصوتها الذي يقطف من السماء نغمةً، ومن الأرض معنى. ترافقها الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرقية وكورال القسم الشرقي في الكونسرفتوار، تحت إشراف المايسترو أندريه الحاج، وبرعاية رئيس مجلس إدارة المعرض الدكتور هاني الشعراني، وحضور رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى – الكونسرفتوار، المؤلفة الموسيقية هبة القواس، إلى جانب وجوه اجتماعية وثقافية وإعلامية راقية.

على الخشبة، أهدت وهبي الحاضرين رحلة بين الذاكرة والوجدان. بصوتها الشجي غنّت "سكن الليل" لفيروز، فارتفعت الهمسات في القاعة كأنها صلاة من جمال، ثم تبعتها أغنيات خالدة مثل "رح حلفك بالغصن يا عصفور" و"رجعوني عينيك"، قبل أن تسافر بالجمهور في قصائدها الخاصة التي تلامس الوطن والإنسان.
بلغت الذروة حين أنشدت من روح أبي القاسم الشابي "إذا الشعب يوماً أراد الحياة"، لتختتم الأمسية بـ "إنت عمري"، فتُسدل الستارة على مشهدٍ من السحر الصافي، حيث امتزجت القصيدة بالنغمة، والكلمة بالعاطفة، والفن بالوطن.

في تلك الليلة، لم تكن طرابلس مجرد مدينة... كانت نغمة تُعزَف، وقصيدة تُتلى على لسان جاهدة وهبي، التي جعلت من كل أنفاسها صلاة للفن والجمال.

تصوير خالد عياد