لبنان ..واقع السّلطة كما هو


د. ليون سيوفي 
باحث وكاتب سياسي 

لبنان اليوم على مفترقٍ خطير. رئيس الحكومة رغم قوّة منصبه يواجه منظومةً شرسةً تتحكّم بالقرار من وراء السّتار.
 ماجرى من اتّصالاتٍ بين بعبدا وحزب الله وعين التّينة ليست تصالحاً، بل مجرّد ترقيعٍ يُتيح لكلّ طرفٍ حماية مصالحه.
ألحقيقة المرّة أنّ كلّ القوى السّياسية تلعب على الوقت، بعبدا تحمي العهد وتحافظ على نفوذها السّياسي...

حزب الله يحمي قواعده الدّاخلية ويراقب ما يمكن الضّغط عليه أو استعادته ويوازن نفوذه الإقليمي...

عين التّينة توازن بين رفض بعض السّياسات والحفاظ على مواقعها في القرار السّياسي وتراقب وتضغط من البرلمان لتأمين مواقعها.

رئيس الحكومة  في قلب هذا الصّراع، مسؤولٌ عن إدارة الدّولة، لكنّه مُقيّدٌ بالضّغوط الدّاخلية والخارجية معاً. 
أيّ قرارٍ يُتّخذ، مهما بدا سيادياً، لا يمكن أن يخرج عن إطار هذه المعادلة...لا سيادة كاملة بلا تسوية، ولا تسوية بدون تنازلاتٍ مستمرّة.

ألسّيناريوهات واضحةٌ، تسويةٌ مؤقتة، تهدئةٌ على الورق، مع استمرار احتفاظ كلّ طرفٍ بورق الضّغط في يده.
مراوحةٌ قاتلة، تقدّمٌ شكلّيٌّ بلا نتائج ملموسة، بينما يزداد ضغط الشّعب والمعيشة اليومية.

أيّ خطأ كبير قد يدفع لبنان إلى فوضى سياسيةٍ واقتصاديةٍ وحتّى ممكن إلى انفجارٍ داخليٍّ لن يكون فيها أحد بمنأى عن التّداعيات.

ألواقع أنّ لبنان لن ينهض ما لم تُوضع سيادة الدّولة فوق كلّ اعتبار، وأن يدرك الجميع أنّ استمرار المنظومة الحالية لن يُنقذ إلا مصالحها الضّيّقة، بينما المواطن يدفع الثّمن كالعادة والانهيار سيقع على رؤوس المواطنين ..