"في شي أكبر من القانون"... أب وأمّه يحوّلان حلم الأمومة إلى كابوس: ليليان شعيتو ضحية عدالة "انتقائية"!



"ليبانون ديبايت" - حسن عجمي

من جديد، تعود قضية ليليان شعيتو إلى واجهة الرأي العام، لتكشف حجم الظلم الذي يمكن أن تتعرّض له امرأة في لبنان، حتى وهي ضحية واحدة من أكبر المآسي التي شهدها الوطن.

ضحية انفجار بيروت… وضحية حرمان الأمومة

في الرابع من آب 2020، خرجت ليليان شعيتو من منزلها لشراء هدية عيد ميلاد لزوجها، قبل أن يهزّ انفجار مرفأ بيروت العاصمة ويحوّلها إلى ضحية إصابة خطيرة في الرأس، دخلت على إثرها في غيبوبة طويلة. وبعد أشهر من المعاناة والعلاج، استفاقت لتكتشف أن ابنها الصغير علي أصبح بعيدًا عنها، بعدما حرمها زوجها وعائلته، وبالتحديد جدته، من رؤيته، متحدّين حقوقها كأم وقرارات المحاكم اللبنانية.

المستجدات: تعنّت الأب وتدخّل جهات حزبية

بحسب معلومات لـ "ليبانون ديبايت"، تكشف المستجدات الأخيرة عن إصرار الأب وأمّه على منع ليليان من رؤية طفلها، رغم قرارات صادرة عن القضاء الشرعي منذ عام 2021 تقضي بتمكينها من لقائه 7 ساعات أسبوعيًا كل يوم جمعة. ورغم أن الحكم مجحف بحقها، قبلت به عائلتها على مبدأ "الكحل ولا العمى".

المحامية فاطمة زعرور، التي تسلّمت الملف منذ عشرة أيام، أوضحت عبر "ليبانون ديبايت" أنها باشرت اتصالات واسعة شملت المعارف الحزبية "من رأس الهرم حتى المستويات الوسطى"، وتلقت دعمًا واضحًا لحق ليليان في رؤية ابنها.

لكن الواقع بقي على حاله، حيث تمرد الأب ووالدته على قرارات القضاء وإرادة هذه الجهات، مستخدمين حججًا واهية وصلت إلى حد وصف الأم بأنها "بلا دماغ"، في إساءة مباشرة لكرامتها وإنسانيتها.

المشهد الذي أبكى الجميع

في ذكرى 4 آب الأخيرة، سعت المحامية لترتيب لقاء بين ليليان وطفلها، لكنها واجهت رفضًا من الزوج. انتشر فيديو مؤثر يظهر ليليان وهي تنفجر بالبكاء بعد إبلاغها بأنها لن تتمكن من رؤية طفلها، حتى عبر اتصال فيديو.

وأصدر المفتي بيانًا تضامنيًا مع ليليان، بحسب زعرور، وحاول مع الجدة سهى مغنية، التي يقيم الطفل معها، إقناعها بالسماح للأم برؤيته. لكن الجدة كانت تبرر تارةً بأن الطفل مريض، وتارةً بأنها لا تعرف مكانه، ما اعتبرته المحامية أمرًا بالغ الخطورة ويثير الشبهات حول سلامة الطفل.

وأضافت المحامية أن "المفتي أظهر تضامنًا واسعًا، خاصة بعد مصالحة حصلت في العام 2023، لكنها كانت مجرد محاولة لإلهاء الرأي العام من قبل طرف الأب وعائلته".

شبكة نفوذ وعجز قانوني

المعطيات تشير إلى أن الأب، حسن حدرج، موجود في أفريقيا، فيما الطفل مقيم في لبنان مع جدته، التي ترفض تنفيذ الأحكام القضائية وتخفي القاصر عن والدته. هذه الأفعال تمثّل جرمًا مضاعفًا: الامتناع عن تنفيذ قرار قضائي وإخفاء طفل قاصر.

وشدّدت على أن "هناك شيئًا أكبر من القانون" يعيق المسار، في إشارة واضحة إلى نفوذ وحماية يتجاوزان المسار القضائي.

معركة عدالة مفتوحة

لم تعد قضية ليليان شعيتو نزاعًا عائليًا فحسب، بل تحوّلت إلى مرآة لخلل عميق في تطبيق القانون في لبنان. حين يتمكّن أفراد من تحدي قرارات المحاكم وضرب حقوق إنسانية أساسية عرض الحائط، يبقى السؤال: من يحمي الضعفاء في هذا البلد؟

القانون الذي لا يُطبّق على الجميع بالتساوي لا يستحق الاحترام. ومنع أم مصابة، ضحية انفجار كارثي، من احتضان طفلها هو جريمة أخلاقية قبل أن تكون قانونية. واستمرار هذا التعنت يشكّل إدانة صريحة لمؤسسات الدولة، التي تبدو عاجزة أمام سطوة النفوذ العائلي والحزبي.

ليليان شعيتو اليوم رمز لكل أم حُرمت من أطفالها ظلمًا. معركتها لم تعد فقط لاستعادة حقها في رؤية ابنها، بل لإثبات أن العدالة في لبنان لا يجب أن تكون انتقائية. ومع كل يوم يمر، تتأكد الإشكالية الكبرى: في بلد يعلو فيه صوت النفوذ على صوت القانون، متى ينتصر الحق على القوة؟