في كازينو لبنان : كتابٌ وُلد من النور ... وصرخةُ فكرٍ من قلب الظلام .. نيكول طعمة وغسان حنا يوقّعان "الحياد الإيجابي الناشط والسياسات الدفاعية" في حفلٍ تخطّى حدود الأبصار
Achrafieh News 📰
في كازينو لبنان: كتابٌ وُلد من النور... وصرخةُ فكرٍ من قلب الظلام
نيكول طعمة وغسان حنا يوقّعان "الحياد الإيجابي الناشط والسياسات الدفاعية" في حفلٍ استثنائي تخطّى حدود الأبصار
جوسلين جريس _ الاشرفية نيوز
في مشهدٍ ثقافيّ نادر، يشبه ضوء شمعة تتحدى عتمة الوطن، احتضن الصالون الأدبي والثقافي في كازينو لبنان – مطعم "لا مارتينغال" – حفل توقيع كتاب "الحياد الإيجابي الناشط والسياسات الدفاعية"، للصحافية نيكول طعمة والدكتور غسان حنا، بحضور سياسي ونقابي وثقافي لافت. لكن ما ميّز هذا الحفل لم يكن الحضور، ولا حتى مضمون الكتاب فقط، بل الكاتبان نفسهما... كائنان من نور، صاغا من فقدان البصر بصيرةً أعمق من أن تُرى.
نيكول وغسان، اللذان لم تقف العتمة البصرية يومًا عائقًا أمام رؤيتهما، قدّما عملًا فكريًا يختزن عمقًا استثنائيًا، ورسالة سيادية تنبع من قناعة صلبة بأن لبنان لا يُبنى إلا بالفكر الحر والإرادة الواضحة. كتابُهما ليس اجترارًا لأفكار معلبة، بل ولادة رؤية – صاغاها بكلمات من روح، ورسّخاها بمواقف من ضمير.
بافتتاح مؤثّر قدّمته العريفة آية يونس، انطلق الاحتفال ليحمل نكهة أدبية وسياسية وإنسانية نادرة. "نحتفل بولادة كتاب أراد أن يكون أكثر من صفحات"، قالت، وعبّرت عن جوهر الحفل: مشروع وطني، أبطاله عيون تبصر من الداخل، ترى باليقين، وتكتب بالنبض.
من جهتها، تحدثت المسؤولة الإعلامية في كازينو لبنان رنا وهبي، مرحبة بـ"هذه المحطة الأدبية البحثية الجديدة"، ومؤكدة أن "كازينو لبنان هو مساحة ثقافية مشرعة للمبدعين، وليس فقط ملتقى لصالات الميسر". وأضافت: "اليوم نضيء مع نيكول وغسان شمعة، ننزع بها عن هذا الوطن عباءة الحزن، ونغزل منها فرحًا يليق بالأرز".
الكلمات التي تتابعت من النواب رازي الحاج ، ملحم خلف وسليم الخوري، ونقيب المحررين جوزيف القصيفي، ورئيس بلدية وادي بعنقودين المحامي داني بولس، حملت إجماعًا على عمق الطرح الوطني الذي قدمه الكتاب، ولكنها أيضًا توقفت عند الإنسانَين خلف هذا المشروع. "هما الضوء في زمن العتمة"، قال بولس، مشيدًا بـ"بصيرة لا تحتاج إلى نظر، بل إلى إيمان كي تُبصر".
الدكتور مازن عبود وصف الكتاب بأنه "خريطة طريق لعقلنة مفهوم الحياد"، وطرح أسئلة وجودية وسيادية تقفز من صفحات المؤلفَين إلى قلب الأزمة اللبنانية، داعيًا إلى أن يكون هذا المشروع بداية لمسار تغيير حقيقي، يواكب الداخل بدل الارتهان للخارج.
في كلمتها المؤثرة، قالت الصحافية نيكول طعمة:
"لم نأتِ لنضيف كتابًا إلى رفوف مكتباتنا، بل لنطلق فكرة نابضة بالحياة، تملك القدرة على إعادة رسم وجه لبنان وهويته. هذا المشروع ليس حلمًا معلقًا، بل مفتاح لفرص، ورافعة للاقتصاد، ومصدر رجاء. نخط توقيعًا على صفحات كتاب، ونرسم عهدًا أخلاقيًا نتركه للأجيال المقبلة: لبنان حر، منيع، مزدهر."
ولم تنسَ أن توجه شكرها لأمّها، "النور الذي عوّضها الله به عن البصر"، ولشريكها في الفكر الدكتور غسان، الذي منحها الثقة لصياغة هذا العمل النادر.
أما الدكتور غسان حنا، فألقى كلمة أشبه بمرافعة وطنية في وجه العجز والانقسام، وقال:
"الحياد الإيجابي الناشط هو استراتيجية سيادية متقدمة، تحمي الداخل من التصدع، وتبعد لبنان عن شظايا الحروب. هو ليس انسحابًا، بل تموضع حر، يحصر السلاح بيد الدولة، ويبني دولة مواطنة وعدالة وكفاءة".
نيكول وغسان، ليسا مجرّد كاتبين. إنهما نموذج ملهم بأن من يرى بقلبه لا يحتاج إلى عينين ليفهم وطنه. ولأن الرؤية لا تُقاس بالبصر، بل بالبصيرة، فإن توقيعهما المشترك هو أكثر من حدث ثقافي: هو فعل إيمان بأن لبنان لا يزال يستحق، ولا يزال قادرًا، عندما ينهض الفكر، وتُمسك الإرادة بالقلم، بدلًا من أن تمسك السلاح.
في زمن يسوده الضجيج، وقّع شخصان حرّان كتابًا بصمت الرؤية. صمتٌ أكثر بلاغة من ألف صوت.