أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، اليوم الخميس، في كلمة ألقاها من وزارة الدفاع بمناسبة عيد الجيش، أن قَسَمه العسكري منذ أربعين عاماً لا يزال حياً فيه، كما أن قسمه أمام اللبنانيين قبل ثمانية أشهر "لا رجوع عنه"، موجهاً تحية للعسكريين: "لكم كل الشكر والجميل، وفاءً لتضحياتكم، لطهر دمائكم، لصلوات الأمهات وقلق الآباء".
وأضاف: "لأني أعرف معنى التضحية وقدسية الشهادة، أدرك أن شعباً يستحق الحياة لا يترك شهداءه يسقطون مرتين، مرة في الدفاع عنه، ومرة في النسيان أو الإنكار أو المساومة".
وأشار عون إلى أن كل شهيد قاتل وقاوم من أجل لبنان هو ذخر في بناء وطن مستقل، مزدهر، عصري، يحتضن شعبه وينفتح على العالم، مؤكداً أن الوفاء لتضحيات الشهداء يفرض وقف الموت والدمار والانتحار، خاصة عندما تصبح الحروب عبثية لمصالح الآخرين.
وتابع، "أيها الجيش الأبيّ، في عيدك افتخر، لأن لا مؤسسة يجمع عليها اللبنانيون أكثر من الجيش، ولا مؤسسة صمدت بوجه الفساد والضيق وقدمت تضحيات مثل الجيش".
واعتبر أن الجيش هو "نسيج مصغّر عن الشعب اللبناني بأبهى صوره"، وأنه ربّاه على حب الوطن دون اجتزاء، وحب الشعب دون شعبوية، وحب الله دون طائفية. وأكد أن واجبه كقائد أعلى هو الحفاظ على هيبة الجيش وكرامته وقوته، حمايةً لسيادة لبنان ووحدة شعبه وسلامة أراضيه.
ودعا إلى التأكيد على حصرية السلاح بيد الجيش والقوى الأمنية فقط، على كل الأراضي اللبنانية، قائلاً: "هذا واجبنا جميعاً، اليوم قبل غد، لاستعادة ثقة العالم بدولتنا، ولمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية والإرهاب المتطرف".
وأشار إلى أن إسرائيل انتهكت السيادة آلاف المرات وقتلت مئات المواطنين منذ إعلان وقف إطلاق النار في تشرين الثاني 2024، ورفضت الانسحاب من الأراضي التي احتلتها وإطلاق سراح الأسرى، ومنعت الأهالي من العودة إلى قراهم.
وأشاد بصمود الجيش إلى جانب الأهالي، وخصوصاً بدور الشهيد المقدم محمد فرحات الذي واجه المحتل ببطولة واستشهد في غارة إسرائيلية، مؤكداً أن الجيش نفذ مهماته بتطبيق وقف النار بالتنسيق مع اللجنة العسكرية الخماسية، رغم قلة الإمكانات، وواصل بسط سلطته على منطقة جنوب الليطاني.
وكشف رئيس الجمهورية عن مفاوضات باشَرها مع الجانب الأميركي، بالاتفاق الكامل مع رئيس الحكومة نواف سلام والتنسيق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتهدف إلى تنفيذ إعلان وقف إطلاق النار الذي أقرّته الحكومة السابقة بالإجماع.
وأوضح أن الورقة الأميركية خضعت لتعديلات جوهرية ستُعرض على مجلس الوزراء مطلع الأسبوع المقبل، وتتضمن النقاط الآتية:
وقف فوري للأعمال العدائية الإسرائيلية، بما فيها الاغتيالات.
انسحاب إسرائيل خلف الحدود المعترف بها دوليًا، وإطلاق سراح الأسرى.
بسط سلطة الدولة وسحب سلاح كل القوى المسلحة، ومن ضمنها حزب الله، وتسليمه للجيش.
تأمين دعم سنوي بمليار دولار لعشر سنوات للجيش والقوى الأمنية من الدول الصديقة.
عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار لبنان في الخريف المقبل.
ترسيم الحدود مع سوريا بوساطة أميركية وفرنسية وسعودية وأممية.
حلّ أزمة النازحين السوريين.
مكافحة التهريب والمخدرات ودعم الزراعة والصناعة البديلة.
وأضاف أن هذه البنود تُمثّل فرصة لبناء استقرار دائم واستعادة أراضي لبنان، وإعادة الناس إلى منازلهم، وترسيخ دور الدولة والجيش في آن معاً، داعياً إلى إنهاء "رهانات الماضي وأوهام أن المقاومة قد تكون خارج الدولة".
ووجّه عون نداء إلى القوى التي واجهت العدوان قائلاً: "ليكن رهانكم على الدولة فقط، لا تضيّعوا التضحيات، ولا تقدموا الذرائع لاستمرار الحرب. وأنتم أشرف من أن تخاطروا بمشروع بناء الدولة".
وأكد أن دعوته إلى حصرية السلاح "لا تمسّ أحداً بل هي لضمان السيادة وتحرير ما تبقى من أراضٍ محتلة"، وختم بالقول: "لا أضمن من سلاح الجيش بوجه العدوان. فلنحتمِ جميعاً خلف الجيش، لأن قيادته هي الأضمن وولاءه هو الأمتن".
رئيس الجمهورية جوزاف عون عيد الجيش لبنان إسرائيل وقف إطلاق النار نواف سلام نبيه بري حزب الله