القرار بـ "فرم" قوى التغيير في هذه المنطقة … قد اتُّخذ



لن يكون في العاصمة تكرار لتجربة “بيروت مدينتي” التي شهدتها انتخابات 2016، هذا ما تجمع عليه الأحزاب المختلفة في العاصمة.

ما تكشفه المعلومات حول تركيب اللوائح الانتخابية يشير إلى تحالف حزبي واسع في بيروت، يجمع بين قوى متناقضة، إذ تتشارك في لائحة واحدة كل من الكتائب، الحزب التقدمي الاشتراكي، الجماعة الإسلامية، الأحباش، النائب فؤاد مخزومي، حركة أمل، التيار الوطني الحر، وحزب الله (من خلال تجيير الأصوات)، مقابل محاولات جادة من قوى التغيير لتشكيل لائحة منافسة. ولم يُعرف بعد ما إذا كانت القوات اللبنانية ستنضم إلى هذا السباق، أو أين ستستقر خيارات المصرفي أنطون الصحناوي في هذا المشهد المعقّد.

وتشير المعطيات أيضاً إلى أن تيار المستقبل قد انقطع عن التواصل مع الجهات الانتخابية في العاصمة، في وقت اقتصر فيه الحضور السني على رئيس جمعية “بيروت للتنمية”، أحمد الهاشمية، الذي يبدو أنه أدرك مسبقاً أن التيار لن يكون قادراً على الخروج من دائرة الحظر، وبالتالي لن يشارك في الانتخابات. لذلك، يُعوَّل عليه لتأمين الحضور “المستقبلي”، كما حصل في انتخابات 2022 النيابية.

لكن هذا لا يرضي الشارع السني، الذي يشعر أنه بات خارج المعادلة الانتخابية المنظمة، ويُستَدرج كأفراد لا كقوة مؤثرة، ما يفتح الباب أمام قوى أخرى للاستفادة من هذا الفراغ، مثل الوزير السابق محمد شقير، والرئيس الأسبق للحكومة فؤاد السنيورة، فضلاً عن تنامي فرص النائب فؤاد مخزومي، الذي يبدو داخلًا بقوة في السباق الانتخابي.


أما القوات اللبنانية، فتبدو وكأنها تنكفئ عن المشهد بقصد الإبقاء على حالة الإرباك، في حين يتفرغ النائب نديم الجميل للنقاش الانتخابي باسم حزب الكتائب، دون أن يظهر اعتراضاً على التحالف مع حزب الله، ولو بشكل غير مباشر.

اللافت هذا العام هو أن الطائفة الشيعية ستكون في قلب المشهد، إذ تشير المعلومات إلى اتفاق بين حركة أمل وحزب الله على ألا يشارك الأخير في الترشّح، بل يكتفي بتجيير الأصوات، على غرار ما حصل في انتخابات 2016. لكن المفارقة أن عين التينة تطالب هذه المرة بتسمية المرشحين الشيعة الثلاثة في المجلس البلدي (المكوّن من 24 عضواً)، وهو ما يعدّ تجاوزاً للأعراف السابقة، حيث كانت تسمي عضواً واحداً فقط، ويُترك الخيار للمرشحين الآخرين للعائلات البيروتية الشيعية، بينما كان المرشح الثالث يُسمّى من قبل “بيت الوسط” وتحديداً الرئيس الأسبق سعد الحريري.

إذاً، الهدف الرئيسي للقوى التقليدية هو إزاحة “عسكر التغيير” من التأثير البلدي، وتجاوز ما حدث في 2016. هذا ما تدركه قوى التغيير جيداً، لكنها تخشاه أيضاً، خاصة مع ما تمرّ به من تراجع وتذبذب، وسط دعوات لتأجيل الانتخابات البلدية بضعة أشهر، تحت شعار “حماية المناصفة في بيروت”.