اخبار الصحف اليوم


النهار


في الدوائر المقفلة في "حزب الله"، يترسخ استنتاج فحواه أن الإطلالات الثلاث لرموزه الأساسيين في الأيام الأخيرة، أعطت "ثمارها المرجوة" إن لجهة توجيه الرسائل إلى من يعنيهم الأمر داخليا وخارجيا، أو لناحية رسم حدود التعامل المستقبلي مع المشهد الداخلي.

 

المصادر ذات الصلة بالحزب لا تولي أهمية كبرى لقول البعض إن هذا الحراك المكثف لرموز الحزب إنما هو "أداء دفاعي وقائي" بات الحزب مجبرا في الآونة الأخيرة على توسله، ولاسيما بعدما أكثر خصومه من محاصرته إثر خروجه من مواجهته مع الإسرائيليين مهزوما ومستنزف القوى، فانتهت مرحلة "عزه ومجده وتنمره".

 

ولا تخفي تلك المصادر أن الحزب كان في الأسابيع الأربعة التي تلت وقف النار في الجنوب، في حال انكفاء نسبي عن الحراك والكلام تمثل في إطلالات مقننة ومدروسة لبعض نوابه وأحد وزيريه، من باب إثبات الحضور. لكن التطورات والمحطات المفصلية الأخيرة أوجبت التحرك، ولاسيما منها تلك المتمثلة في اقتراب موعد جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، وقرب انتهاء مهلة الستين يوما المحددة في اتفاق وقف النار بأنها المهلة الأخيرة لانسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب، وأنها استطرادا الموعد المبدئي لبدء مهلة التطبيق الفعلي والنهائي لمندرجات القرار 1701 المعزز.

 

وعليه، أتت الإطلالات الثلاث مندرجة في سياق واحد عنوانه تكثيف الحضور والحراك والإضاءة على التوجهات المستقبلية للحزب.

 

لذا كان لكل إطلالة مغزاها. فإطلالة الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، كانت موجهة إلى الأميركيين والإسرائيليين ولجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف الأعمال الحربية، وهي رسالة كان مفروضا على الحزب إشهارها، ومؤداها أن عدم التزام تل أبيب سحب قواتها المتمددة في الجنوب، وفق ما نص عليه الاتفاق، يسمح للحزب باللجوء إلى "خيارات معينة"، خصوصا أنه مارس ما يكفي من الصبر والعضّ على الجراح، وهو يرصد الخروق الإسرائيلية اليومية التي تحولت إلى اعتداءات موصوفة.

 


وتذكر المصادر إياها أن الحزب تحدث للمرة الأولى عن خيارات وضعها في حساباته وأنه مستعد للعمل بها في حال تمادي إسرائيل في كلامها على "تمديد مهلة الانسحاب الموعودة"، وهو ما يعني تأجيلا للانسحاب من الجنوب.

 

وتعمّد رئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد أن تكون إطلالته الأولى بعد احتجاب استمر أكثر من شهرين، من منبر عين التينة، بمثابة رسالة يراد منها أولا إظهار تماسك الثنائي الشيعي بعد ورود حديث عن تباعد الرؤى بين قطبيه، وثانيا أن هذا التماسك ممتد في المرحلة المقبلة ولم تنته مفاعيله وضروراته بعد، وخصوصا أن ثمة من يعدّ نفسه لاستضعاف هذا الثنائي وحرمانه "مميزات كانت تعطى له بقوة حضوره".

 

أما إطلالة رئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، وهو الذي يعطى له أمر الظهور عندما يجد الحزب ضرورة وحاجة إلى "مخاشنة " خصومه، فقد تركزت على أمر أساسي اختصره صفا بلسانه عندما قال ما معناه: لا تجرّبونا، فنحن لا نزال اقوياء بما يكفي، وفي مقدورنا أن نرد على من يتعمد أذيتنا ومحاصرتنا تحت ذريعة أننا في موقع الخسارة والوهن".

 

واللافت أن الحزب أعطى معنى أبعد لكلام صفا عندما قال الذين اعتادوا التعبير عما يدور في رأسه، إن كلامه على فيتو الحزب الوحيد على جعجع قد استهدف إطاحة آمال رئيس حزب "القوات اللبنانية" إلى سدة الرئاسة الأولى.

 

وبالإجمال، فالحزب أراد من خلال هذه الإطلالات أن يقدم البرهان على أن الضربات الصاعقة التي تلقاها لن تجعله يخسر موقعه في اللعبة الداخلية، بدليل أن في استطاعته الاعتراض.