الدكتور جيلبير المجبِّرْ
إن الخوف على المصير لدينا في هذا الظرف العصيب لا يقل أهمية عما كان عليه أثناء الفراغ الرئاسي ، وأسباب هذا القلق المستمر تعود إلى شعورنا بأن عددا من القضايا الكبرى التي تهدد مستقبلنا الوطني لا تزال عالقة بدون حلول جذرية وفي مقدم هذه القضايا : قضية تشكيل حكومة العهد الأولى والتي تشكل المدخل الصحيح لتحقيق السلام والوفاق والتوازن وإستعادة الدولة سلطتها على كامل ترابها الوطني وثقة المواطنين بها . إستفحال الأزمة الإقتصادية – المالية – الإجتماعية وعجز من سيتولون الحقائب الوزارية عن حلها وهذا الأمر سيفاقم الأزمات وعلى مختلف الصعد وسيزيد من هجرة أبنائنا والتي تسببت في إفراغ البلاد من معظم قواها الشابة ،ونرى ساسة الأمر الواقع يتناطحون على مصادرة الوزارات وكأنها ملكا لهم.
تتصاعد الأخطار على لبنان نتيجة تنكر رجال السياسة عندنا لمبدأ تداول السلطة ولتنكرهم للمبادىء الديمقراطية التي ينطلق منها النظام السياسي اللبناني ، إضافة إلى عرقلة مهام كل من الرئيس المنتخب والرئيس المكلف بتقديم الأسماء للتوزير وكأن الوزارات هي حكر لهذا الفريق أو ذاك . إضافة إلى مجمل نواب الأمة يتغيّبون عن أي جلسة حوار ندعوا إليها حول قضايا أساسية تشكل الركائز الأساسية للتعاقد السياسي الديمقراطي في ظل تجميد هؤلاء النواب لآليات إستعادة النظام الديمقراطي .
من هنا أرض الغربة نطالب السلطة المؤتمنة على الدستور إلى العمل على تنفيذ أحكامه وإستعادة السيادة الوطنية كاملة من خلال تطبيق مندرجات قانون الدفاع الوطني ، ولا سيما لجهة إعادة نشر الجيش اللبناني وسائر القوى اللبنانين الشرعية على كامل التراب الوطني من دون مسوغات تتنكر للدستور ولما ورد في وثيقة الوفاق الوطني لناحية حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية.
إنّ كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف مطالبان بحماية الديمقراطية وتفعيلها على قاعدة أن الشعب هو مصدر السلطات وذلك بتأمين إستقلالية القضاء وإحترام حقوق الإنسان ووضع قانون إنتخاب جديد يؤمن صحة التمثيل ، إضافة إلى صون الحريات العامة والفردية والحد من تدخل الأجهزة في المجالات كافة .
إننا نلح على فخامة رئيس البلاد والرئيس المكلف ضرورة التسريع في عملية تشكيل الحكومة العتيدة نظرا لتفاقم الأزمة العامة خصوصا على الصعد الخطيرة ومن أهمها الأزمات الأمنية التي أفضت إلى إنتشار السلاح الغير شرعي في مختلف الأراضي اللبنانية وقيام المربعات الأمنية التي تتنافى والدستور ، إزدياد حدة الأزمة الإجتماعية – الإقتصادية – المالية بشكل خطير في ظل غياب الرؤية الموحدة والشفافية في المعالجات ، والأمر المؤسف أننا نقرأ أن ساسة الأمر الواقع وبكل وقاحة يُطالبون بتوزير أنصارهم في الحقائب الوزارية الخدماتية .
إننا نلح على فخامة رئيس البلاد والرئيس المكلف ضبط السلطات الأمنية ومنعها من التدخل في شؤون المواطنين تحت حجة المحافظة على السلم الأهلي ، بينما هذه الأجهزة لا تقوم بعملها الروتيني لناحية ضبط أوضاع المهربين والمسلحين وتجارة الأسلحة والسرقات ، وهي تتمادى في الضغط على المواطنين من أجل منعهم من التعاطي الديمقراطي في العمل السياسي اللبناني تحت سقف القانون ...
من أرض الغربة أتوجه لفخامة الرئيس ولدولة الرئيس المكلف إلى عقد طاولة حوار مع المجموعات الأكاديمية المستقلة وإشراكها في عملية تشكيل الحكومة لأن الحوار وفق وجهة نظرنا مع أي أكاديمي هو وسيلة مهمة لنهوض الدولة وحكومتها ورأب الصدع بينها وبين المجتمع المدني ، وعلى كلا الرئيسين تعميق الروابط بين الأكاديميين ومستشاريهم وتصحيح العلاقة السياسية مع كل رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء... كلي أمل أن فخامة الرئيس ودولة الرئيس المكلف سيتلفقون دعوتنا للحوار وترجمتها.