الدكتور جيلبير المجبر
المسيحيون في لبنان اليوم يواجهون أزمة حقيقية، أزمة وجودية قد تكون عواقبها وخيمة إذا استمروا في هذه الحالة من التشتت والانقسام الداخلي. البلاد التي شهدت مسيرتهم التاريخية، باتت اليوم مهددة بفقدان هذا الدور الحيوي في ظل الانقسامات السياسية والدينية التي يواجهونها. ما كان يُفترض أن يكون قوة للتأثير والإصلاح أصبح مجرد حالة من الضعف والعجز.
الانقسامات الداخلية، التي تتفاقم يومًا بعد يوم، قد تقتطع من قوة المسيحيين في لبنان. على الرغم من تاريخ طويل من الوجود المشترك، نجد اليوم تباينًا حادًا بين مختلف القوى المسيحية، مما يهدد بتفتيت هذه الجماعة الأساسية في الوطن. وكلما طال هذا الوضع، زادت المخاطر المحدقة بمستقبلهم، إذ يتقلص دورهم وتغيب رؤيتهم الجماعية في مواجهة التحديات.
إضافة إلى ذلك، يبدو أن التبعية لقادة سياسيين وروحيين غير قادرين على تجميع الصفوف أو تقديم رؤية موحدة أصبح عاملاً أساسيًا في هذا التدهور. الأرتهان لهذه القيادات، التي تركز أكثر على مصالحها الخاصة على حساب مصالح الجماعة، يعمق الأزمة ويؤدي إلى تفشي الفوضى والضياع.
اليوم، على المسيحيين في لبنان أن يقرروا: إما أن يتحركوا بسرعة لإعادة ترتيب صفوفهم، أو سيواجهون خطرًا وجوديًا حقيقيًا في وطنهم. الحل ليس في السكون أو انتظار معجزات، بل في اتخاذ خطوات واضحة نحو الوحدة والعمل المشترك. يجب أن يتحركوا قبل أن تقتلعهم الأزمة من جذورهم وتطيح بكل ما تم بناؤه على مر السنين.
المسيحيون في لبنان بحاجة إلى قيادات حقيقية تتجاوز المصالح الضيقة، وتقودهم نحو المستقبل، بدلاً من أن يستمروا في أن يكونوا رهائن للانقسامات والمصالح الشخصية. الوقت ليس في صالحهم، وإذا استمروا في هذا الاتجاه، فإن مستقبلهم في لبنان قد يكون في خطر شديد.