الحكومة تقترب لجهة صدور مراسيم تأليفها من قصر بعبدا، وتوقيع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون والرئيس المكلف تشكيلها القاضي نواف سلام عليها، بعد اطلاع رئيس المجلس النيابي نبيه بري على التشكيلة في القصر الجمهوري.
وكشفت مصادر سياسية رفيعة لـ «الأنباء» عن أن الولادة الحكومية متوقعة قريبا، وكحد أقصى غدا الخميس، على رغم نقل وزير سابق ونائب حالي عن الرئيس نواف سلام قول الأخير انه لا يزال «يضع البازل» الخاص بالتشكيل.
وأشارت المصادر إلى «بلوغ الأمور مرحلة إسقاط الأسماء على الحقائب. وان أسماء عدة تتبدل، وأخرى ثابتة بينها الوزير السابق ياسين جابر لحقيبة المال وحنين السيد لحقيبة الشؤون الاجتماعية وفايز رسامني لحقيبة الأشغال».
وتحدثت عن توافق مع «الثنائي» المؤلف من حركة «أمل» و«حزب الله»، قوامه عدم النيل من صفتهما التمثيلية للطائفة الشيعية بعد نيلهما 27 مقعدا نيابيا من 27 كاملة مخصصة للطائفة في البرلمان في الانتخابات النيابية الأخيرة (2022)، وتاليا نيله الحصة الوزارية الكاملة في الحكومة.
وكشفت عن تمثيل حزب «الكتائب» و«تيار المردة» بحقيبة لكل منهما، على أن تنال «القوات اللبنانية» أربع حقائب، بينها اثنتان أساسيتان (ترجيح لحقيبتي الطاقة والاتصالات)، وأخرى خدماتية وحقيبة عادية. في حين يتوقع ان يحصل «التيار الوطني الحر» على حقيبتين، والطائفة الأرمنية على حقيبة الشباب والرياضة.
وركزت المصادر على حرص رئيس الجمهورية على إشراك المكونات السياسية كلها في الحكومة. وقالت إن مشروعه الرئيسي إصلاح البنية الإدارية، وتكريس طريقة عمل جديدة في المؤسسات، قوامها إنجاز حلول ناجعة ونهائية للملفات العالقة، «في استنساخ لتجربته في المؤسسة العسكرية التي تخطت العقود الأربعة، وخصوصا في فترة قيادته للجيش منذ 2017 حيث كان ينجز المهام بالكامل».
لكن الرئيس المكلف نواف سلام كتب على منصة «اكس»: «تعليقا على كل ما يتردد في الإعلام حول تشكيل الحكومة لجهة موعد إعلانها والاسماء والحقائب، يهمني ان أؤكد مجددا، انني أواصل مشاوراتي لتشكيل حكومة تكون على قدر تطلعات اللبنانيات واللبنانيين وتلبي الحاجة الملحة للإصلاح، ولن أتراجع عن المعايير والمبادئ التي أعلنتها سابقا. كما أعود وأؤكد ان كل ما يتردد عار من الصحة، وفيه الكثير من الشائعات والتكهنات يهدف بعضها إلى اثارة البلبلة، فلا أسماء ولا حقائب نهائية. اما بالنسبة إلى موعد اعلان التشكيلة فإنني أعمل بشكل متواصل لإنجازها».
وكانت تطورات الأيام الأخيرة على الحدود الجنوبية انعكست على الواقع الداخلي لجهة الدفع نحو تشكيل الحكومة لمواجهة التحديات المقبلة. وفي هذا الإطار، قال مصدر مطلع لـ «الأنباء»: «وصلت عملية التشكيل إلى المربع الأخير، بعدما تمت معالجة معظم العراقيل أمام الرئيس المكلف القاضي نواف سلام. وتراجع عدد الحقائب التي لاتزال موضع نقاش»، مشيرا إلى أن توزيع عدد الحقائب على الأطراف السياسية «هو القضية المحورية التي تستغرق الكثير من البحث، في محاولة لتدوير الزوايا وتوزيع الحصص وفقا لعدد النواب لدى الكتل النيابية، خصوصا الكتل الوازنة التي تطالب بحقائب أساسية».
من جهه ثانية، أرخت المواجهات التي حصلت في الجنوب بظلها الثقيل على الوضع السياسي الداخلي. وشددت معظم الأطراف على ضرورة الفصل بين مواجهة الاحتلال التي تشكل إجماعا وطنيا بضرورة تحقيق الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية وفقا للاتفاقات الدولية والقرار 1701، وبين عدم استخدام هذا الأمر في القضايا الوطنية الداخلية، أو تحويله عامل استقواء لصالح فريق ضد آخر. وفي ذلك إشارة إلى مواكب من الدراجات النارية، شكلت استفزازا للأهالي القاطنين في عدد من المناطق (بيروت وجبل لبنان)، والذين دعموا بقوة وإجماع ما جرى يوم الأحد الماضي من تحرير الأهالي لبلداتهم في الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي.
كما صدرت في سياق متصل، استنكارات من جهات سياسية وحزبية ونقابية، أدانت الاعتداء على إعلاميين أثناء تأدية مهامهم في الجنوب.
ودعت المصادر «إلى ضرورة التعاون من قبل جميع الأطراف لتسهيل انطلاقة العهد لفتح الملفات العديدة، وفي مقدمها الإصلاح وإعادة الإعمار، حيث ترتأي الدول الداعمة للبنان وخصوصا اللجنة الخماسية الدولية - العربية، عدم التدخل المباشر في القضايا الخلافية. وتفضل معالجتها من قبل اللبنانيين أنفسهم، وتكتفي بتقديم النصيحة والمساعدة. وفي هذا الإطار نشطت في الفترة الأخيرة حركة سفراء أعضاء الخماسية في هذا المجال».
في المواقف، قال رئيس الجمهورية العماد جوزف عون أمام وفد من النيابة العامة المالية برئاسة القاضي علي ابراهيم: «محاربة الفساد مهمة أساسية في عهدي. وعندما يقول القضاء كلمته فستكون كلمة الفصل». وأضاف: «أنا الدرع الأول لكم ودوركم أساسي في مكافحة الفساد، فلا تخضعوا لأي ضغوطات أو تدخلات من أي جهة أتت».
وتابع رئيس الجمهورية اتصالاته ولقاءاته بهدف معالجة الأوضاع في الجنوب. والتقى في هذا الإطار، سفير فرنسا في لبنان هيرفيه ماغرو، وتداول معه في التطورات الجنوبية الراهنة، مركزا على وجوب الضغط على إسرائيل للتقيّد باتفاق وقف إطلاق النار خلال الفترة التي تنتهي في 18 فبراير المقبل.
كما التقى عون السفيرة الاميركية ليزا جونسون.
توازيا، بقي الوضع الجنوبي في واجهة الاهتمام مع تمديد المهلة المتعلقة بوقف إطلاق النار حتى 18 فبراير المقبل. وشدد لبنان على ضرورة قيام لجنة الإشراف على الاتفاق بمسؤوليتها في منع جيش الاحتلال الإسرائيلي من هدم ما تبقى من منازل في القرى الحدودية، وان ينحصر عمله في الكشف عن بنى تحتية عسكرية بتدخل وإشراف من القوات الدولية، خصوصا أن الواقع الميداني في البلدات التي أخلاها الاحتلال وانتشر فيها الجيش اللبناني، اظهر عمليات تدمير ممنهج بهدف تحويل هذه البلدات إلى منطقة غير صالحة للسكن لسنوات عدة، بحيث تفرض المنطقة العازلة في شكل غير مباشر.
كما أن الجانب اللبناني طالب بالالتزام من قبل لجنة الإشراف على الانسحاب الإسرائيلي في المهلة الجديدة وعدم اللجوء إلى المماطلة، تحت طائلة اعتبار وقف إطلاق النار غير قابل للصمود، وقد يسقط معه القرار 1701. كذلك رفض لبنان بأي شكل من الأشكال بقاء الجيش الاسرائيلي في أي موقع حدودي كما تخطط إسرائيل، لجهة استحداث مراكز على الحدود للمراقبة، لأن هذا الأمر من صلب مهمة القوات الدولية ولجنة الإشراف على وقف إطلاق النار.