اخبار الصحف اليوم


تزامناً مع التوجه الذي دفع به "حزب الله" الأهالي إلى الجنوب يحملون أعلاماً له على نحو يكشف أنهم مناصروه من أجل مواجهة عدم انسحاب الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يزال يقيم في قرى حدودية، أعلنت السلطات الجديدة في سوريا أن الإدارة العامة لأمن الحدود ضبطت شحنة من الأسلحة المتجهة إلى "حزب الله" اللبناني على الحدود السورية اللبنانية، عبر طرق التهريب على الحدود السورية اللبنانية من خلال مدينة سرغايا بريف دمشق.

 

ويستوقف الخبر في حد ذاته الاهتمام، ولكن أيضاً تحديد السلطات السورية "حزب الله" باعتباره الجهة المستفيدة من ذلك. وأرفقت البيان بصورة للأسلحة المضبوطة والتي ضمت بنادق وذخيرة، وقواذف صاروخية محمولة. وهذه كانت المرة الثانية التي تعلن فيها هذه السلطات عن وقف تهريب أسلحة إلى الحزب بعدما كانت أعلنت أن مديرية الأمن العام في محافظة طرطوس السورية أوقفت في 17 الشهر الجاري عملية تهريب أسلحة كانت تنقل إلى لبنان عبر معابر غير شرعية، ومصادرة الأسلحة والصواريخ قبيل دخولها الأراضي اللبنانية. أحد أبرز الاستخلاصات من ذلك أن إيران وبواسطة الشبكات التي خلفتها في سوريا والتي لا يزال النظام الإيراني يؤكد وجودها ودعوتها للتحرك للتصدي للسلطات الجديدة في سوريا ، توجه رسالة واضحة في اتجاهين محتملين أحدهما أنها لم تتراجع عن دعم وكلائها في المنطقة وهي لا تزال فاعلة أو ناشطة على هذا الخط تأكيداً في الأساس لما تستمر في إعلانه عن استمرار "المقاومة " كما تقول . والاتجاه الآخر أن الشبكات الموجودة في سوريا لم تنته أو تنهار بسقوط نظام بشار الأسد . ولكن المقابل لذلك من خلال ضبط السلطة الجديدة في سوريا ذلك يوجه رسالة قوية عن إمساك هذه السلطة بالأرض وقدرتها على ضبط الحدود ومنع عودة النهج الذي كان معتمداً إبان عهد بشار الأسد أو آل الأسد ما يعني التأكيد على مواصلة تثبيت الضربة القاصمة لإيران في سوريا . يضاف إلى ذلك الرسالة الاهم إلى "حزب الله" وفي حمأة سعيه إلى تأكيد جهوزيته في مواصلة "المقاومة" أن لا إمدادات محتملة إليه في حال مخاطرته باستنفاد ما تبقى له من أسلحة في لبنان. وهذا الأداء السوري يفترض أنه يترجم عملانياً الاتجاهات الفعلية للسلطات الجديدة في سوريا بالفعل وليس بالقول فحسب، فيما يمكن أن ينال حظوة إضافية من الدول العربية والغربية على حد سواء لا سيما إذا كان يمكن أن تدرج ذلك في إطار ضبط الحدود مع لبنان ما يسهل على الأخير تنفيذ التزامه القرار 1701 وسائر القرارات الدولية التي تؤكد سيادة الدولة اللبنانية على كل أراضيها . وبهذا المعنى أيضاً يشكل ذلك ضغطاً بقوة مماثلة على لبنان الرسمي وحكومته الجديدة من أجل القيام بذلك فيما أن السلطة الجديدة في سوريا تكتسب صدقية حتى إزاء إسرائيل من حيث طمأنة هذه الأخيرة أنها لن تسهل عبور ما قد يعيد المخاطر السابقة إلى الواجهة ، ما قد يساعد هذه السلطة لاحقاً من ضمان انسحاب إسرائيل من الأراضي التي توغلت فيها في سوريا أخيراً بعد سقوط نظام بشار الأسد والعودة على الأقل إلى التزام قواعد الاشتباك في الجولان . 



وساهمت التطورات الأخيرة في الجنوب في تحييد الاهتمام عن هذه الأخبار من سوريا فيما أن وطأتها جسيمة على الحزب من زاويتين على الأقل: الأولى أن لا مجال لتطوير علاقة عمل بين الحزب والسلطة الجديدة في سوريا تمهد أو تساهم في استعادة طريق إمداد "حزب الله" بالأسلحة في سوريا. وهذا يرد على نحو مباشر على ما كان أدلى به الأمين العام للحزب نعيم قاسم في 14 كانون الأول الماضي من استعداده لاستعادة خطوط الإمداد الأرضية التي أقر بخسارتها من إيران عبر سوريا بدعم من السلطة الجديدة في سوريا . والزاوية الأخرى التي لا تقل أهمية في دلالاتها لا سيما إزاء خطاب الانتصار والقدرة على استمرار "المقاومة " من الحزب الذي يرفده المرشد الإيراني بخطاب مماثل داعم لذلك ، هي أن لا إسناد محتملاً من الخلف في حال خيار الحزب المواجهة ، ما يعني أنه سيكون وحده من دون أي ظهير قريب عملي، فيما إيران بعيدة وعاجزة عن إمداده بما يحتاج إليه . ما يتعين عليه أن يبني حساباته الجديدة على هذا الأساس فيما أن الواقع بات يشي بضيق الهامش والخيارات