Achrafieh News 📰
د. ليون سيوفي
باحث وكاتب سياسي
ألخوف من حربٍ أهليّةٍ جديدةٍ في لبنان ليس جديدًا، ولكنه يتزايد في ظلّ الظّروف الراهنة التي تجمع بين الانهيار الاقتصادي، الاحتقان السّياسي، والتوترات الطّائفية.
مع ذلك وحتى الآن، يبدو أنّ هناك إدراكٌ واسعٌ لدى اللبنانيين، بعد التجربة المأساوية السّابقة، بأنّ الحرب الأهلية ليست خيارًا مطروحًا
لكن هذا لا يعني أننا بمنأى عن الخطر خاصةً من الابتزازات التي حصلت مؤخرا ً ...
هناك عوامل تجعل الوضع هشًا وقابلاً للانفجار ، إنعدام الثقة في المؤسّسات والدولة شبه غائبة، مما يفتح المجال أمام قوى أخرى لتعبئة الفراغ.
ألأزمة الاقتصادية قد تفتح الشهية لأمراء الحرب. ألفقر والبطالة يدفعان الناس إلى الحافة، ما يجعلهم أكثر عرضة للاستقطاب.
ألخطاب التحريضي يزداد، خاصّةً مع التنافس بين الزعماء والأطراف الإقليمية.
لبنان كان دائمًا ساحةً لتصفية الحسابات الإقليمية، وهذا يزيد من خطر التّصعيد.
وما حصل في سوريا وانهيار الدولة العلوية لن يمرّ مرور الكرام في لبنان كون البلد مقسوم طائفياً ..
لكنّ الأمل موجود رغم هذه الظروف، ويبدو أنّ اللبنانيين عمومًا يرفضون العودة إلى الحرب الأهلية. هناك وعي متزايد بأنّ الحرب لن تخدم سوى مصالح الزعماء الذين يحكمون البلاد على حساب الناس.
ألرفض الشعبي للحرب هو عاملٌ قويٌ ومهمٌّ جدًا، لكنّه وحده قد لا يكون كافيًا لتجنّبها إذا لم ترافقه عوامل أخرى تُحصّن البلد من الانزلاق نحو الفوضى. تاريخ لبنان يُظهر أنّ التوترات يمكن أن تتراكم بشكلٍ صامتٍ ثم تنفجر فجأةً، خاصةً إذا استمر غياب الدولة، وتعميق الأزمة الاقتصادية، واستمرار الخطاب التحريضي.
ألمخاطر لا تزال قائمةً وغياب القيادة الحكيمة على مستوى الدولة يمكن أن يؤدّي إلى فوضى.
أيّ حادثةٍ أمنيةٍ كبيرةٍ قد تشعل فتيل التوترات الطائفية أو المناطقية.
إذا استمرّ الانهيار الاقتصادي، فإنّ اليأس قد يدفع البعض إلى خياراتٍ عنيفةٍ.
ألكرة اليوم في ملعب الشعب والقيادات الواعية القليلة التي بقيت في البلد.
ألضغط الشّعبي السّلمي والتحركات المنظّمة ضدّ الفساد والطائفية يمكن أن يكونا سدًّا منيعًا أمام الانزلاق نحو الحرب.
ألاقتصاد هو مفتاح الاستقرار، يجب التركيز على وضع خطّة إنقاذٍ اقتصاديةٍ تُخفّف من معاناة الناس وتعيد بناء الثقة، كما يجب محاربة الفساد المالي واستعادة الأموال المنهوبة.
لبنان بحاجةٍ إلى تغييرٍ جذريٍّ في نظامه السياسي القائم على الطائفية، يجب الدفع نحو نظامٍ قائمٍ على المواطنة والكفاءة بدلًا من المحاصصة الطائفية.
ألشعب اللبناني أثبت أنّه يملك الوعي والإرادة عند الحاجة، لكن ما ينقصه هو قيادة واعية ونزيهة تأخذ بيده.
هذا يتطلّب إرادةً شعبيةً قويةً، ولكن أيضًا دعمًا من القوى السياسية الجديدة بدءًا من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف اللّذين يؤمنان حقًا بالتغيير.