النهار
في سؤال وجهه البعض الى سياسي مطلع حول الزيارة المرتقبة لوفد سعودي الى لبنان برئاسة وزير الخارجية فيصل بن فرحان والتي تكتسب دلالات كبيرة في هذا التوقيت الذي يستبق انتخاب مفترض لرئيس الجمهورية في 9 كانون الثاني، أحال السياسي سائليه الى ما خص به مجلس التعاون الخليجي لبنان في جلسته الأخيرة التي عقدها في الكويت في 26 الشهر الجاري والتي خصصت للوضع في كل من سوريا ولبنان. مجلس التعاون خلص الى موقف خليجي مهم يعبر عن اهتمام متجدد في ما يتعلق بالوضع في كل من سوريا ولبنان ويعد بمثابة خارطة طريق موجودة ومرتقبة في كل منهما.
ولم يحظ مضمون الموقف الخليجي بالاهتمام الكافي في ظل ارتباك داخلي مضمر ازاء الخلل في تنفيذ اتفاق وقف النار مع اسرائيل من جهة وارتباك اكبر ازاء تنفيذ التعهدات التي قطعت للدول الخارجية بانتخاب رئيس للجمهورية فور وقف النار في ظل عدم الاستعداد للقيام بالتنازلات المطلوبة او اجراء المراجعة الداخلية لا سيما من جانب " حزب الله" والثنائي الشيعي" من جهة أخرى
يعكس تخصيص مجلس التعاون الخليجي رغبة في اعادة احتضان سوريا ولبنان وعدم تفويت الفرصة التي اتيحت بتغيير الوقائع والديناميات في البلدين . فكما أن الفرصة كبيرة أمام سوريا ولبنان ، كل من جهته، لاعادة تكوين المؤسسات على اسس جديدة مغايرة عن ضغوط اقليمية مؤثرة علّقت امكانات النمو والازدهار لمصلحة اهداف ومصالح عسكرية لا علاقة للشعب السوري او الشعب اللبناني بها، فان الفرصة كبيرة ايضا امام الدول العربية والخليجية تحديداً لتوظيف التغييرات الكبيرة التي حصلت في اتجاه استعادة البلدين الى الحاضنة العربية مجددا بعدما كان ادى النفوذ الايراني المتمكن عبر ميليشياته من خطف قدرات البلدين بعيدا من الدول العربية التي آثرت التريث والابتعاد وتركت البلدين لمصيرهما . وبمقدار ما تثقل الفرصة الجديدة التي اتيحت على القوى السياسية في لبنان والسلطة الجديدة في سوريا، فهي تثقل كذلك على الدول الخليجية في شكل خاص من اجل التقاط اللحظة التاريخية لا سيما قبيل اعادة تشكيل السلطة في لبنان وكذلك في سوريا للمساعدة في بلورة السبل السليمة والمقبولة للمستقبل .
وفيما يصعب ان تجد اي خارطة طريق اميركية او اوروبية قبولا للاعتبارات المعروفة على رغم وحدة الموقف العربي والغربي من مسائل وفي مقاربات عدة ، يختلف الوضع الى حد كبير مع " ارشادات " وخارطة طريق تقدمها الدول العربية الخليجية التي تمتلك من ضمن ما تمتلك من صداقات ونفوذ سياسية ، القدرات التي يحتاجها كل من لبنان وسوريا للنهوض مجددا فيما ان الغرب يعتمد على هذه الدول الخليجية ايضا في هذه المهمة وتعتمد عليها كليا للعب هذا الدور ، تماما على غرار الدور الانساني الكبير الذي قامت به هذه الدول على صعيد تقديم مساعدات الاغاثة ابان الحرب الاسرائيلية على لبنان والتي لم تتوقف رغم الاستهدافات الاسرائيلية لبيروت او للمناطق اللبنانية.
أن يخلع لبنان ثوب الحرب في اتجاه اغتنام فرصة النهوض فذلك يفترض اتباع خارطة طريق كانت معروفة بعناوينها الكبيرة قبل الحرب واكتسبت ابعادا جديدة وتثبيتا اكبر بعد نتائجها الكارثية علما انها غيرت الدينامية السياسية الداخلية على نحو كبير . اذ اكد مجلس التعاون جملة نقاط تتعلق ب"دعم سيادة لبنان وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه، وأهمية تنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية هيكلية شاملة تضمن تغلب لبنان على أزمته السياسية والاقتصادية، وعدم تحوله إلى نقطة انطلاق للإرهاب وتهريب المخدرات وكافة الأنشطة التي تهدد أمن واستقرار المنطقة، مشدداً على أهمية دور القوات المسلحة اللبنانية وقوات الأمن الداخلي، وضرورة الالتزام باتفاق وقف النار في لبنان، مديناً استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، ضرورة تطبيق قرارات مجلس الأمن بشأن لبنان، خاصة القرار 1701، واتفاق الطائف، لاستعادة الأمن والاستقرار الدائم في لبنان، وضمان احترام سلامة أراضيه واستقلاله السياسي وسيادته داخل حدوده المعترف بها دولياً وبسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية. كما اكد دعم جهود المجموعة الخماسية بشأن لبنان، اى إجراء الانتخابات الرئاسية في أقرب وقت ممكن وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لوفاء الحكومة اللبنانية بمسؤولياتها تجاه مواطنيها، مشيداً بجهود أصدقاء وشركاء لبنان في استعادة وتعزيز الثقة والتعاون بين لبنان ودول مجلس التعاون، ودعمهم لدور الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي في حفظ أمن لبنان.
الفرصة التي يوفرها الاحتضان الغربي والعربي راهنا للانطلاق في اعادة بناء الدولة في غاية الاهمية فيما ان "حزب الله" كان اجهض الاحتضان الغربي السابق لانهاء الحرب خلال العام الماضي ودفع الثمن باهظا جدا هو كما ساهم في تدفيعه للبنان كذلك . يعول البعض على الحاجة الماسة لرئيس مجلس النواب نبيه بري لاعادة وضع الاسس لاعمار الجنوب مجددا وقراه التي دمرت في الحرب الاخيرة. قد تفتح الزيارات المرتقبة الفرصة للتعاون على هذا الصعيد في مدة الايام الفاصلة عن موعد انتخاب رئيس الجمهورية . ويعتبر البعض ان جوهر الامور يكمن في ما سيحصل من مشاورات ومبادلات خلال ذلك