عفوا ولا ذرّة ضمير عندكم

 


الدكتور جيلبير المجبِّرْ


إستوقفني اليوم موقف لأحـد المسؤولين اللبنانيين بأنه "عاتب على الدولة اللبنانية " ، وهو على ما أظن ويظن أغلبية الشعب اللبناني وقادة العالم أنه جزء لا يتجزأ من هذه المنظومة السياسية التي تحكم لبنان بالبطش وسرقة الأمانات وأحدثت خطرًا فادحًا على السيادة الوطنية ... هل مبرّر ما قاله هذا الزعيم ؟ كلا إنه يُكذب كما تجري العادة ويحتال على القوانين علمًا أنه يجب أن يكون الحامي والضامن للقوانين ... حقا إللي إستحوا ماتوا .

عجيب أمر هؤلاء الساسة وهو أحدهم ( علمانيين + روحيين ) يدّعون أنهم يحكمون بموجب الدستور والقانون ويدّعون أنهم يتصرفون بالمنطق والعقل والحكمة وبالمنهجية السياسية الفكرية ، والأنكى يدّعون الإحتكام إلى العقل والفكر البنّاء والفكر المتجرد من المصالح الخاصة ، ويدّعون أنهم يُناقشون بفكر منطقي علمي موضوعي يستند إلى القوانين والشرائع الدولية ولكن علميا إنهم يتصرفون "كالبجم " ، وعذرا على توصيفي هذا لكن هذه هي حقيقتهم ... شعب مُشرّد ، سيادة منتهكة ، عدو يضرب بلا هوادة ، يقصف أحياءً سكنية صرفة بحجة " تخزنون السلاح بين الأماكن السكنية " ولم أرى واحدا من المسؤولين كلّف نفسه وطالب بلجنة تحقيق دولية "على كعبها " لضرب حجج هذا العدو المتعطّش للدماء . 

ساسة يّدعون حماية الشعب والمحافظة على حقوقه ، يدّعون الدفاع عن "القضية الفلسطينية " وهي حتما ماتت على أيديهم ، يدّعون الصرامة في المواقف وهم لاهون عنها وبعيدون كل البُعد عنها همهم التبعية والإرتهان والكذب والرياء وبيع المواقف وإدعاء البطولات الوهمية . أين هم من الصرامة في الوطنية ؟ أين هم من النقد البنّاء ؟ أين هم من موضوع الشعب المُشرّد نتيجة قراراتهم العبثية ؟ لم يرف لهم جفن عمّا يحصل في ضاحية بيروت وما أسفرت عنه من أعمال وحشية !

زرت صباح اليوم صديق لي لبناني النهج والنضال وصاحب فكر عملاق في الدفاع عن القضية اللبنانية والتي باتت منسية ويا للأسف من الجميع ( علمانيين + رجال دين ) وهو ذاك الشاب الذي ضحّى بمستقبله وبشبابه وأصيبَ لعدة مرات والأخيرة كانت كالضربة القاضية ، وها هو اليوم يجلس على كرسي نقّال نتيجة الإصابة ، وما من أحد من المسؤولين القابعين على عروش الذل والعار والسرقة يُكلف نفسه السؤال عنه ، حتى ولو بواسطة الهاتف ... ما إن رآني حتى بادر بالقول " بعدك مآمن بالطقم البالي ؟ خيي ما تصدقهم هودي بيقولوا عكس ما بيعملوا ، وهودي جايين خصوصي ليدمروا إللي بيئي من الوطن وخصوصي مؤسساتو المدنيي والعسكريي ، هودي عن إسمع تصاريحن ومواقفن والمعروفي باللف والدوران ، وكل ما إسمعن وإطلع فيين ع الشاشات بتطلع بجروحي وبسأل نفسي ، لي صدقتن ؟ " إنتهى الإقتباس حبستُ دمعتي وقلت له " الله بيفرجها إتكل ع الله وخلّي إيمانك كبير بالقضية ..." جوابه كان " لو ما إيماني كبير بالقضية ما كنت شفتني به الحالي" .

مسؤولين ينقادون لشهوات سياسية غريبة عن المنطق والعلم السياسي ، يشعرون دائما بحالة الدونية ويتفلسفون علينا ويدخلوننا في آتون حروب لا نستطيع تحمل وزرها وللتأكيد ما يحصل مع النازحين من أرضي حيث يفترشون التراب للنوم وللشكوى ل الله ممارسات سياسية يعتريها الشذوذ السياسي والإنحراف الأخلاقي الديني والوطني . إنهم تركونا نتخبط في أبشع أزمة وطنية مرّت علينا منذ الإستقلال . خلقوا الأزمات التي أبعدتنا عن وطننا ، خلقوا الأزمات التي هجّرت شعبنا من بيئة إلى بيئة ، خلقوا الأزمات وسرقوا أموالنا وجنى أعمارنا ، خلقوا الأزمات لعطّلوا عمل الدولة ...

مسؤولين ( علمانيين + رجال دين ) يدّعون العفّة في السياسة والدين وإلاّ كيف يفسرون ما يحصل لنا من ويلات ، إنها من نتاجهم الفكري العاق ، شوّهوا الحقائق ، أخرجوا الأمور الوطنية من سياقها القانوني والدستوري ، شتتوا ذهن أبناء الوطن وضربوهم ببعضهم البعض ، منعوا عنا الحقيقة ، عطّلوا القضاء ، ضربوا قدسية الشهادة ، جيّروا السيادة الوطنية للغريب ، أمعنوا في لعب دور الذئب ، وهل يُلام الذئب أن يكن الراعي عدوّ الغنم ؟! ( المصد من الراعي : علماني + ديني ).

مسؤولين يتهربون من تطبيق الدستور وما تنص عليه الكتب السماوية ، يُلامسون الكفر ويُجالسونه عفوا إنهم ولا ذرة ضمير.