أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الإثنين ١٦/٠٩/٢٠٢٤


 مع ان "التنبيه" لن يكون مبكرا ، بل لعله قد يكون متأخرا ، يتعين على المكونين الأكثر تعبيرا عن حساسية خطر التوطين السوري في لبنان عدم تحويل أي تطور سلبي في مزيد من المقاربات الحكومية او الإدارية او الأمنية لهذه الكارثة الى مصدر توترات سياسية واشعال حساسيات موروثة . لم تكن "بشرى" سارة ابدا ولا مبررة باي شكل ذاك الاجراء الذي اتخذ في تسجيل تلامذة سوريين غير مسجلين شرعيا ولا يحوزون الإجراءات التي تجعلهم نازحين مسجلين شرعيا .


ولا يعقل بعد "طوفان النازحين" الذي يهدد لبنان حقيقة بتدحرجه الديموغرافي بتبديل هوية لبنان والإطاحة بكينونته ، ان تكون ثمة فسحات إضافية لإجراءات حكومية تكسب التوطين المقنع او السافر مشروعية السلطة القائمة الان وسط خلل وطني وسياسي خطير بحيث تكاد هذه السلطة تكون سلطة فريق واحد بعينه تأتمر باوامره واتجاهاته ومصالحه وارتباطاته الخارجية . ما يجري في مسائل جوهرية كمثل كارثة النازحين يفوق خطرا أي سقطة يجري التسامح معها والتسليم بها من قبل سائر القوى السياسية والمدنية والمجتمعية كمثل التسليم القاتل بإيلاء قرار الحرب والسلم ل"حزب الله" الذي اشعل منذ سنة حرب المشاغلة بلا "استئذان" الا من الدولة او الجهة الخارجية التي يرتبط بها والتي أوعزت له على الأرجح باشعال الحرب .


تبعا لذلك ، فان الغرابة المطلقة او الخطورة الكبيرة كانت لتكون في الصمت وتمرير أي اجراء من شأنه ان يعزز الاخطار الناجمة عن السياسات المحلية او الدولية المشبوهة التي ترسخ عن تعمد واضح ومكشوف ومثبت توطين النازحين السوريين في لبنان ، علما انه اذا صح ان هناك اليوم في لبنان القلة النادرة المتبقية من أمور تحظى باجماع اللبنانيين فهي تنحصر في رفض توطين النازحين السوريين ورفض جر لبنان الى حرب ماحقة لمصالح الاخرين .


ومع ذلك ، لا ترانا نخفي الخشية من توترات داخلية تنقلب علينا بتداعياتها الفورية الانية حين يتحول أي تطور سلبي الى مبعث تراشق وتساجل وتوتير للعلاقات بين قوى تمتلك حساسيات عالية وتباينات طبيعية حيال النظرة إلى أمور جوهرية ولكن ليس مبررا لها ان تخدم الذين يحلمون دوما باستثمار التوترات والفتن الداخلية لإبقاء وتمريرالواقع العبثي الذي يحكم لبنان اليوم . نعني بذلك ان موجة التوتر الذي ارتفعت بين كل من الفريقين المسيحيين الأكبرين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" من جهة والحزب التقدمي الاشتراكي من جهة مقابلة ، حتى لو امكن ادراجه في اطار تعبير حر طبيعي عن تعددية بديهية سليمة في مقاربة المسائل الجوهرية وسواها ، ليس من الحكمة اطلاقا جعله يتمادى إلى الأبعد امام كارثة النزوح التي لا تحتمل أي ترف في الاجتهادات والتبريرات وينبغي ان تتحمل الحكومة ومجلس النواب بالكامل تبعة أي انحراف او أي تساهل في زيادة أخطارها .


لسنا اليوم في زمن "اتفاق القاهرة" بما يرمز اليه من تمرير مصلحة خارجية وتشريعها ، ولا يمكن إعادة عقارب الساعة الى زمن تمرير ما يعجز لبنان عن تمريره بعد كل الكوارث التي انقضت عليه وبات أهله مهددين بان يصبحوا أقلية في وطنهم . والاهم ان التوترات الداخلية بين قوى أساسية من تكوينات متعددة سرعان ما ستفضي الى صعود إيحاءات طائفية ليست في توقيتها ومحلها . فحذار اشعال "الزخم" في حسابات المشبوهين المعروفين الذين يحلمون باحياء زمن الفتن للتغطية على المآل الذي بلغه لبنان في ظل هيمنتهم .