قبل التطورات الأخيرة للحرب مع إسرائيل، كان الطلب على تذاكر السفر إلى لبنان مرتفعاً جداً بفعل افتتاح موسم الصيف وتوافد المغتربين اللبنانيين. لكننا رغم ذلك، لم نشهد مطلع الصيف الحالي فورة بأسعار تذاكر السفر كتلك التي نشهدها اليوم، بعد تصاعد التهديدات الإسرائيلية للبنان والإيرانية لإسرائيل.
وإذا كان البعض يعزو ارتفاع أسعار تذاكر الطيران إلى ارتفاع الطلب عليها، بفعل الإقبال الكبير على مغادرة لبنان، غير أن الإقبال الكبير مطلع الصيف على السفر إلى لبنان ينفي نظرية ارتفاع الأسعار بناء على ارتفاع الطلب، ويفضح استغلالاً منقطع النظير للهاربين من الحرب.
ولا شك أن هناك عوامل عديدة تساهم بشكل أو بآخر بارتفاع أسعار تذاكر الطيران، منها تقريب مواعيد الحجوزات أو تغيير وجهات السفر، بسبب عدم توافر رحلات إلى كافة الدول، بعد تعليق الكثير من شركات الطيران العالمية رحلاتها إلى بيروت. ما يشكّل ضغطاً كبيراً على شركة طيران الشرق الأوسط “ميدل إيست”. لكن المستوى الذي وصلت إليه أسعار التذاكر إنما يكشف استغلالاً مباشراً للمسافرين يصل حد الابتزاز.
أسعار خيالية
وبجولة سريعة على حجوزات الطيران، رصدت “المدن” أسعاراً لم يشهدها اللبنانيون في أي ظرف كان، وقد تراوح سعر تذكرة السفر من بيروت إلى اسطنبول بين 800 دولار و2100 دولار. وهو رقم خيالي بالنسبة إلى رحلة بين لبنان وتركيا. تذكرة السفر من بيروت إلى قبرص تراوحت بين 1600 و1900 دولار، وإلى أبو ظبي تراوحت بين 1000 و1500 دولار.
كما تراوحت أسعار تذاكر السفر إلى باريس بين 2250 دولاراً و2500 دولار. وإلى كندا تجاوزت مستوى 4500 دولار لتصل إلى 7700 دولار و8000 دولار للرحلة. وتختلف الأسعار حسب تاريخ الحجز وعدد محطات الوقوف ومدة التوقف، لكنها تبقى مرتفعة جداً وتعكس استغلالاً غير “أخلاقي” للبنانيين وسواهم من الهاربين من الحرب، أو القلقين من استهداف المطار وعدم تمكّنهم لاحقاً من العودة إلى دول إقامتهم.
ويعلّق أحد المغتربين اللبنانيين من حاملي الجنسية البلجيكية ع. ن. في حديث إلى “المدن” بأنه اضطر لاختيار البقاء في لبنان رغم مخاطر الحرب إلى حين استقرار الأوضاع الأمنية وتراجع أسعار تذاكر السفر، وقال “اضطررت لتمديد إجازتي على الرغم من إخطاري من قبل السفارة بضرورة مغادرة لبنان، لكن أسعار تذاكر السفر منعتني من السفر لأنها غير منطقية وغير مقبولة، ومن المفترض أن تكلفني رحلة العودة إلى بلجيكا آلاف الدولارات على الرغم من أن الرحلة تشمل محطة وقوف في تركيا لأكثر من 24 ساعة”.
خيار ع. ن. بالبقاء في لبنان لعجزه أو ربما لرفضه سداد التكاليف الباهظة للعودة والخضوع لابتزاز شركات الطيران، يسري على العديد من المغتربين، الذين يرون بأن أسعار تذاكر الطيران في ظل ظرف دقيق كهذا يعكس جشع الشركات وانعدام حسّها بالمسؤولية، لا سيما منها الشركة الوطنية، الميدل إيست. وتقول مغتربة لبنانية قررت العودة إلى قبرص د. ز. أنها حجزت تذكرة سفر بـ1660 دولاراً. وهو سعر لم تشهده طيلة سنوات حياتها في قبرص وزياراتها المستمرة إلى لبنان على الرغم من كل الظروف التي مر بها البلد.
تعليق رحلات
وكانت العديد من شركات الطيران العالمية قد علّقت رحلاتها من وإلى بيروت، كما العديد من عواصم المنطقة، بسبب التطورات الأمنية في منطقة الشرق الأوسط، وقد ترافق ذلك مع تصاعد منسوب القلق من توسع نطاق الحرب بين لبنان وإسرئيل من جهة وبين إيران وإسرائيل من جهة أخرى، وتزايد تحذيرات الدول إلى رعاياها في لبنان ومطالبتهم بالمغادرة.
وقد علّقت الخطوط الجوية الفرنسية “إير فرانس” في وقت سابق رحلاتها إلى بيروت، إلى جانب شركات أخرى مثل لوفتهانزا وترانسافيا والخطوط الجوية الملكية الأردنية، وطيران صن إكسبرس التركي وإيه جيت التابعة للخطوط الجوية التركية، وطيران إيجه اليونانية والخطوط الجوية الإثيوبية.
أما شركة طيران الشرق الأوسط- الخطوط الجوية اللبنانية، فتستمر بتسيير الرحلات إلى مختلف الدول مع إدخال تعديلات يومية على الرحلات بما يتلاءم مع التطورات الأمنية. وفي آخر بياناتها أكدت الميدل إيست بقاء رحلاتها لليوم وغداً 7 و8 آب 2024 على مواعيدها باستثناء بعض الرحلات التي تم تعديلها، وذلك لأسباب تقنية تتعلق بتوزيع المخاطر التأمينية على الطائرات بين لبنان والخارج.
أما لجهة أسعار التذاكر عبر الميدل إيست، فمضاعفة عما كانت عليه قبل التهديدات الإسرائيلية الأخيرة، التي أعقبت عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، وأحد المسؤولين في حزب الله في ضاحية بيروت الجنوبية