أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الجمعه ٣٠/٠٨/٢٠٢٤

 

النهار 


تقطعت السبل والجسور الداخلية بين القوى السياسية والكتل النيابية اللبنانية، تقطعا قياسيا غير مسبوق في أي من حقبات الأزمات الشبيهة السابقة، منذ إسدال الستارة على مجلس النواب كهيئة ناخبة لرئيس الجمهورية والاستسلام المطلق لشل وظيفته الأساسية والحيوية هذه. وصار هذا الشلل بمثابة أمر مسلّم به بعدما تلاشت كل عواصف المطالب السياسية والدينية والتحركات النيابية المعارضة الآيلة إلى احترام الأصول الدستورية والتسليم بالتنافس الديموقراطي الطبيعي لانتخاب رئيس للجمهورية ينهي ما "سيصبح" على الأرجح أطول فراغ رئاسي في تاريخ نشأة لبنان كجمهورية، ما لم تهبط معجزة في الأشهر الطالعة.


مناسبة إثارة هذا "الملل" أن محطات سياسية داخلية ستتوالى في الساعات المقبلة، يرجح أن يعاد معها تحريك ملفات الأزمات الداخلية بما يثير الغرابة المطلقة حيال ركون الوسط السياسي للشلل المتمادي في دور مجلس النواب ووظيفته، وكأنه ملك فئوي، بل إقطاع بذاته ولا من يتمكن من خرق "أسواره" الخاصة الأشبه بملكية فردية!


سوف نسمع ونعاين في المحطات السياسية المقبلة، بدءا من مهرجان حركة "أمل" في ذكرى الأمام موسى الصدر وبعدها مهرجان "القوات اللبنانية" في ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية، النموذجين الأشد تعبيرا عن عمق الانقسام السياسي الآخذ في الاعتمال حيال ملف الحرب والسلم الذي يستأثر به "حزب الله"، والأزمة الرئاسية الناجمة عن معادلة التعطيل المتسبب بها أيضا الثنائي الشيعي. ولا ندري كم سيكون جديدا وجيدا أن تظهر معالم الانقسام العريض وتبرز إلى واجهة المشهد الداخلي، ولكن قطعا سيكون من الأفضل مئة مرة أن تخرق ستارة الصمت غير الجائز وغير المقبول حيال "مؤامرة" تغييب الأزمة الرئاسية بهذا التواطؤ المشبوه حيثما ارتسمت معالم الانقسام الداخلي حيال الأزمة وتداعياتها.


والحال أن الاقتراب من طي مدة سنتين على الأزمة الرئاسية بهذا الاستسلام للتعطيل، وسط تناسي الآثار المدمرة للفراغ الدستوري والتهاوي التصاعدي لدولة لم يبق منها سوى الهيكل المهترئ، بات ينذر واقعيا بصحة الشبهات العميقة التي ترتسم حول مخططات الجهة المعطلة لجهة إفقاد النظام ركنه الأساسي، أي رئيس الجمهورية في شكل مطلق ما دام متعذرا، بل مستحيلا بعد التجربة، فرض الرئيس الذي تريده وأرادته بقوة التعطيل ومعادلة "رئيسنا أو لا رئيس".


ثمة شهران بعد وتطوى سنتان من عمر الفراغ الرئاسي، فيما لا حكومة فاعلة بل نصف حكومة بالكاد تجمع عددا من الوزراء وليس نصفهم أيضا، بما يسقط كل تعويل سياسي على دور ما لها في تجسير العلاقات بين مكونات البلد، علما أنها محسوبة على فريق دون آخر. ومجلس النواب المتباهي بأنه الأفضل تمثيلا منذ الطائف سقط سقطته القاتلة في دور الجامع المحاور الدائم الذي يتظلل الدستور والأصول بعدما شاء المهيمنون عليه أن يتباهوا بقدرتهم على إدارة البلد برمتها من خلال الأداء المذهبي الفاقع، وليس بأي وسيلة أخرى لأنها الوسيلة الأشد تأثيرا في مكونات بيئة مريضة بالطائفية والمذهبية، فكيف مع تزاوجها مع هيمنة السلاح والأحادية في القرارت والتنمر في توظيف تغييب رئيس الجمهورية والضرب عرض الحائط بمواقف وتموضعات لسائر القوى المعارضة والمخالفة والمستقلة؟


تمضي هذه الدوامة بقوة متدحرجة بما يثير الشبهة المتعاظمة حول أهداف الدافعين والنافخين في فتنة وطنية دستورية كيانية أشد هولا من الفتنة الطائفية، ستنفجر يوما بكل مخزونها المحتقن، وكأن هذا المراد والمقصود من "إهمال" الاحتقان التصاعدي جراء السنتين الماضيتين وما تخلفانه. فمتى وكيف؟ لن نسأل