أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الجمعة ٢٣/٠٨/٢٠٢٤

 


لا ينسى اللبنانيون "الأحياء" منذ ما قبل وبعد عام 1975 أن السنة الأولى من الحرب التي نشبت في ذاك العام وتمادت 15 عاماً، ما لم نحسب "حروب" زمن السلم المزعوم ما بعد الطائف بالوكالة والأصالة، تلك السنة كادت تمر كاملة من دون "تثبيتها" رسمياً وعمومياً سنة بداية الحرب. ذلك أن التسمية المثبتة لبدايات الانفجار اللبناني – الفلسطيني الملون ببعض نكهة الحرب الأهلية اليمينية – اليسارية كانت تتركز عموماً على تعداد "الجولات" الأولى والثانية والثالثة الى ما هنالك ولكن تثبيت طابع الحرب تمادى لوقت طويل كما لو أنه إنكار ساحق لا يريد عبره اللبنانيون بغالبيتهم الاعتراف بأنهم صاروا في حفرة القدر الأسود.


لا تنسحب التجربة "حرفياً" الآن على مجريات "حرب المشاغلة" الجارية منذ يناهز 11 شهراً ستكتمل في 8 أيلول المقبل، ولكن الكثير الكثير من تلك الاستعادة تعود الى البال والواقع فيما يحار اللبنانيون، ساسة وقوى ونخباً وعامة وإعلاماً وصحافة وباحثين وخبراء ("استراتيجيين سوبر" أو عاديين)، في تصنيف أحوالهم وسط الإبحار قدماً نحو مجهولهم المتمادي. ولعل مفارقة المفارقات إطلاقاً، وفي هذا قد يكون من التعويض والثأر النفسي والمعنوي "الحلال" للتعويض على عقدة نقصنا وقهرنا من جراء قدر ظالم معتم يزج بلبنان كل رزمة سنين في "حروب الآخرين" شاء من شاء أن يعترف بالتسمية أو يتنكر لها دجلاً وتزييفاً وتبعية للخارج، أن اللبنانيين ليسوا وحدهم هذه المرة في تلك الحيرة. ذلك أن الدول نفسها والجهات المتورطة كافة في معترك حرب لا مثيل لها في تاريخ الصراع في المنطقة تبدو كاللبنانيين وأكثر في مواجهة مجهول عملاق يستحيل معه التنبؤ بأي نتائج أو خلاصات لهذه الفوضى الحربية الزاحفة على امتداد دول وإقليم برمته.


لن نقف طويلاً عند أسابيع ثلاثة منذ الاغتيال المزدوج لفؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت وإسماعيل هنية في طهران ليل 30-31 تموز الماضي والسؤال ما الذي "أخر" الرد، مزدوجاً كان أو منفرداً، لأنه ليس العامل الوحيد الذي يعكس حسابات "الدولة العميقة" في إيران وحارة حريك حيال مرحلة حربية وصراع نفوذ إقليمي، هي الأطول مع إسرائيل. ولكن ما صار يعني اللبنانيين أكثر من الغرق ضياعاً في بورصة يوميات الرصد للعمليات المتبادلة غارات وقصفاً بين إسرائيل و"حزب الله" كأنها جولات الحرب الجديدة البديلة من حرب شاملة لا يقوى عليها أيّ منهما ولا تسمح بنشوبها حسابات في عمق الأعماق مهما لعلعت نبرات "العنترة" على ضفتي "الشريط الأزرق"... ما صار الأهم للبنانيين هو التثبت الى متى ستطول حرب الاستنزاف هذه وماذا يمكن أن يتأتى عن توسعها وتمددها طويلاً الى مناطق جديدة إذا ما سقطت تماماً احتمالات الحرب الكبرى؟


يحتم هذا القلق المتعاظم أمران يزحفان معاً على المشهد الحربي: الأول أن إسرائيل و"حزب الله" يخوضان غمار توسيع "الشريط الحدودي" المنزوع من البشر والحجر والممتلكات وكل شيء وتحويله دماراً يباباً في مناطق المواجهة المباشرة في جنوب لبنان وشمال إسرائيل على امتداد عشرة كيلومترات وأكثر في جنوبي الليطاني، بما يعني معادلة شل متبادلة تكفي لإطلاق مفاوضات الحسابات الميدانية الطارئة يوماً ما. والثاني أن شريطاً حدودياً جديداً "في الأعماق" بدأ ترسيمه مع تكثيف الغارات الإسرائيلية على بعلبك والبقاع الشمالي وجولات قصف "حزب الله" للجولان وعمق الجليل. أليس هذا البديل "الملائم وطويل العمر"؟