الوضع أكثر من تشاؤمي ورئاسة الجمهورية في خبر كان!


  كتبت صحيفة "الجمهورية" تقول:

الملف الرئاسي على هامش الاولويات من الآن وحتى جلاء الصورة في المنطقة على أقل تقدير؛ يتأكّد ذلك من إخراجه كليّاً من دائرة الإهتمامات الخارجية المركّزة بكليتها نحو تطورات الحرب الاسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة، وكذلك من المشهد الداخلي المفسخ في كل مفاصله، واستحال حلبة تتصارع فيه تفاهات سياسية، هجّرت كلّ فرص التفاهم والتوافق والتعافي، وعرّته حتّى من الحدّ الأدنى من عناصر التحصين في وجه ما يتهدّده من عواصف. وها هي بحماقاتها وانقساماتها واصطفافاتها السياسية وغير السياسية، تكمل إجهازها عليه وتمعن في دفعه أكثر فأكثر إلى قعر هاوية لا قيامة منها.

 

وعلى مستوى المنطقة، الصورة في منتهى السوداوية؛ زادت في إرباكها مماطلة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي أحبطت الجهود الرامية الى بلورة صفقة تُنهي الحرب في قطاع غزة وتتمدّد تلقائياً الى جبهة الجنوب اللبناني. ووسعت دائرة الاحتمالات الكارثية التي تحوم في الأرجاء الفلسطينية، بالتزامن مع تصعيد الاعتداءات الاسرائيلية على المدنيين في قطاع غزة، وصولاً الى الجنوب اللبناني الذي يشهد منذ ايام ارتفاعاً خطيراً في وتيرة التصعيد.

داخلياً، كلّ ما هو مرتبط بالملف الرئاسي لا يمتّ إلى الجدّية بصلة، ومفتاح الانفراج المنشود ضائع خلف المتاريس السياسية، التي لا يجمعها سوى حلبة تضييع الوقت، تارةً بسجالات تكرّر اسطوانة الشروط والمواصفات والاتهامات ذاتها، وتارةً اخرى بطروحات وأفكار عنوانها العريض التعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية، فيما هي في جوهرها ترسيخ أكثر فأكثر لنهج التعطيل، وتعميق إضافي للفجوات الفاصلة بين اطراف الصراع الرئاسي.

 

من هنا، وعلى ما تستخلص «الجمهورية» من أجواء رافعي لواء الحوار والتشاور الموقت للتفاهم على مرشح او سلة مرشحين، لا تعويل على الحراكات الداخلية مهما كان نوعها او مستواها، طالما انّ الجو الداخلي مسموم بإرادة تغليب الإنقسام على التوافق. وإحباط كل المحاولات الرامية اليه.

هذا الجو المسموم على طول الحلبة السياسية وعرضها، عبّر عنه مرجع سياسي بقوله لـ«الجمهورية»: «الوضع أكثر من تشاؤمي، وأكاد أقول انّ رئاسة الجمهورية صارت في خبر كان».

اضاف: «كنا امام فرصة حقيقية وجدّية لانتخاب رئيس للجمهورية، أتاحتها الوساطات الخارجية، وعززتها جهود اللجنة الخماسية، لكنها اُحبطت لا لشيء الّا لإرضاء شهوات، لتتدحرج بعدها الامور الى محاولة «قوطبة» على التوافق بطروحات اقرب ما تكون الى محاولة للهروب الى الامام، لا تتوخّى حلولاً بقدر ما تتوسل سجالات على غرار ما سُمّيت «خريطة المعارضة» الموجودة حصراً في الاعلام من باب تسجيل الموقف لا أكثر، وخصوصا انّ مبتدعيها يدركون سلفاً استحالة السير فيها، اولاً لخلوها من الجدّية، وثانياً لكونها منطلقة من خلفيات معادية للجلوس على طاولة التفاهم والتوافق، وباتت متكيّفة بالكامل مع الوضع الشاذ، وهي على ما يبدو متمسّكة باستمرار الوضع على ما هو عليه، ربما، لأنّها تخشى من ان يخفت وهجها ويضمر دورها اللذين تستمدهما من هذا الوضع الشاذ والفراغ في سدّة الرئاسة الأولى.

 

الخماسية: التواصل مستمر

وفيما يكرّر رئيس المجلس النيابي نبيه بري في مجالسه التأكيد على الحاجة الملحّة الى جلوس الاطراف على الطاولة للتوافق على مرشح او مرشحين يليه انتخاب حتمي لرئيس الجمهورية ضمن مهلة اقصاها عشرة ايام، أكّد أحد سفراء اللجنة الخماسية لـ«الجمهورية»، انّ «مبادرة الرئيس بري تشكّل اقرب الطرق الى انتخاب رئيس للجمهورية، ومن خلال لقاءاتنا مع كل الاطراف تأكّد للجنة الخماسية انّ نقاط الالتقاء بينها أكثر من نقاط الاختلاف، وفي الإمكان البناء عليها وصولاً الى تفاهم يفضي إلى إنهاء الأزمة الرئاسية.

ورداً على سؤال لم يؤكّد السفير عينه او ينفي أي دور جديد للجنة الخماسية، الّا انّه قال: «التشاور مستمر في ما بين اعضاء اللجنة، وكما انّ التواصل قائم مع الاطراف اللبنانيين، وفيها نؤكّد على أنّ عوامل كثيرة، ناشئة عن الظروف الصعبة التي تمرّ فيها المنطقة، نرى ضرورة كبرى في أن تحفّز اللبنانيين على أن يبادروا عاجلاً الى التقاط زمام الامور واعادة انتظام مؤسساتهم الدستورية والسياسية، وكلما عجّلوا في ذلك، ففي ذلك مصلحة اكيدة للبنان».