أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الجمعه ٢٦/٠٧/٢٠٢٤

 

النهار

منذ 18 سنة بالتمام والكمال، هي عمر القرار الدولي 1701، والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي يكرران بلا هوادة مطالبة حكومة لبنان بالتزامها لجهة منع وجود سلاح غير سلاح الدولة اللبنانية ومنع سلطة غير سلطة الدولة، إلى آخر المعزوفة "الرائعة" من المطالب المتصلة بالالتزامات المبدئية التي يتضمنها القرار والتي لم ينفذ منها ما يوازي أكثر من تسعين في المئة! والحال أن مصادفة صدور التقرير الأخير للامين العام للأمم المتحدة حول تنفيذ القرار الشهير، الذي ينافس في عراقته سلالة تاريخيّة لقرارات شقيقة سابقة ولاحقة أبرزها القرار 425 والقرار 1559، مع تصاعد المخاوف من حرب شاملة تسحق لبنان ولا يخرج منها منتصر أو منكسر، لأن سحق لبنان هذه المرة على ما هي عليه أوضاعه البائسة لا يعود معه أي قيمة أو معنى أو أثر أو نتيجة استراتيجية أو تكتية لأي هزيمة لإسرائيل أو نصر لـ"المقاومة"…


كل هذا يجعلنا نتوقف لمرة متسائلين هل فعلا المجتمع الدولي "يؤمن" بقدرة "حكومة لبنان"، أي حكومة لبنانية في المطلق، على بسط سيادة الدولة الحصرية وسيادتها ووحدانية سلاح جيشها؟ وما دام المجتمع الدولي أكبر العارفين وأكثرهم دراية بأن أضعف السلطات والقدرات إطلاقا في لبنان هي سلطة الدولة أمام سلطة الأمر القاهر التي تدير قرار الحرب والسلم مع إسرائيل والتي تفاوضها دول كبيرة إما مداورة وإما مباشرة في كل ما يعود إلى الواقع الحدودي الجنوبي والنزاع مع إسرائيل، فأي مرتجى من إعادة مطالبة السلطة اللبنانية الرسمية بما استحال عليها تنفيذه منذ ولادة القرار 1701، وسيستحيل ذلك أكثر وأكثر حتما بعدما علقت تعليقا تاما كل آثاره في جنوب الليطاني منذ فتح "حزب الله" حرب المشاغلة مع إسرائيل في الثامن من تشرين الأول الماضي؟


هذه التساؤلات قد تبدو لكثيرين ساذجة أو بديهية لا موجب لإثارتها في كل مرة تصدر فيها التقارير الدورية عن الأمم المتحدة في شأن القرارات المتصلة بالوضع في لبنان، ولكن الدافع إلى إثارتها يتصل بقياس قدرة غير قائمة أساسا ولم تعد موجودة حاليا على الإطلاق لسلطة لبنانية يمكنها يوما أن تنهض بدولة طبيعية في الحدود الدنيا. هو أمر خطير فعلا ألا يعود هذا الهاجس موجودا ومثارا وملحا داخليا على غرار ما يرد في التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، الذي وإن أثار تساؤلاتنا حول مجتمع دولي يعرف تماما عجز لبنان الرسمي عن استعادة سلطته الشرعية وسيادته الناجزة ويطالبه بما يعجز عنه، فهو على الأقل يعيد تذكير اللبنانيين بأنهم يعيشون في ظل واقع انهيار شامل لمقومات الدولة، وما من أحد يحرك ساكنا أمام تطبيع قاتل مع موت نبض الانتفاض على هذا الواقع.


تبعا لذلك، وما دام الشيء بالشيء يذكر، ترانا "لا نتساءل" بعد الآن لماذا الفريق المهيمن على السلطة اللبنانية الراهنة يتصف برعونة عدائية مفرطة حيال خصومه الداخليين والمعارضين السياديين وكل الرافضين لواقع دويلته التي تحكم الدولة الشرعية تحت شعار مقاومة إسرائيل؟ تنضح أدبيات الفريق الممانع عن المعارضة بنزق استعلائي مقيت مستمد من أيديولوجيا مسلحة أولا وأخيرا وثقافة لا تقيم اعتبارا لشرعية داخلية أو أممية أو دولية. وتقاس الأمور الكبيرة هنا قبل أي معيار آخر، فأي تنفيذ لقرارات دولية "يرتجي" أهل الشرعية الدولية أو يطلبون أو يلحون في التحذير من عدم تنفيذها؟