شلالات بملاعب يورو 2024 ومحيطُها مسرح للعنف والشغب.. نجاح كروي وفشل تنظيمي


 لك أن تتخيل عزيزي القارئ، أن ملاعب كأس أمم أوروبا 2024 تحوّلت إلى برك سباحة تنزِل من مدرجاتها شلالات مياه وتصرف المياه منها بطرق بدائية، وكأنها المرة الأولى التي تمطر فيها ألمانيا.

ولا يختلف اثنان على أن بطولة اليورو الحالية ناجحة على مختلف المستويات الكروية والجماهيرية والفنية وتقدم مباريات تنافسية وغزارة تهديفية ولكن على المستوى التنظيمي يشوبها الكثير من الشوائب.



اوهذه الشوائب تحولت إلى مشاكل، والمشاكل غدت فشلا تنظيميا، والفشل التنظيمي أصبح فوضى تُرجمت -على الأرض- مشاجرات وأعمال عنف وشغب داخل الملاعب وخارجها وحتى في الشوارع البعيدة كيلومترات عن الملاعب التي تحتضن المباريات.



ووصفت الوكالات العالمية والمواقع المتخصصة، التنظيم بالـ”كارثي” وشككت بالـ”كفاءة الألمانية” و”دقة الماكينات” التي لم تعرف كيف تتحضر لبطولة من المفترض أنها تعلم بتنظيمها في هذا التوقيت، قبل سنوات ولكنها لم تكن حاضرة على مختلف المستويات.


البداية كانت مع مباراة صربيا وإنجلترا وخروج الجماهير من ملعب “شالكه” في مدينة غلزنكيرشن، إذ انتظرت عشرات الآلاف من الجماهير ساعات ليستقبلوا القطارات، ووصل الأمر حد أن القطار يأتي مرة واحدة كل 20 دقيقة لأكثر من 45 ألف شخص.



وانتظرت الجماهير عربات القطار المتاحة لنقلهم من المحطة المزدحمة بالقرب من ملعب “أرينا أوف شالكه” حتى وقت متأخر من الليل.


وأظهر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي قطارات ومحطات مكتظة بالمشجعين الذين تدافعوا بكثافة وكادت تحصل كارثة لأن هناك جسر مشاة واحدا فقط يصل الملعب بمحطة القطارات.


وكتب أحد المشجعين على منصة “إكس” -وقتها- أنه “انتهت المباراة قبل الساعة الـ11 مساء بقليل، 3 ساعات للسفر بالترام والقطار إلى دوسلدورف التي تبعد أقل من 50 ميلا (80 كيلومترا)، إنه أمر سيئ بشكل مذهل”.


وعانت معظم الجماهير -التي لجأت إلى مواقع التواصل للتعبير عن غضبها واستيائها- من ظروف صعبة وانتظرت لساعات بسبب فشل المترو في الوصول بالمواعيد المحددة وعدم القدرة على استيعاب الأعداد الغفيرة للجماهير.



التأخير والفشل في منظومة المواصلات لم يكن سوى رأس جبل الجليد الظاهر، وبعدها بدأت تنتشر بكثافة فيديوهات للمشاجرات العنيفة بين المشجعين وتحطيم المطاعم والحانات والتي قص شريطها مشجعو صربيا وإنجلترا.


ثم انتقلت حمّى الفوضى إلى مباراة تركيا وجورجيا، إذ انطلقت شرارة المواجهات خارج الملعب في الشوارع واستمرت داخل الملعب الذي تحولت مدرجاته إلى ساحة للقتال. وكل هذا يجري وقوات مكافحة الشغب عاجزة عن حسم الأمور وإيقاف الاشتباكات.


هذه “العدوى” لم تتوقف، فانتشرت بين مختلف الجماهير حتى دفعت بمنتخب صربيا للتهديد بالانسحاب من البطولة بسبب هتافات الجماهير التركية والألبانية “اقتل الصربيين”. ولجماهير هذه المنتخبات الثلاثة قصة أخرى، ففي كل مباراة يكون طرفها أحد هذه المنتخبات؛ يتحول محيط الملاعب والشوارع القريبة منها إلى حلبات للقتال والعنف الجماهيري الذي يخلّف جرحى في كل مرة.


ويقول النجم السابق للكرة المصرية محمد أبو تريكة إن “يورو 2024 ناجح فنيا حتى الآن ولكنه لم ينجح تنظيميا لأنه سيء، وفي مونديال قطر وجهوا انتقادات شديدة ومتتالية ووضع لاعبو ألمانيا أياديهم على أفواههم ونحن نضع أيدينا على أعيننا؛ لديكم مشاكل وشغب ومياه تتساقط من المدرجات”.



وكانت “الفضيحة” الكبرى في ملعب “سيغنال إيدونا بارك” الخاص بدورتموند والذي من المفترض أن يحتضن مباريات في كل أدوار البطولة حتى نصف النهائي، إلا أن حالة الملعب كانت كارثية؛ إذ أظهرت الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل حجم المشكلة.


فشلالات المياه في أكثر من جهة من مدرجات الملعب كانت تتساقط على رؤوس الجماهير، وانشغل العمال في تصريف المياه من أرضية الملعب بطريقة بدائية باستخدامهم “الشطافات” التي تستخدم في المنازل، وكأن أنظمة تصريف المياه في الملعب لا تعمل أو توقفت أو غير جاهزة أو لم تستطع تحمل هذا الكم الكبير من المطر.


وحتى داخل المدرجات وفي محيط الملعب، تجمعت المياه في برك وعانت الجماهير في السير نحوه أو داخله.


أيام مرت على البطولة، ويتبقى أكثر من أسبوعين، لننتظر ونرى إن كانت المشاكل ستعالج، والأزمات ستحل، أم أنها ستزيد وتتفاقم؟ ويخرج يورو 2024 بلقب “الأفضل فنيا والأسوأ تنظيميا”.