أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الجمعه ١٠/٠٥/٢٠٢٤

 

أبرز ما تناولته الصحف اليوم




كتبت النهار


منذ صدوره قبل عشرين عاماً، في عام 2004، على مشارف زلزال الاغتيالات الذي دشنته محاولة اغتيال مروان حماده وتفجرت بعدها السلسلة الدموية تباعاً، يصدمك أن تطالع قبل يومين الرقم التسلسلي للتقرير الـ39 نصف السنوي المقدّم من الأمين العام للأمم المتحدة الى مجلس الأمن في جلسة مشاورات مغلقة حول القرار الدولي 1559. عشرون عاماً وتسعة وثلاثون تقريراً للأمناء العامين المتعاقبين على رأس المنظمة الدولية قد لا تصدم مراقباً أجنبياً بات معتاداً السماع باسم لبنان عنواناً لإحدى أطول الأزمات في العالم طبعاً بعد فلسطين، ولكن أن تتوغل في مضمون التقرير الـ39 وتعاين كارثة تحجر الأزمات المتناسلة وليس الأزمة في لبنان فهنا الفجيعة الكبرى.



أن يعترف التقرير من مطالعه بانعدام إحراز أي تقدم في القرار "النجومي" بين سلسلة القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان لهو في ذاته عنوان المعادلة المأزومة لعقدين يكتملان في بدايات الخريف المقبل تماماً حين فتحت كوّة الجحيم الذي زجّ به النظام السوري وحلفاؤه لبنان عند موعد الاستحقاق الرئاسي آنذاك وصولاً الى فرض قسري، بالقوة التهديدية الغاشمة المباشرة، للتمديد لعهد إميل لحّود. كلّ مضامين القرار 1559 تشتمل استعادة العناصر السيادية كافة للدولة اللبنانية سواء في السلاح الخارج عن سلطتها والميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية أو الاحتلالات والوصايات وما إليها. أما جوهر المفارقة الصادمة، حين تستفيق في التقرير النصف السنوي بما يشمله من تحديث واسع للوقائع (ولو حتى مملاً لأن اللبنانيين يعرفونها ويعيشونها تحت وطأة تكرارها) فهو في معاينتك لـ"الجاهلية" الكارثية السياسية التي يغرق في حفرتها الكبيرة لبنان مع تراجع مخيف في النظم الديموقراطية والعجز المفرط عن إعادة الاعتبار الى حياة دستورية وديموقراطية سويّة في ظل "طبقة" سياسية مرتبطة بالخارج باتت أنماط تحكمها بالبلاد أسوأ بكثير وأشدّ وطأة من وصاية حلفائها الخارجيين.



ستمر مع مطالع الخريف المقبل ذكرى عقدين على صدور القرار 1559 ومن ثم مرور سنتين على التجربة المريرة الكارثية للفراغ الرئاسي لأننا أبعد ما نكون عن أضغاث أحلام وأوهام تراهن على انتخاب رئيس للبنان قبل الأول من تشرين الثاني المقبل. سحقت التطورات والأحداث المفتعلة أو العفوية المتعاقبة في لبنان وعليه أي أولوية للأزمة الرئاسية فباتت أثراً بعد عين على رغم كل "الطقوس" الموسمية لما يُسمّى جهوداً ووساطات ديبلوماسية من اتجاهات مختلفة وفي مقدمها التحركات "الفصلية" لسفراء مجموعة الدول الخمس المعروفة. ولعل الأخطر الذي بلغته الأزمة الرئاسية راهناً، يتمثل في أن "نبض" المواجهة للفراغ تبدّد تماماً وزحف التسليم بالأمر الواقع المفروض من جماعات التعطيل والفراغ وقواهم وأحزابهم ومحورهم الداخلي – الإقليمي بما ينذر ليس بإطالة مفتوحة على "لاموعد" أو "لاسقف" زمني للأزمة بل أيضاً على سؤال يُفترض أن يبدأ طرحه وهو هل يخطط هؤلاء لتسديد الضربة القاصمة لنظام الطائف عبر ما يتجاوز إفراغاً مؤبّداً لقصر بعبدا من شاغله؟ هل لا يزال أو هل سيبقى الفريق الممانع "يقبل" أو "يسلّم" بهرمية الجمهورية اللبنانية كما كانت قائمة قبل فرضه الفراغ الرئاسي وقبل اندلاع حرب المشاغلة في الجنوب وقبل استئثار سلطته وحكومته والأجهزة التي يسيطر عليها راهناً في الدولة؟ ومن يضمن ألا تكون معادلة خلط كل الأزمات والاستحقاقات والتطورات الطريق المرسوم بمخطط جهنمي فاقع لإكمال ذاك الانقلاب الذي فرض "فجره" قبل عشرين عاماً وها هو الفراغ اليوم ينذر "بنصره"؟