بعد قضية خطف المواطنة اللبنانية زهراء الشيخ علي نتيجة الاحتيال عليها من قبل إحدى صفحات التواصل الاجتماعي بزعم تقديم التسهيلات اللازمة للسفر إلى كندا، وبعد تحذيرات الأمن العام من المواقع المشبوهة، أصبح من المهم تسليط الضوء على هذا الأمر لضرورة وقف الفوضى ولحماية المواطنين.
في السنتين الأخيرتين، ازداد بشكل ملحوظ عدد الأفراد الذين يمارسون مهنة “السياحة والسفر” من منازلهم، بالإضافة إلى المكاتب غير الشرعية أي غير المرخّصة. يأتي هذا في ظل غياب الرقابة والتفتيش، حيث يعمد هؤلاء الأفراد إلى التعامل مع وكالات سفر مرخصة بغية تحصيل نظام الحجز الموحد GDS، الذي يعتبر العمود الفقري لكل مكتب سفر، وخاصة عبر وكالات سفر كبيرة IATA، التي يقوم بعضها بتقديم عروضات وحسومات للوكالات الصغيرة أو الجديدة، سواء أكانت مرخصة أو غير مرخصة وذلك بغية تحقيق الأرباح.
ومن المعلوم أن شركات الطيران لها اليد العليا لفرض شروط على نظام ال GDS، بحيث أنها تتحمل تكاليف التعاقد للحصول على خدمة الإنضمام إلى نظام الحجز لشركاتGDS، فعلى سبيل المثال، هناك بعض شركات الطيران الأجنبيّة لا تسمح لأي وكالة سفر بالحجز معها إلا إذا كانت مرخصة، وتمنع شركات GDS فتح أي USER خاص بهم. وفي المقابل، تخالف شركات طيران أخرى القوانين وتتعامل مع وكالات غير مرخّصة.
وفي السنوات الأخيرة، ازداد عدد الشركات التي تمتلك أنظمة حجز عبر الإنترنت وتعاقدت مع وكالات سفر في لبنان وخارجه لتقديم خدمات الحجز والحصول على تذاكر سفر وحجوزات فندقية، بالتعاون مع وكالات مرخصة وغير مرخصة، وهو ما يتعارض مع الأنظمة والقوانين.
لذلك، قامت الوكالات المرخصة برفع صوتها محذرة من هذه الظواهر التي تفتح الباب أمام عمليات نصبٍ واحتيال يقع المواطن ضحيّتها. وفي هذا السياق، عُقد اجتماع في شهر أيار من العام الماضي بحضور وزير السياحة السيد وليد نصار وممثلي شركات الطيران وشركات GDS برعاية أصحاب نقابة أصحاب وكالات السياحة والسفر، حيث تم اتخاذ إجراءات لمكافحة تلك الظواهر والمخالفات، بما في ذلك:
تطبيق شروط صارمة لمنح الرخص، مثل الخبرة المهنية وامتلاك مكتب مخصص، بالإضافة إلى توظيف موظفين مسجلين في الضمان الاجتماعي، مع مراعاة الالتزام بالشروط التقنية اللازمة وضمن فترة زمنية محددة.
– تسليط الضوء على أنّ أغلب شركات الطيران العاملة في لبنان لا تطبق القوانين.
وقد طالبت النقابة بمؤازرة الشرطة السياحية في تنفيذ حملات تفتيش على جميع الأراضي اللبنانية للكشف على المكاتب السياحية، والاستعداد لتغطية نفقات المحروقات، إلا أن تلك الخطوات لم تُنفذ وظلت حبرًا على ورق، وتمّ الاكتفاء بإصدار تعاميم ونشر فيديو توعوي، تحذيري!
ووفقًا لمصادرنا، فقد تم تقديم اقتراح عملي لتنظيم سوق السفر لشركات الطيران، ويتمثل هذا الاقتراح بالفرض على المكاتب التي تعمل في هذا المجال إرسال نسخة من رخصة وزارة السياحة في مدة أقصاها أسبوع، وفي حال عدم الامتثال، سيتم حجب حجوزات الرحلات، وهذا ما يسهم بتعزيز تطبيق القانون رقم 4216 الذي يحظر التعامل مع أي وكالة غير مرخصة. ولكن، ورغم تقديم هذا الاقتراح منذ أكثر من سنة، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء حتى الآن.
في هذا السياق، وجّه عددٌ من أصحاب مكاتب السفريات من خلال موقع “يا صور” مناشدة إلى وزير الأشغال العامة والنقل الدكتور علي حميّة لتشديد الرقابة على شركات الطيران، وتمنّوا أن يُلزم الوزير هذه الشركات بالحصول على رخص من المكاتب قبل التعامل معها وذلك لوضع حدّ للتجاوزات وضمان شرعية العمل وتأمين الحماية من المخاطر المُحتملة.
ختامًا، أصبحت الحاجة ملحّة لتشديد الرقابة وتطبيق القوانين وذلك سعيًا لتنظيم سوق السفر وحمايةً للمواطنين. ولكن، المقترحات المُقدّمة من قبل أصحاب العلاقة بقيت دون تنفيذ حتى الساعة، رغم أن التعاون المشترك بين الحكومة والقطاع الخاص يعزّز الرقابة ويضمن التطوّر الصحيح والمُستدام لقطاع السياحة والسفر في لبنان.