الحريري يحمل حلاً للمعضلة اللبنانية... ويفتح كوة في الجدار السعودي

 

الحريري يحمل حلاً للمعضلة اللبنانية... ويفتح كوة في الجدار السعودي!


مهما كثرت التأويلات فيما يتعلّق بعودة الرئيس سعد الحريري إلى لبنان بين عودة كسابقاتها أو عودة تحمل إنهاءً لتعليق العمل السياسي, إلا أن الثابت الوحيد أن هذه العودة ليست كسابقاتها لأسباب كثيرة ليس أولها ما يجري في المحيط اللبناني أو التطورات في العلاقة مع المملكة العربية السعودية التي أيقنت بأن الطائفة السنية لن تأتي بزعيم غيره أو حتى لجهة المضايقات التي يتعرّض لها أبناء المستقبل، ممّا يدفعه إلى الإقتراب أكثر من جمهوره.


وقبل الغوص في هذه العودة لا بدّ من الإطلالة على الأجواء الجديدة في المنطقة كما تؤكّد معلومات خاصة بـ"ليبانون ديبايت", والتي تتحدّث اليوم عن قناعة لدى أطراف أساسية بالمنطقة أن الطائفة السنية التي تعنيها بالدرجة الأولى بدأت تتّجه إلى التطرّف حيث يستغلّ حزب الله والجماعة الإسلامية التشرذم الحاصل داخلها لاستقطاب شبابها، وهذا الأمر وفق المعلومات شغل دول عديدة وبدأت تتحسس خطورته.

هذا الأمر دفع باتجاه تطوير العلاقة بين المملكة العربية السعودية والرئيس سعد الحريري بعد أن تبيّن لها بعد سنتين على تعليقه العمل السياسي أن أحداً لم يستطع ملء الفراغ الذي تركه، إن لجهة التغييرين أو من حاول من شخصيات سنية أن يبني أمجاده على أطلال آل الحريري, أمثال أشرف ريفي أو فؤاد مخزومي أو غيرهم، وهو ما غيّب الدور المركزي للطائفة السنية.

هذه الرؤية تفرضها كما تشير المعلومات التسوية في المنطقة التي ستلي الحرب على غزة، فقد ذهبت المملكة العربية السعودية إلى التفكير عميقاً بمن يمثّل الطرف السني اللبناني على الطاولة بعد هذه الحرب؟ لذلك فإن أمر إعادة توحيد الطائفة أصبح أمراً ملحاً لما يتركه تشرذمها من تأثير سلبي على التوازن الداخلي.

إلا أمراً آخر بدأ الحريري يتلّمسه مؤخراً رغم تحذيرات سابقة له من الوصول إليه، وهو المس بأنصاره في الإدارات العامة والمراكز التي كانت محسوبة لتيار المستقبل وليس آخرها ما حصل مع آمال شعبان في وزارة التربية.

ووفق هذه المستجدات يتحمّس الحريري إلى فكرة العودة ليكون قريباً من جماهيره أولا قبل الغوص مجدداً في دهاليز السياسة.

لكن ذلك لا يعني أن الرئيس الحريري لم يبدأ بإعداد العدّة للعودة إلى العمل السياسي حتى أنه وضع تصوّراً نقله المبعوث الخاص للرئيس سعد الحريري جورج شعبان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف, ويرى فيه أن الحل في لبنان لا يجب أن يقتصر على انتخاب رئيس للجمهورية بل ضمن سلّة متكاملة، وهنا تتوقّف المعلومات عند طلب الذهاب إلى انتخاب بدون أن يكون هناك تفاهم على سلّة متكاملة ممّا يعني العودة إلى نقطة الصفر، فالتفاهم على السلّة هو الأساس قبل الإنتخابات الرئاسية، وهو ما تحرص عليه أيضاً الدبلوماسية الروسية والذي أبلغته إلى كافة الأطراف الذين التقتهم.

والجانب الروسي وفق المعلومات, حريصٌ اليوم على عدم توسيع جبهة المواجهات مع لبنان وسوريا، على اعتبار أن هذين البلدين أساسيين عند الروسي والوضع في إحداهما يؤثّر في وضع البلد الآخر ومن هنا التشدد على الإستقرار في البلدين والتوصّل إلى استقرار عند الحدود الجنوبية للبنان.

أما فيما يتعلّق بعودة الحريري لجهة "عودة" دائمة أو متقطّعة, فإن المعلومات تشير إلى أن العودة لن تكون نهائية لكنها بالطبع ستكون على فترات أطول ليتسنّى للرئيس الحريري أن يكون قريباً من جماهيره ومن السياسيين ومن يدور في الفلك المستقبلي، فهو لم ينزع الإعتكاف الكلّي لكنّه يبقي الباب موارباً بانتظار بلورة المستجدات والحلول.

لكن المعلومات تؤكد أن الأجواء إيجابية جداً لا سيّما على الصعيد الإقليمي, وهناك ليونة واضحة من السعودية بما خص الرئيس الحريري من باب الحرص على الطائفة السنية التي تمثّل الإعتدال الإسلامي الذي حرصت السعودية على إرسائه في لبنان طوال مسيرتها تجنّباً لجر الطائفة إلى التطرف، ومن أجل إعادة التوازن مع الطائفة الشيعية في لبنان، وبعد أن أيقنت أن أحداً لم يستطع أن يحلّ محل الحريري في المشهد السني، وهو ما حرص مسؤول سعودي على نقله إلى مقرّبين من الرئيس الحريري.

وهذا الموقف السعودي الجديد يتقاطع مع الحرص الروسي على عودة الرئيس الحريري إلى العمل السياسي, فبرأيهم أنه وحده من يستطيع أن يحدث التوازن الداخلي, وقد أبلغوا كافة الدول المعنية بالملف اللبناني بهذا الرأي وبضرورة عودته إلى العمل السياسي