أبرز ما تناولته الصحف اليوم:
كتبت النهار
طغى من جديد ملف انفجار المرفأ مع تسلم النائب العام التمييزي بالتكليف القاضي جمال الحجار مهامه. هذا الملف الذي يحمل وزره القضاء بعد صراعات سياسية وقانونية شهدها أدت الى وقف المحقق العدلي القاضي طارق البيطار تحقيقاته حوالى عامين استقطعا بعودته الى التحقيق في كانون الثاني 2023 مستنداً الى دراسة قانونية، وادعى خلالها على مسؤولين سياسيين وأمنيين وقضائيين، فيما ذكرت معلومات "النهار" قبل أيام أن اجتماعاً سيُعقد بين القاضي جمال الحجار والقاضي البيطار محوره ملف المرفأ. ومن الطبيعي أن يتناول الحديث بينهما مصير هذه القضية والوضع المحيط بمفاصلها بعيداً من مضمون الملف لأن الاجتماع يُعقد بين قاضيين لا يسمح أيّ منهما لنفسه بتناوله ربطاً بسرية التحقيق التي يتمسّك بها كل منهما. ولا بد من أن يأتي طرف الكلام على موقف المحقق العدلي من كل التطورات الجانبية التي شهدتها متفرعات هذا الملف وأدت الى رفع يد القاضي البيطار عن متابعة تحقيقاته في مرحلة كانت قطعت شوطاً بعيداً واقتربت من خاتمته.
عارفو طبيعة المحقق العدلي في الاوساط القضائية يؤكدون بالاستناد إليها أنه يبقى على اقتناعه وعلى موقفه المصمّم على الفصل في ملفاته. وما يؤيد توصيف هؤلاء عدم صدور أي موقف عن القاضي بيطار منذ تسلمه ملف المرفأ رغم العراقيل التي واجهها وأوقفت تحقيقاته على مدى عامين، ولو بتقطع، ما ينمّ عن نيّته في التراجع عن موقفه. كذلك لم تصدر عنه في زيارته قصر العدل أي خطوة تعاكس هذا التوجه. هو فصل في جميع الملفات التي طرحت أمامه على قوس محكمة الجنايات التي ترأسها، وخاض حرباً ضروساً على تجار المخدرات في الأحكام التي أصدرها من دون تراجع. وانطلاقاً من قناعة هؤلاء بهذا التوصيف فإن مؤشر عودة المحقق العدلي الى متابعة ملف المرفأ احتمال قوي تمهيداً لإصداره القرار الاتهامي بعد أن يبدي القاضي الحجار مطالعته في الأساس، على عادته في تعاطيه مع القضايا التي طرحت أمامه على قوس محكمة الجنايات التي ترأسها. وما يعزز ذلك تردّد البيطار الى مكتبه في الأسابيع الأخيرة غير مرة، بعيداً من ملف المرفأ، والتي تشير الى اتجاه لاستكمال ما بقي من تحقيق في صدده قبل أن يختمه ويحيل الملف على النيابة العامة التمييزية لإنجاز المطالعة من القاضي الحجار. ومعلوم أن المحقق العدلي كان قد اجتاز مرحلة متقدمة في تحقيقاته لكنه لم يستكملها حين استأنف النظر في هذه الجريمة مطلع عام 2023 بسبب التطورات التي أعقبت عودته وقتذاك. ويذكر في سياق هذا الملف أن موقف النيابة العامة التمييزية ارتكز على أن المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء هو المرجع الصالح لمحاكمة السياسيين المدعى عليهم في ملف المرفأ فيما اعتبر التحقيق العدلي أن القضاء هو صاحب الصلاحية في ملاحقتهم. وفي اعتقاد قانونيين أنه مهما كانت نتيجة المطالعة ورأي النيابة العامة، حيث من المستبعد حصول أي تغيير في موقفها، فهو لا يلزم المحقق العدلي بنتيجتها.
ثمة متغيرات حصلت تعزز سردية إعادة طرح ملف المرفأ على الطاولة. فبحلول القاضي الحجار نائباً عاماً تمييزياً جديداً فإن إنجاز هذه المطالعة لن يشكل عائقاً إذا ما وصل التحقيق الى مرحلة ختمه، بعدما كان ذلك متعذراً خلال ولاية النائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات المتنحّي عن هذه القضية، وما استتبع ذلك من تركه كل الموقوفين معتبراً أن تنحيه يزول باستئناف المحقق العدلي تحقيقاته بالاستناد الى دراسة قانونية ومن دون بت المراجعات المقدمة أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، ما يخوّله العودة الى ممارسة صلاحياته. وفي رأي مصادر قضائية مطلعة إن ادعاء القاضي عويدات على المحقق العدلي باغتصاب سلطة لا يحول قانوناً دون عودته الى متابعة تحقيقاته، فضلاً عن أن هذه الملاحقة اعتبرها قاضي التحقيق حبيب رزق الله المكلف بالنظر فيها أنها مشوبة بعيب لخلوّ الملف من أي مستندات تشكل منطلقاً للتحقيق، وطلب من النائب العام التمييزي السابق تصحيح هذا العيب. وجاء الرد على هذا الطلب باستئنافه من القاضي عويدات أمام هيئة اتهامية غير موجودة، ولن يتم تشكيلها، في رأي هذه المصادر، باعتبار أن القانون لم يتناول صراحة إحداث مثل هذه التهمة بوجه محقق عدلي تولى مهامه تبعاً لمرسوم حكومي أحال قضية انفجار المرفأ على المجلس العدلي. وقد أعيد هذا الملف الى دائرة القاضي رزق الله، ما يحمل على الاعتقاد أن ثمة قراراً يمكن أن يصدر في هذا الصدد. ويتقاطع هذا الاتجاه مع معطيات قانونية ترى أن أمر بت هذه المسألة يقع على عاتق المجلس العدلي بضمّها الى الأساس لدى إحالة هذه القضية عليه للمحاكمة. وسبق أن أثير احتمال المنحى ذاته لدى استئناف القاضي البيطار تحقيقاته في ملف المرفأ بالاستناد الى دراسة مستفيضة أنجزها ارتكزت على أن المحقق العدلي لا يتم رده. وهذا يقود استطراداً الى مؤشر آخر عن فض الاشتباك حول ملف مسألة متابعة القاضي بيطار تحقيقاته.
واستخلاصاً مما تقدم هل سيتخذ القاضي بيطار قراراً بالعودة الى متابعة ملفه؟ عندما استأنف المحقق العدلي تحقيقاته قبل عام فهم في حينه أن ثمة مرحلة مقتضبة لا تزال عالقة في هذا التحقيق، ويخوّله استكمالها ختمه. فهل سيتمكن من ذلك مرة جديدة وتعبّد الطريق أمام القرار الاتهامي في جريمة العصر التي محت البشر والحجر على نطاق واسع ودمّرت النفوس؟