أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الخميس ٠٨/٠٢/٢٠٢٤

 

ابرز ما تناولته الصحف اليوم






كتبت النهار



اعتقدت الولايات المتحدة دائماً وتحديداً منذ انقطاع علاقتها بالجمهورية الإسلامية الإيرانية أن فرض العقوبات المتنوّعة عليها وزيادتها بعد كل اشتباك معها مباشرٍ أو غير مباشر في الشرق الأوسط أو في العالم هو الكفيل بردعها وبدفعها الى التفكير في تغيير نهجها المعادي للسياسة الأميركية والمُهدّد لمصالحها الحيوية وخصوصاً في العالمين العربي والإسلامي. ويعتقد البعض من متابعي العلاقة بين هاتين الدولتين أن الاكتفاء بالعقوبات يعود الى اقتناع أميركي بأن شن حرب عسكرية على إيران قد يكون مُكلفاً للغاية ويُكرّر تجربة أفغانستان وقبلها فيتنام التي خرج منها الأميركيون مهزومين. ويعود الى اقتناع آخر بوجود تلاقٍ في المصالح الاستراتيجية بين الدولتين المتعاديتين منذ عام 1979 وحرصٍ على إبقاء باب استعادة العلاقة التي كانت ممتازة بينهما عقوداً مفتوحاً ولا سيما إذا قضت التطورات بالإقليم على النظام الذي سادها بعد الحرب العالمية الأولى وأظهرت حاجة ماسّة الى إبداله بنظام جديد لا يمكن أن تكون إيران خارجه إن كان الهدف منه إشاعة الاستقرار فيه. ربما كان ذلك أحد الأسباب التي دفعت إيران الى تأسيس "أذرعٍ" لها في العالم العربي (العراق – الخليج – اليمن – سوريا – لبنان – فلسطين) كما في العالم الأوسع. كما دفعتها الى جعل نفسها حاجةً للدول الكبرى المنافسة لأميركا على زعامة العالم مثل الصين وروسيا.



هل حصلت الولايات المتحدة على المردود الذي توقّعته من انتهاج سياسة فرض العقوبات دورياً على إيران وكلما قامت مباشرةً أو مداورةً بعمليات تؤذيها كما تؤذي حلفاءها في المنطقة والعالم؟ تفيد معلومات مركز أبحاث أميركي مهم غير مؤيّد لإيران الإسلامية أن المسؤولين في واشنطن اعتقدوا دائماً أن ضغط العقوبات سيُدخلها في معاناة اقتصادية كبيرة وسيفرض عليها تقديم تنازلات. لكن الاختصاصيين في متابعة اقتصاديها يرونه في حالة جيدة على نحو كافٍ ويُشعرها بالاطمئنان على الأقل من هذه الزاوية. في هذا المجال تشير توقعات صندوق النقد الدولي الى أن "عام 2024 سيكون الثالث على التوالي الذي ينمو فيه الإنتاج المحلي الإجمالي الإيراني بأسرع مما هو عليه في الولايات المتحدة، ويُتوقّع أن يستمر على هذه الحال في العام المقبل 2025. ويُتوقّع أيضاً أن ينمو الدخل الإيراني التراكمي بنسبة 12,1 في المئة بين عامي 2022 و2024 في مقابل 6,1 للولايات المتحدة. بذلك يُصبح أداء إيران جديراً بالإعجاب ولا سيما أن اقتصادات أوروبا واليابان نمت بوتيرة أبطأ من الاقتصاد الأميركي خلال المدة نفسها. لكن من أجل الإنصاف تجدر الإشارة الى أن فوائد هذا النموّ تراكمت كثيراً عند أفراد النظام الأمر الذي تسبّب بتذمّر الشعب الإيراني".



ما الذي يشكّل أساس هذا النجاح؟ تفيد معلومات مركز الأبحاث الأميركي نفسه "أن العائدات النفطية هي التي تشكّله. ففي عام 2020 قدّرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية عائدات تصدير النفط الإيراني بـ20 مليار دولار. واليوم ارتفعت أسعاره وحجم الصادرات منه. ويقدّر "مركز أبحاث مجلس الشورى" الموثوق أن عائدات صادرات النظام الإيراني لعامي 2024 و2025 ستصل الى ما بين 28 و40 مليار دولار تبعاً للسعر والحجم. وقد اقترحت آخر موازنة وضعتها الحكومة الإيرانية تقييم الفارق من خلال تقدير عائدات النفط السنوية بـ35 مليار دولار انطلاقاً من تصديرٍ يومي يبلغ 1,35 مليون برميل يومياً. الى ذلك تستفيد إيران الإسلامية من انخفاض اعتماد اقتصادها على النفط هذه الأيام، إذ كان يشكّل 98 في المئة من إجمالي صادرات البلاد وفقاً لصندوق النقد الدولي. أما إدارة الجمارك الإيرانية فأفادت بأن الصادرات غير النفطية بلغت 53 مليار دولار أي أكثر من مبيعات النفط. لا شك في أن هذا الرقم "محرّف" لأن إيران مثل الولايات المتحدة ومنظمة التجارة العالمية تُصنّف صادراتها من المكثّفات وقيمتها مليارات عدة من الدولارات صادرات غير نفطية مع أنها من إنتاج النفط. وحتى لو حُذف ذلك فإن الصادرات غير النفطية لإيران يمكن أن تغطي معظم وارداتها الإجمالية البالغة 60 مليار دولار. ووفقاً للميزانية المقترحة لعامي 2024-2025 فإن عائدات الضرائب الإيرانية تغطي الآن 46 في المئة من الإنفاق وذلك رغم الإنفاق المكثّف من خارج الميزانية. أما في موضوع العمالية والوظائف فإن تقديرات منظمة العمل الدولية لما بين 2012 و2022 أشارت الى أن 150 ألف رجل إضافي حصلوا على وظائف في القطاع الرسمي كل عام. و40 في المئة منهم يشغلون وظائف مهنية أو إدارية. كما وجد عشرات الآلاف طرقاً غير رسمية لكسب العيش. أما نسبة بطالة الرجال بين سن الـ25 والـ45 فقد سجّلت عام 2022، 6,9 في المئة. وهي ليست مرتفعة على نحو يحرّض الناس على النزول الى الشوارع. أما المرأة الإيرانية فباقية مهمّشة اقتصادياً. والنساء العاملات لا يتجاوز عددهن 11 في المئة مقارنةً بـ28 في المئة في السعودية. ويثير ذلك قلق النظام الإيراني".



ماذا عن التضخّم، تفيد معلومات مركز الأبحاث الأميركي نفسه أنه أحد التحديات المضنية. فتقديرات صندوق النقد الدولي لأسعار الاستهلاك تشير الى ارتفاعه بحيث صار 46 في المئة في 2022-2023 وسترتفع نسبته في 2023-2024 بحيث قد تصبح 47 في المئة. لكنها ستتراجع نسبياً 32 في المئة في 2024 و2025 والى 25 في المئة في 2025 و2026. علماً بأن إيران صارت معتادة على هذا النوع من التضخّم. يعني ذلك كله أن لدى إيران الإسلامية أسباباً عدّة تدعوها الى الاطمئنان الاقتصادي، ولذا من المستبعد أن تقدّم تنازلات في المدى القريب لمجرّد زيادة الغرب ضغوطه الاقتصادية عليها