أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم الجمعه ٢٩/١٢/٢٠٢٣

 

كتبت النهار:

تراجع الحرس الثوري الايراني عن اعتباره عملية "طوفان الأقصى" انتقاماً لمقتل قاسم سليماني بعدما نزع بموقفه من يد حركة "حماس" ورقة دفاعها عن فلسطين والفلسطينيين لمصلحة تنفيذ أهداف إيران إن لم يكن عمل على تعريتها كلياً ما اضطرّه الى استدراك ما أعلنه في هذا السياق علماً بأن هذا الموقف نقض موقف المرشد الإيراني عن عدم معرفة إيران بعملية حركة "حماس" ضد إسرائيل. وصحّح مسؤولو الحرس الثوري موقفه الذي كانت ردت عليه الحركة الفلسطينية الراديكالية معتبرين أن "عملية طوفان الأقصى لم تكن انتقاماً لمقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني فنحن من سينتقم له". وأوضح قائد الحرس أن "عملية طوفان الأقصى تم تنفيذها دون أي دعم خارجي وهي رد فعل على 75 عاماً من الظلم". إلا أنه في السياق نفسه قال "إن قرار "حزب الله" مستقل وهو يتخذه حسب مصالح الشعب الفلسطيني" مجرّداً الحزب من "لبنانيته" ومن فرضية اتخاذه القرار في الحرب والسلم حسب مصالح الشعب اللبناني لا الفلسطيني ولا سيما بعد العدد الكبير من العناصر من الحزب الذين استشهدوا في الجنوب اللبناني، وذلك فيما لم ينف الحزب في إعلانه انخراطه في المعركة ضد إسرائيل "مشاغلة" للعدو عن غزة. وهذا الوضع يعني أنه يخدم مصلحة إيران والحزب الذي يستعد لفرض شروط تنفيذ القرار 1701 فيما تتحدث السلطة المستقيلة بلسانه أو بشروطه عن انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة، ما يعني استحالة التنفيذ لأن مزارع شبعا تخضع لإشكالية هويتها أو إن كانت لبنانية أو سورية وفقاً لوثائق الأمم المتحدة.


ولكن من المؤكد أن ما يقوله الحرس الثوري لا يخدم مصلحة لبنانية ولا مصلحة فلسطينية على الأرجح باعتبار أن هذه الأخيرة تدور في دوائر أخرى خارج لبنان وقدراته. وفي الايام الاخيرة بدأت بعض الاصوات لدى الحزب تتحدث عن أن الحرب في الجنوب هي للدفاع عن لبنان في محاولة تصويب لموقع الحزب لبنانياً وأهداف "مقاومته" أمام أهل الجنوب من بيئته الذين ينزحون على الاقل، فيما يظهر أكثر فأكثر غياب التعاطف الداخلي باستثناء القليل إزاء ما يحصل مع استمرار معاناة النازحين من الجنوب ليس إلا. فالتعاطف كبير ومتعاظم ضد الإجرام الاسرائيلي في غزة وضد الفلسطينيين ولكن في الوقت نفسه يثير البعض تساؤلات عما إن كان لبنان وضرورة المحافظة على ما بقي من هيكله كدولة وتالياً منع إسرائيل من توسيع الحرب في اتجاه فتح جبهة جديدة مع الحزب في لبنان وتدميره وفق ما هدد المسؤولون الاسرائيليون، هو من يحمي الحزب من ردة الفعل الاسرائيلية بحيث يستفيد من الضغط الاميركي على إسرائيل لمنعها من تدمير لبنان أو بالاحرى لمنع توسع الحرب إقليمياً وربما دولياً، أم أن الحزب الذي ينخرط في الحرب "مشاغلةً" لاسرائيل هو من يحمي لبنان من الجنون الاسرائيلي أو يستدرجها الى توسيع الحرب في اتجاهه.


ولا يعتبر حلفاء للحزب أن الموقف الايراني يمكن أن يؤثر سلباً على الحزب أو أن يستفز رداً منه كما فعلت "حماس" التي رفضت موقف الحرس الثوري من أن عملية طوفان الاقصى كانت انتقاماً لاغتيال قاسم سليماني لاختلاف موقعي الطرفين إزاء إيران ولأن الحزب سبق أن تدخل لمصلحة الدفاع عن النظام السوري وبقائه مستدرجاً الى لبنان نزوح عدد كبير من السوريين وحتى بعض "الدواعش" أيضاً في مرحلة ما، من دون أن يتأثر موقعه في الداخل في عهد ميشال عون الذي أسهم في تأمين التغطية للحزب على طول الخط. فإيران وإن حاولت إظهار موقعها منفصلاً عن قرارات وكلائها في المنطقة من العراق الى اليمن ولبنان، لا تخفي القيادة من خلف في أسوأ الاحتمالات وتتقدم الى الواجهة دفاعاً وتوجيهاً من بعد في أحسن الأحوال، تشجعها على ذلك مواقف أميركية في الدرجة الاولى فصلت بين إيران وعملية طوفان الاقصى بداية ثم باتت تحمّلها مسؤولية عرقلة الملاحة في البحر الاحمر من الحوثيين أو في الوقوف وراء استهداف القواعد الاميركية في العراق لكن في الوقت نفسه الحرص على استهداف الوكلاء بدلاً من الطرف الاصيل. وهذا يُعتبر نجاحاً لإيران التي تستدرج انخراط الاميركيين في حرب مع الوكلاء لا معها على نحو مباشر.


ويعتبر هؤلاء أن خلاصة هذه المواقف تصب الى حد كبير في مصلحة الحزب وإيران من حيث تزايد الاقتناع بأن الحزب الذي يشكل امتداداً لإيران ويخدم مصالحها في الدرجة الاولى فحسب، يصعب إيجاد حل لسلاحه ونفوذه من ضمن الاستراتيجية الدفاعية أو ما شابه باعتبار أن هذه النقطة ستكون نتيجة ليس إلا. وما حصل من غزة الى لبنان فالعراق والبحر الاحمر من حوار إنما يحصل مع إيران بالذات وتعرف الولايات المتحدة وسواها ذلك وما إن كانت تود أن تساوم أو تتنازل أم لا وما الأثمان لذلك. هذا كان معروفاً ومحسوساً جداً، ولكن الامور باتت مكشوفة وتلعب على نحو صريح في هذا الاتجاه من دون أوهام فيما الولايات المتحدة لا تتعاطى صراحة وعلناً مع كل ذلك على خلفية مسؤولية إيران بل على قاعدة تحييدها ولو مع اعتبارها مسؤولة الى حدّ كبير. وهو أمر يسهم في تشجيعها على المضي في المقاربة نفسها في كل مناطق نفوذها في المنطقة.