أبرز ما تناولته الصحف الصادرة اليوم السبت ٣٠/١٢/٢٠٢٣

 

أبرز ما تناولته الصحف اليوم


كتبت النهار:

على عتبة بداية 2024 لا يزال لبنان مفتوحا على السيناريو الابرز الذي اتجه اليه منذ اربع سنوات اي المزيد من تحلل الدولة وتفكك مؤسساتها ولا يزال اللبنانيون يكافحون للبقاء واقفين وسط افلاس البلد ولامبالاة السياسيين في وقت بات صعبا ان يقرر لبنان اموره بنفسه بعيدا من انتظار ما يحصل في المنطقة . فهؤلاء السياسيون استطاعوا اعادة تأكيد وجودهم واستمراريتهم انما لا فاعليتهم ولا مسؤوليتهم ايضا في انتظار مميت للبلد واهله ان تبت الدول الاقليمية بمصير استحقاقاته الدستورية على خلفية ان البلد رهينة الخارج اليوم واكثر من اي وقت مضى ولا قدرة لهم على الخلاص وحدهم او ان تقرر ايران انخراطه في الحرب من اجل مصالحها. هناك اقتناعات تغدو راسخة اكثر فاكثر ويصعب تصويبها على رغم الحاجة الماسة لذلك وسط قلق كبير لدى النخب ولكن ليس لدى السياسيين من اهل السلطة بحيث يحفز لديهم مبادرة لانقاذ البلد او منع انزلاقه الى حرب لا يرغب فيها . اولى هذه الاقتناعات تتصل بمدى المخاوف التي يبديها البعض مما يمكن ان تحمله اي مساومات او تفاهمات في المنطقة سواء مع ايران على خلفية ما يتردد من مفاوضات لا تزال مستمرة بين واشنطن وطهران على رغم كل الغبار المرافق للحرب الاسرائيلية على غزة والخطابات المرتفعة السقوف . الخشية من ان يدفع لبنان ثمن اي تفاهم او تسوية فيما ان لا حضور فاعلا له وفي ظل انتظار سياسييه ان يمن عليهم الخارج بمخرج للازمة التي يتخبطون بها في رفض اخراج البلد من مأزقه ولا وجود له على اي طاولة اقليمية او دولية على رغم الضجيج الوزاري الذي لم يهدأ في مشاركات غير مجدية ومكلفة وكأن البلد بالف خير. ولا يساورن احد الشك بانه لو اظهر المسؤولون في السلطة وحتى خارجها القدرة على ادارة الامور بانفسهم وايجاد الحلول لما كان القلق على هذا القدر فيما ان هذا العجز السياسي يشكل بدوره سببا جوهريا لان يحتمل ان تأتي اي حلول او تسويات على حساب لبنان ويدفع ثمنها باهظا. وقد اظهرت سلسلة الازمات التي توالت منذ انتفاضة 17 تشرين الاول 2019 وحتى تاريخه تحلل لبنان من كل الصداقات الخارجية التي كان يمكن ان تشكل سندا داعما له في حين يغيب اي حضور خارجي باستثناء الحضور الايراني الدائم بحيث يشكل النفوذ الايراني المباشر عبر " حزب الله" ومن ثم عبر تحويل لبنان قاعدة للتنظيمات الفلسطينية الراديكالية ، بدوره احد اكبر المخاطر على صيغة لبنان ودوره وموقعه. فالمنطقة تغلي واذا ذهبت الى اي حلول فمن غير المرجح ان ينجو لبنان من تبعاتها وليس ضرورة على نحو ايجابي. وهذا مصدر قلق ويجب ان يكون كذلك. ولا يجب ان تكون هناك اوهام من عدم ترك لبنان الى نفوذ الحزب او نفوذ ايران ربطا بالتجربة التي حصلت مع ادارة حركة " حماس" لقطاع غزة وانعكاس ذلك على نفوذ ايران وعلى منع تسليم لبنان الى نفوذ الحزب . اذ سبق ان سلمت الولايات المتحدة بذلك حين لم تمانع بوصول ميشال عون الى الرئاسة في مقابل الاتفاق النووي مع ايران في 2015 ، كما سلمت ببقاء بشار الاسد ويمكن ان تسلم مجددا بكل ما سبق ربما على خلفية ضمانات ايرانية لامن اسرائيل طويلة الامد من الجنوب مماثلة للضمانات السورية لاسرائيل في الجولان الذي لم يشهد اطلاق رصاصة ضد اسرائيل طيلة 50 عاما . فاذا كانت الحرب الاسرائيلية ضد غزة راهنا يراد لها ان تكون اخر الحروب، فانه يجب عدم استبعاد كل السيناريوهات كذلك .




وثمة اعتقاد خاطىء بان لبنان يمكن ان يستعيد ازدهاره بمجرد نهوضه السياسي والاقتصادي فيما ان مراقبين كثر من النخب السياسية لم يعودوا يرون املا في استمرار تركيبة لبنان او صيغته التي بدأت تشهد تغييرات جذرية وعميقة على رغم التمسك ظاهريا بضرورة بقاء القديم على قدمه. فالتحولات العميقة التي تحصل بين الطوائف وتوازناتها وتوزعها ينذر يتغييرات كبيرة خصوصا على خلفية فراغ الموقع الرئاسي الاول والشروط المرتفعة من اجل تأمين انتخاب رئيس يخشى ان يكون في احسن الاحوال واجهة للقوى المتنفذة او يراد له ان يكون كذلك تحت طائلة افراغ الموقع من جوهره وقيمته وتأثيره .




ومن الاقتناعات التي تجد طريقها الى هواجس المراقبين كذلك هو ترجيح بقاء النازحين السوريين وعدم مغادرتهم لبنان ما عدا ربما قلة منهم في حال وجدت سوريا طريقها الى حل في المدى المنظور ومطمئن للسوريين او لغالبيتهم ، وهذا لا يبدو في الافق المنظور مع ما يحمل ذلك من احتمالات تغيير في تركيبة لبنان وصيغته وتوازنه الديموغرافي وربما ايضا التأثير السياسي عليه في حال تم تمكين بشار الاسد مجددا في سوريا . ويسري ذلك في الوقت نفسه مع غياب الاقتناع بان اهل السلطة واحزابها يريدون ان يقيموا اي اصلاح في لبنان على اي مستوى كان . فلا امل اطلاقا ولا ثقة بان غالبية الاحزاب ولا سيما المؤثرة منها ترغب في انهاء لبنان عبر الاصلاح الاداري او الاقتصادي فيما ان السعي الى الرئاسة الاولى وابقاء الصيغ السياسية الممكنة او المقبولة هو من اجل ادامة واقع التوزع " الميليشيوي" والحزبي الطائفي والمذهبي للحصص في الدولة ومراكزها ومواقعها على كل المستويات .




تبعا لذلك بالكاد يعمل لبنان كدولة على مستوى كل مؤسساته فيما ان استقراره النسبي يبقى الامل الوحيد ابقاء او لاستمرار لبنان كدولة علما ان هذا الاستقرار قد يكون نقطة التقاء مصالح متعددة اكثر منه رغبة في بقاء لبنان الدولة وخوفا من ان الفوضى فيه مؤثرة سلبا وعلى نحو كارثي على محيطه من اسرائيل الى سوريا وصولا الى اوروبا . وذلك في الوقت الذي اظهر سياسيون قدرتهم على تفعيل مؤسساته كما في التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون وقائد الامن الداخلي اللواء محمود عثمان حفاظا على ستاتيكو الاستقرار ولو بضغط دولي واقليمي كبير .