ابرز ما تناولته الصحف الصادرة ليوم الاحد ٣٠ تموز ٢٠٢٣



كتبت الراي الكويتيه 

يستعدّ لبنان لأغسطس الذي سيكون شهرَ اختبارٍ حقيقياً على المستوى النقدي – المالي في ضوء تَرَقُّب انطلاقِ مرحلة «تطبيعٍ» مع خروج حاكم المصرف المركزي رياض سلامة من مشهدٍ طَبَعَهُ وتَحَكَّمَ بمفاصل رئيسية فيه على مدى 30 عاماً متتالية، كما على الصعيد الرئاسي – السياسي في ظلّ تَحَوُّل الأسابيع الفاصلة عن سبتمبر فسحةً لآخِر محاولاتِ احداث اختراقاتٍ في مسار أزمة الانتخابات الرئاسية على متن تَقاطُعات جديدة تسبق المهلة التي حدّدها الموفد الفرنسي جان – ايف لودريان للعودة الى بيروت في «سبتمبر التشاور» وتفرض أمراً واقعاً على هذه المحطة المفصلية أو ربما تجعلها «لزوم ما لا يلزم».

وفي حين تَشي معطياتٌ عدة بأن «قطوع» انتهاء ولاية سلامة منتصف ليل الاثنين – الثلاثاء سيمرّ بحدّ أدنى من «صمامات أمانٍ» يوفّرها تَسَلُّم نائبه الأول وسيم منصوري (الشيعي) صلاحيات الحاكم بالوكالة، سواء لعب ورقة الاستقالة أو احتفظ بها، فان «حبْسَ الأنفاس» استمرّ حيال كيفية تَفاعُل الأسواق مع مرحلة ما بعد سلامة وهل تكون «هدنة الدولار» الملتبسة التي سادت في اليومين الماضييْن وتَراجَعَ معها الدولار الأسود للمرة الأولى منذ أشهر الى ما دون 90 ألف ليرة ستستمرّ أم أنها مجرّد «تهدئة سياسية» وأشبه بـ «هدوء ما قبل العاصفة» أَمْلتْه محاولاتُ تبريدِ مخاوف نواب الحاكم من تلقُّف «كرة النار» وربما «استدراجهم» الى… حقل الألغام.

ولا شكّ في أن تَلازُم الشغور في حاكمية مصرف لبنان مع دخول الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية شهره العاشر سيجعل هذين الفراغين متشابكيْن في أبعادهما ورمزيّتهما على صعيد استكمال دومينو خروج مواقع مسيحية حساسة «من الخدمة» أو انتقالها الى طوائف أخرى بالوكالة، كما لجهة امكان جعْل مجمل الواقع النقدي بمثابة «زرّ تفجيرٍ» أو تسخينٍ عند الحاجة في سياق لعبة «عض الأصابع» المرشّحة لأن تشتدّ في الطريق الى سبتمبر الذي يصعب تَصَوُّر أن يحطّ خلاله لودريان في بيروت ويعود «خالي الوفاض» من دون أن تترتّب على ذلك تداعياتٌ من النوع الذي لمّحت اليه مجموعة الخمس حول لبنان في اجتماعها الأخير في الدوحة (في 17 الجاري) أي فرْض عقوبات على معرقلي الاستحقاق الرئاسي.

ولم يكن عابراً في الساعات الماضية طغيان الدينامية الداخلية للملف الرئاسي على مساره الخارجي في ضوء ما بدا «إعادة تموْضع» يعبّد الطريقَ اليها رئيسُ «التيار الوطني الحر» جبران باسيل في سياق حواره المستعاد مع «حزب الله» الذي لا يحيد عن دعم مرشحه «الواحد والوحيد» أي سليمان فرنجية.

وقد رسّخ باسيل في اطلالتين متواليتين ما اعتُبر «مشروع مقايضة» مع الحزب لقاء السير بفرنجية وفق معادلة «التنازل عن الاسم (للرئاسة) مُقابِل أخْذ مكسبيْن للمسيحيين ولكل اللبنانيين هما اللامركزية الموسعة (الإدارية والمالية) والصندوق الائتماني»، معلناً «ثمن مرشّحهم لرئاسة الجمهورية بالنسبة لنا لن يكون أقلّ من لامركزية موسّعة وصندوق ائتماني يُدفع ثمنهما سلفاً عبر إقرارهما بقانون، ودون هذه سنترككم تفشلون لوحدكم».

وأضاف: «لمَن يتحدث عن تنازل وتكويعة، نحن لم نقايض على رئاسة الجمهورية وصلاحيّاتها وموقعها، نحن نأخد ثمن الاسم على 6 سنوات. ثم لماذا ننتظر سبتمبر ليعود الفرنسي ويجرّبنا وبعد ذلك يقوم بعمل تقرير في شأننا للدول الخمسة لتقرر ما عليها فعله؟ لماذا لا نقرّر ونتفق وحدنا ونبرهن سيادتنا على قرارانا؟ نضع البرنامج والأسماء ونذهب الى التوافق وإذا تعذّر فنذهب الى التنافس الديموقراطي».

ورغم التكتم الشديد الذي يُبْديه «حزب الله» ومحاذرة القريبين منه تسريب أي معطياتٍ أو انطباعاتٍ عن مجريات الحوار المفتوح مع باسيل، فإن دوائر مهتمّة أبلغت إلى «الراي» أن المعنيين في الحزب يعتقدون أن الأمور (مع باسيل) تسير في الاتجاه الإيجابي.

وإذ تجنّبت تلك الدوائر وصْف حوار باسيل مع «حزب الله» بـ «عودة الابن الضال»، فإن مقاربتها من موقع العارف ببواطن الأمور تستند إلى خلاصةٍ مفادها أن رئيس «التيار الحر» أدرك فداحةَ تغريده خارج سنده الوحيد، أي «حزب الله».

وفي تقدير هذه الدوائر أن باسيل تدارَك، في معاودة فتح قنوات الحوار مع «حزب الله»، ما ينتظر كتلته البرلمانية من تفكُّكٍ وما ستؤول إليه مكانته السياسية في أعقاب أي انتخاباتٍ نيابية مقبلة، وهو الأمر الذي يرتدّ حُكْماً على طموحه الرئاسي في المستقبل.

ورغم المرونة التي يُبْديها «حزب الله» في الجولات الحالية من الحوار مع رئيس «التيار» في محاولةٍ لتبديد هواجسه، إلا أنه لم يكن معنياً بتقديم أي التزامات حيال أسئلة باسيل عن الضمانات الممكنة لـ «كف شرّ» أي تَحالُفٍ من شأنه أن يرتقي إلى «ترويكا» بين فرنجية – الرئيس نبيه بري – الرئيس نجيب ميقاتي في المستقبل.

وفُهم من تلك الدوائر أن «حزب الله» يقارب العلاقة مع باسيل في مرحلتها الجديدة على قاعدة أن ما بعد (جهاد) أزعور (تَقاطَعَ التيار مع غالبية المعارضة على دعمه) ليس كما قبله ولا سيما في دور الحزب كـ «ضامنٍ» مستقبلي لمكانة رئيس «التيار الحر» و«حصته» في عهد فرنجية، في حال تم انتخاب الأخير رئيساً للجمهورية.

ورجّحتْ الدوائر عيْنها لجوء باسيل الى ما وصفتْه بـ «الخيار العقلاني» القائم على مبادلة ضماناتٍ ما بانتخابِ مرشح «حزب الله» للرئاسة، أي فرنجية، لمعاودة استعادة مكامن قوته في اللعبة السياسية، وربما انتزاع وعدٍ بتبنّي ترشيحه للرئاسة بعد فرنجية، وهو ما كان رئيس البرلمان نبيه بري أثاره في حوار سري سابِق معه.

وعبّرت هذه الدوائر عن اعتقادها أن انضمام باسيل الى الكتلة البرلمانية المؤيّدة لفرنجية تزيد حظوظ الأخير في الحصول على نصاب سياسي – نيابي لانتخابه، الا أنها تسأل في الوقت عينه عن امكان تأمين المعارضة النصاب الدستوري أو لجوئها الى التعطيل.

وفيما كان معارِضون ممّن سبق لباسيل أن تَقاطع معهم على دعم ترشيح أزعور يعلنون «أن لا مقايضة بين الاصلاح والسيادة» (كما قال نائب «القوات اللبنانية» جورج عقيص)، فان أوساطاً قريبة من المعارضة لم تتوانَ عن الاعتبار عبر «الراي» أن كلام رئيس «التيار الحر» يعكس «أن حواره مع(حزب الله)قطع شوطاً الى الأمام، وباسيل يمهّد الطريق لتكويعةٍ، عبر رفْع عنوانيْن كبيريْن يجس من خلالهما النبص حيال كيفية تلقُّف مجمل القوى السياسية، والتيار العوني والساحة المسيحية تَراجُعه» في اتجاه امكان دعم فرنجية.

وتساءلت الأوساط «لنفترض أن باسيل خطا نحو تأييد فرنجية على قاعدة الاختيار(بين السيئ والأسوأ)الذي يشكّله بالنسبة اليه قائد الجيش العماد جوزف عون، فهل يتبدّل موقف الكتلة الجنبلاطية الرافض خيار فرنجية؟ هذا لا يبدو وارداً.

وهل يتغيّر موقف غالبية الكتل السنية باختلاف تموْضعاتها خارج النواب السنّة في 8 مارس؟ هذا أيضاً لا يَظهر أنه وارد. وهل تذهب المعارضة نحو مقاطعة جلسة لفرْض خيارٍ احتجز(حزب الله)البرلمان لأشهر لمحاولة تأمين ظروفٍ لتعزيز حظوظ انتخابه؟ هذا مرجَّح».

ولم تستبعد هذه الأوساط بحال بلغت الأمور بين «التيار الحر» و«حزب الله» مرحلةً أبعد في اطار التقارب الرئاسي ألّا تنتظر قوى «الممانعة» شهر سبتمبر لـ «التحرك» رئاسياً، معتبرة أن زيارة لودريان لبيروت لم تحمل بوادر اختراق، وموضحة أن الموفد الفرنسي عاد ليطرح اجتماعاً حول الرئاسة والمواصفات والبرنامج «وكأن باريس تريد قول ما زلنا هنا ولم نتخلّ عن الملف اللبناني».

وأكدت الأوساط عيْنها أن المعارضة مازالت على رفْض صيغة الحوار بالمعنى الذي كان مطروحاً خلال زيارة لودريان في يونيو الماضي، مرجِّحة أن يعقد الموفد الفرنسي في محطته الثالثة في بيروت اجتماعاتٍ قد تكون على شكل الاستشارات التي تُجرى مع الكتل النيابية قبل تكليف رئيسٍ للحكومة وتشكيل الحكومات أي لقاءات مع الكتل واحدة وراء الأخرى وربما تتوسّع حلقة اللقاءات، وكاشفة أن مسألة عقد جلسات متتالية في البرلمان حتى انتخاب رئيس «لم تُطرَح كشرط» مُلازِم للتشاور المنتظَر.

ولم تمرّ اطلالة الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في ختام المسيرة العاشورائية المركزية في الضاحية الجنوبية لبيروت دون التطرق الى الملف الرئاسي ولو في شكل مقتضب اذ اعتبر «ان فتْح الباب لحوارات ثنائيّة جدية ودؤوبة قد يفتح أفقاً في جدار الانسداد القائم في مسألة الانتخابات الرئاسية وهذا ما نعمل ونتعاون عليه ونأمل أن نصل فيه الى نتيجة».

واستعاد نصر الله خطابه التصعيدي في الملفين اليمني والبحريني، ولغته الأكثر تشدُّداً حيال الولايات المتحدة التي وصفها أكثر من مرة بـ «الشيطان الأكبر» الذي وسّع رقعة المواجهة معه الى «ترويج الانحراف الأخلاقي والشذوذ».