طالوزيان واجه حادثة غامضة المعالم في الأيام الماضية ... هذا ما حصل



استعادة "شبح" الهواجس الأمنية الذي عاد يلوح في الأفق اللبناني خصوصاً بعد واقعة اختطاف المواطن السعودي وعلامات الاستفهام التي تطرحها حول بعض التصدّعات المحيطة للواقع الأمني، بدأت تلوح أيضاً على نطاق مجموعة من النواب والشخصيات السياسية حيث تلفت المعطيات إلى اتخاذ بعضهم إجراءات أمنية خاصة واستثنائية على مدى الأسابيع الماضية. وهناك بعض الإشارات السلبية على المستوى الأمني التي برزت على الصعيد النيابي، ومنها مثلاً مع النائب جان طالوزيان الذي واجه ما هو أشبه بحادثة غامضة المعالم في الأيام الماضية نتيجة الهجوم على سيارته وكسر زجاجها وتركها في مكان قريب من منزله. ولم يفقد طالوزيان أي مقتنيات فيها كما أنه لم يعر الحادثة الحاصلة اهتماماً. ويقول لـ"النهار" إنه لم يبدّل اجراءاته الأمنية المتبعة لأن "الأجواء العامة لا توحي بتحولات سلبية على المستوى المذكور".

وانطلاقاً من خبرته الخاصة في المجال الأمني باعتباره عميداً متقاعداً، لا يقرأ طالوزيان أن "الهواجس المعبّر عنها في مكانها أمنياً ولا ظروف أمنية حرجة في البلاد (من طابع سياسي) باعتبار أن التوازنات السياسية لا تسمح بذلك، في غياب الحاجة إلى خربطة أمنية شبيهة بالاغتيالات الحاصلة سابقاً والتي طاولت جانب محور سياسي واحد". ويحصر تراجع الوضع المعيشي بشكل خاص على مستوى "موظفي القطاع العام وفي طليعتهم العسكريين الذين يعانون نتيجة الأوضاع الاقتصادية. وقد تكون عدم تكوين السلطة مسألة مقصودة وغايتها التخفيف من عديد موظفي الدولة ومحاولة دوزنة الأوضاع الاقتصادية بطريقة معينة". وإذا كان همود الحماسة من ناحية التطوع في القطاعات العسكرية يطرح علامات استفهام لدى البعض حول انعكاس ذلك على واقع المؤسسات الأمنية والأوضاع في البلاد، فإن تالوزيان "لا يعتبرها مسألة جديدة انحسار التطوع على مستوى بعض الطوائف وخصوصاً المحدودة العدد منها، لكن زيادة هذه الظاهرة مسيحياً مرتبطة بتراجع الايمان بالدولة اللبنانية واختيار التوجه إلى القطاع الخاص أو اتخاذ الهجرة سبيلاً. ويتمثل الخطر على لبنان إذا بقيت طريقة الحكم قائمة في غياب تنفيذ الاصلاحات والاستمرار في الإدارة الحالية للبلاد على المستوى السياسي".

في المؤشرات الأمنية ما بين كانون الثاني - نيسان 2022 و2023 التي عبّرت عنها "الدولية للمعلومات"، لوحظ أنه وبعد التحسّن في تلك الأرقام المسجلة رسمياً عام 2022 مقارنة بسنة 2021 (إذ كانت حوادث السّرقة والقتل قد تراجعت)، مع تسجيل ارتفاع في حوادث الخطف مقابل فدية (ارتفعت بنسبة 176%)، شهد الشّهران الأولان من عام 2023 إزاء الاستمرار في التحسّن، عودة إلى التّراجع خلال شهري آذار- نيسان، ما يشير ربما إلى احتمال عودة التّراجع في هذه المؤشرات. وقد سجّلت المقاربة الأمنيّة لدى المقارنة بين عامي 2022 و2023 (من كانون الثّاني إلى نيسان) ارتفاعاً في حالات الانتحار بنسبة 25% وسرقة السيّارات بنسبة 8.4%، في وقت تراجع أعداد القتلى بنسبة 20.3%، وجرائم السرقة بنسبة 38.3% وجرائم الخطف بنسبة 74.2%. وتجدر الإشارة إلى أنّ هناك حوادث سرقة أو قتل أو انتحار أو خطف لم يتمّ إبلاغ القوى الأمنية عنها، وتالياً قد تكون الأعداد الفعليّة أكبر من تلك المذكورة على مستوى الإحصاء الرسمي.

ولا تغيب الملاحظات السلبية حول واقع الأوضاع الأمنية لبنانياً من دون التعبير عن محاذير كبرى، كأن تلفت قراءة الخبير العسكري العميد المتقاعد ناجي ملاعب لـ"النهار" إلى أن "الحادث الذي حصل الأسبوع الماضي لناحية اختطاف الموظف السعودي في سفارة المملكة العربية السعودية والتجوّل به على نطاق مناطق لبنانية وصولاً إلى الحدود المتفلّتة مع سوريا، يحدث قلقاً لدى رجال أعمال وسياسيين وديبلوماسيين؛ لكنه لا يتجاوز حدوداً معينة. ويمكن أن تحصل هذه الأحداث نتيجة أهداف شخصية أو كحادث فردي بغية طلب فدية أو ردّ على انتقام أو أن يكون له وجه آخر سببه الجريمة المنظّمة". لكنّ المعيار المطمئن الذي تتلقّفه مقاربة ملاعب، يتمثّل في "غياب توترات الوضع الاقليمي بعد التفاهم الحاصل بين المملكة العربية السعودية وإيران والتطورات الايجابية المستجدة على هذا المستوى ما يساهم في إراحة الساحة اللبنانية أمنياً. ويبقى الوضع المتفجّر مع العدو الاسرائيلي الذي يمكن أن يسبّب إرباكاً على المستوى الأمني من جانب اسرائيل؛ وهل يمكن أن يتحوّل إلى ما يشبه التوتر في الجنوب اللبناني؟".

وفي ما يخصّ الأوضاع المحلية، "لا توترات متوقعة طالما أن الأجهزة الأمنية أصبحت ذات خبرة وتدريب، خصوصاً في ما يتعلّق بالتصدي لعمليات الخطف وسرعة تحرّكها"؛ وهذا ما يجعل ملاعب يحصر الصورة المقلقة من ناحية "مخاطر متعلقة برجال الأعمال أو السياسيين لأهداف متعلقة بالابتزاز أو الانتقام ضمن مخطط لارباك المنطقة أو للتعبير عن الحضور (نحن هنا) من جانب تنظيم معين يملك السلاح في لبنان". أما لجوء بعض النواب إلى حماية شخصية أو تدريع سياراتهم، فإنها مسألة لا يربطها ملاعب بالأوضاع الأمنية إطلاقاً في "غياب التهديدات الأمنية سوى إذا كانت ثمة جريمة منظمة للاختطاف استناداً إلى تطورات الأسبوع الماضي. ويعيش لبنان حالياً مرحلة مصيرية على مستوى انتخابات رئاسة الجمهورية لمصلحة هذا المرشح أو ذاك مع ضغط معين يمكن تلافيه حتى يتصرف النائب بحرية وفق ما تمليه إرادته في المجلس النيابي".

النهار - مجد ابو مجاهد