كتبت ندى ايوب في الأخبار:
بالنسبة والتناسُب، ثبت ديوان المحاسبة تورّط 6 وزراء اتصالات من جمال الجراح إلى جوني القرم بالهدر وسوء الإدارة، ما أدى إلى خسارة الخزينة أكثر من 110 ملايين دولار مرشّحة للارتفاع في ملفّ يتّصل بمباني شركة «تاتش»، الشريكة بالتواطؤ ضد المال العام، فيما يسجّل للوزير شربل نحاس تغريده خارج سرب المتورطين. ووفق تقريرٍ أعدّه الديوان عن مبنيي قصابيان و«الرينغ»، يمكن الاستنتاج أن «الجوائز الكبرى» في تبديد الأموال العامة تعطى باستحقاق لثلاثة من أصل 6 هم: نقولا الصحناوي وجمال الجراح ومحمد شقير، المسؤولون الأساسيون عن هدرٍ بقيمة 10 ملايين دولار في مبنى قصابيان من دون استعماله، و100 مليون دولار لاستئجار مبنى «الرينغ» ثم شرائه، من دون أن تتملّكه الدولة! نزيف المال العام استمر لعدم إيلاء الوزراء المتعاقبين الملفين أي أهمية، ومن دون اكتراث للخسائر الإضافية التي يراكمونها على الدولة المفلسة أصلاً. هو ملف في شركة تدير قطاعاً، فكيف الحال لو قدّر التوسع بالتحقيقات في ملفات البلد المنهوب
مبنى قصابيان: «تاتش» متواطئة في هدر أكثر من 10 ملايين دولار
منذ 2005، أعلمت شركة «تاتش» وزارة الاتصالات بضيق مساحة المبنى الذي تشغّله قرب المرفأ. في 2011، طلب رئيس مجلس الإدارة كلود باسيل موافقة الوزارة على الانتقال إلى مبنى قصابيان في الشياح، وأرسل نسخة عن عقد إيجار بقيمة 38 مليون دولار لمدة 10 سنوات، إضافة إلى 5 ملايين دولار لتجهيز المبنى. غير أن وزير الاتصالات آنذاك شربل نحّاس رفض العرض لأسباب عدة، منها قدم المبنى وارتفاع بدل الإيجار. عام 2012، راسلت «تاتش» الوزير نقولا الصحناوي الذي وافق على العرض، لكنه اعترض على عدم وجود بند يتيح للشركة فسخ العقد بعد مدة معيّنة، فأضافت الشركة بنداً يسمح بذلك بعد انتهاء السنة التأجيرية الثالثة. وافق الصحناوي، ولكن حين طالبت الشركة بصرف إيجار السنة الأولى، لم يستجب بشكلٍ غير مفهوم، فصُرف النظر عن الأمر، وبقيت «تاتش» في مقرها مع نقل أحد أقسامها إلى طابقين في مبنى BDD في بيروت. بعد شهرٍ واحد، وبصورة مفاجئة، أرسل أنطوان حايك (لجنة إشراف المالك، أي بطلب من الصحناوي) إلى باسيل طالباً توقيع العقد. خلال أقل من 20 دقيقة، أرسل باسيل مسودة عقد الإيجار إلى محامي قصابيان طالباً التصرّف فوراً، واصفاً الموضوع بـ«المستعجل جداً».
في أيلول 2012، وقّعت «تاتش» العقد لمدة 10 سنوات بقيمة 2.2 مليون دولار للسنة الأولى مع زيادة 6% سنوياً، أي أنها خفّضت بدل الإيجار إلى نحو 31.47 مليون دولار. واللافت أن العقد تضمّن بنداً صريحاً بأن «تاتش عاينت المبنى، وتثبّتت من خلوه من العيوب وأنه يحمل الاثقال التي تريدها». ولكن، رغم استعجالها لإبرام العقد، انتظرت «تاتش» 9 أشهر، وسدّدت بدلات إيجار بقيمة مليون و65 ألف دولار من دون الاستفادة من المبنى، قبل أن تكلّف «دار الهندسة» التي أكّدت وجود عيوب في المبنى، والحاجة إلى تدعيم أساساته بكلفة 1.5 مليون دولار. بعد مفاوضات، وُقّع ملحق على عقد الإيجار وافق فيه المالك على تحمّل نصف كلفة التدعيم، أي حسم 700 ألف دولار بالتقسيط من بدلات الإيجار ابتداء من السنة الثالثة، ومنح «تاتش» 6 أشهر مجانية لإنجاز أعمال التدعيم تُضاف على السنة التأجيرية العاشرة عوضاً من أن تكون في السنوات الأولى. معنى الاتفاقية أن الدولة ستدفع سلفاً 1.5 مليون دولار للتدعيم (لاحقاً ارتفع المبلغ إلى مليون و800 ألف وتحمّلت خزينة الدولة وحدها الـ300 ألف دولار المضافة)، وفي حال فسخت «تاتش» العقد قبل السنة العاشرة، لا يمكنها مطالبة قصابيان بما يتوجّب عليه من المبلغ. المفارقة الثانية أن الأعمال أدرجت وكأنها للتقطيع والديكور، ما يشي بمحاولة لتخفيف مسؤولية قصابيان عن العيب المكتشف، وهو ما عزز لاحقاً موقعه في القضية التي رفعها ضد الدولة. دفع الصحناوي مليون و800 ألف لزوم التدعيم وبدأت الأعمال. في شباط 2014، طلبت «تاتش» صرف 11 مليون دولار لتجهيز المبنى، علماً أنّها كانت قدّرت هذا المبلغ بحوالي 5 ملايين في 2011 و2012.
رفض صحناوي دفع الملايين الـ11، ومع تسلم الوزير بطرس حرب الوزارة، اعتبر أن «صفقة ما حيكت»، واقترح في نيسان 2014 فسخ عقد الإيجار لـ«وقف الهدر»، على أن تدفع الدولة السنة التأجيرية الثالثة لتتمكن من الفسخ. إلا أنّ صاحب المبنى رفض بحجة أن «الاتفاقية الملحقة أبطلت حق الفسخ بعد السنة الثالثة...» معتبراً أن الفسخ يرتب على الدولة تسديد بدلات إيجار السنوات العشر، وطالب بدفع إيجار السنة الرابعة (أكثر من مليوني دولار).
بعد عام من إبلاغها، وبمخالفة صارخة في اليوم الأخير قبل فسخ العقد، غيّرت «تاتش» موقفها بقرارٍ مخالف لتعليمات حرب، وأبلغت قصابيان تراجعها عن الفسخ. تصدى حرب للتجاوز عبر تأكيد مطلبه بالفسخ وبدأ حينها (2016) المسار القضائي للملف.
بلغت حصيلة ما تكبّدته الخزينة نتيجة صفقة مبنى قصابيان نحو 10 ملايين و344 ألف دولار، من دون أي منفعة. وهي، بحسب الديوان، ناتجة من: بدلات إيجار السنوات الثلاث الأولى (7 ملايين وأربعة آلاف دولار)، مع الضريبة على القيمة المضافة، وإيداع شك مصرفي ببدل إيجار السنة الرابعة لدى الكاتب العدل لرفع الحجز الاحتياطي على عائدات «تاتش» لدى الغير (2.5 مليون دولار+ 10%)، ودفع حوالي 264 ألف دولار عن أعمال التدعيم حتى تاريخ 7/10/2015، و110 آلاف دولار لـ«دار الهندسة» التي بقي لها في ذمة «تاتش» 50 ألف دولار، فضلاً عن احتمال تكبّدها تسديد تعويض نتيجة إنهاء العقد معها، ودفع 110 آلاف دولار وفق سعر الصرف آنذاك بدل رخصة بناء لبلدية الشياح وبدل معاملات الترخيص لدى نقابة المهندسين، ناعيك عن ضريبة الأملاك المبنية واشتراكات الماء والكهرباء والرسوم البلدية وما يكون قد استحق نتيجة إلغاء العقود أو أتعاب المحامين أو ما قد تنتهي إليه الدعاوى.
وقد تبيّن لديوان المحاسبة أنّ «تاتش» أخلّت بمسؤوليّة حسن الإدارة، لكونها:
- لم تجرِ مناقصة لتحديد المبنى الأنسب لحاجاتها.
- رئيس مجلس إدارتها كلود باسيل أصرّ على استئجار المبنى رغم رفض نحاس لعدم صلاحيته.
- قدّمت مسودّة لعقد الإيجار بمبلغ مرتفع من دون تخمين مسبق.
- أبدت استعجالاً لافتاً في إبرام صفقة الاستئجار، علماً أنها أعلنت قبل 4 أشهر انتفاء الحاجة للاستئجار، وعادت وتباطأت 9 أشهر لتكليف دار الهندسة فحص المبنى.
- لم تتثبت من أن المبنى صالح، بل ضمّنت العقد زوراً اعترافاً بصلاحيته، وموّهت في الملحق عيوب المبنى.
- قدمت تقديراً لكلفة الانتقال إلى المبنى الجديد في 2013 ضعف كلفة الانتقال المقدرة في 2011 و2012.
- تخطّت تعليمات وزير الاتصالات بطرس حرب بوجوب فسخ العقد ورتّبت على الدولة موجبات مالية.
الدولة اشترت مبنى لم تتملّكه بضعفَي سعره
شبهات هدر للمال العام وتبييض أموال ودفع رشى تحيط بمبنى «تاتش» المعروف بمبنى «الرينغ». فبعد فشل صفقة مبنی قصابيان، وتعيين جمال الجراح وزيراً للاتصالات، في 28/12/2016 صُرَف النظر عن متابعة ملف قصابيان، وطلب الوزير الجديد من الشركة البحث عن خيار مناسب. من بين أربعة مبان عُرضت عليه، وافق على مبنى «الرينغ» الذي لم يكن خياراً جيداً، رغم أنه كان الأقل سوءاً.
المبنى الذي تملكه شركة «سيتي ديفيلوبمنت» لصاحبها نبيل كرم لم يكن منجزاً (على العظم) عندما وقّع الجراح عقد استئجاره لـ 15 سنة ببدل إيجار سنوي يبلغ 6.4 مليون دولار، تزيد بنسبة 1.5% سنوياً. فيما دفعت الدولة 22 مليوناً و600 ألف دولار لشركة مقاولات يملكها صاحب المبنى نفسه لاستكماله وتجهيزه، من دون أي استدراج عروض، ورغم أن «تاتش» لفتت نظر الوزير إلى أن بدلي الإيجار والتسكير مرتفعان. هكذا، سددت الخزينة 6.4 مليون دولار بدل إيجار السنة الأولى و22 مليوناً و600 ألف دولار كلفة استكمال الأعمال.
وبعدما أثارت وسائل الإعلام أخباراً حول هدر في الصفقة، وافق وزير الاتصالات الجديد محمد شقير (عُيّن في 13/2/2019) على شراء المبنى، مقابل 68.5 مليون دولار، من دون حسم الـ22 مليوناً و600 ألف من سعر المبنى الذي كان قد مرّ على استئجاره ثلاثة أشهر فقط. اتفق شقير ومالك المبنى على أن يكون الشراء بالتقسيط على ثلاث سنوات، ما رتّب على الدولة فوائد بقيمة 5 ملايين و100 ألف دولار إضافية على السعر. كما رتّب فسخ شقير الإيجار غرامة على الدولة قدرت بـ 233 ألف دولار. سددت الخزينة 23 مليوناً و600 ألف دولار كدفعة أولى من ثمن المبنى. أما الأقساط السنوية البالغة 45 مليون دولار والتي كان يفترض تسديدها سنوياً (15 مليوناً في كل من 2020 و2021 و2022)، فقد تخلّف كل من شقير والوزيرين طلال حواط (عُيّن في 21/1/2020) وجوني قرم (15/1/2022) عن تسديدها، ما دفع مالك المبنى إلى رفع دعوى قضائية في آذار 2022 لإلغاء عقد البيع واسترداد المبنى، علماً أن في العقد بنداً جزائياً يغرّم الدولة 15 ألف دولار عن كل يوم تأخير!
ديوان المحاسبة أشار إلى شبهات حول وجود صفقة تبييض أموال ودفع رشى. فقبل إبرام عقد الإيجار، تأسست شركتان وهميتان، «AC» و«BC»، اشترتا المبنى من «سيتي ديفلوبمنت»، ورهنتا عقد الإيجار لدى مصرف فرنسبنك للحصول على قرض بقيمة 22.174 مليون دولار، رغم أنه لم يمضِ على تأسيسهما أكثر من شهر، ورغم أن رأس مال كل منهما لا يتجاوز 30 مليون ليرة. بعد الحصول على القرض، أعادت الشركتان بيع المبنى إلى «سيتي ديفلوبمنت». واللافت أن الأخيرة هي من ضمنت الشركتين لدى فرنسبنك. والمفارقة أن عقد الإيجار الذي أُعطي القرض بموجبه حُرّر بتاريخ 24/5/2018، في حين أن عقد الإيجار نفسه أبصر النور بتاريخ 13/7/2018، ما أكد للديوان وجود تلاعب ما.
أما المفارقة الأكبر فهي عدم وضع إشارة لعقد البيع في السجل العقاري، بمعنى أن لا شيء يثبت أن الدولة اشترت المبنى، بل جرى توقيع نسخة واحدة من عقد بيع أودعت لدى أحد المحامين وليس لدى كاتب بالعدل، و«للمصادفة»، فإن هذا المحامي هو محامي شركة AC نفسه.
بناء لمعطيات توافرت لديوان المحاسبة، فإن ثمنه آنذاك لم يكن بما لا يتجاوز 45 مليون دولار. بمعنى أن الدولة اشترته بضعفي سعره. وقدّر الديوان مجمل المبالغ المتوجبة على الخزينة نتيجة الصفقة بـ 102.933.370 دولاراً، سُدِدَ منها 52.833.370 دولاراً، ويبقى حوالي 50 مليون دولار، هي عبارة عن الأقساط الثلاثة إضافة إلى الفوائد المحددة في العقد والبالغة 5.1 مليون دولار.
الخسائر وقعت أيضاً بفعل مبالغ جرى تضخيمها في العقد، كبدل الإيجار المسدد عن السنة الأولى عندما كان المبنى غير منجز، وكان يفترض أن يكون إيجاره أقل من مبنى منجز. وكذلك بفعل ثمن المبيع الذي حدد بـ68 مليوناً و500 ألف دولار، وهو أعلى بكثير من قيمة السوق آنذاك. مع الإشارة إلى احتمال تفاقم الخسائر في حال نجح مالك المبنى في دعواه بإلغاء عقد البيع وتحصيل غرامة قدرها 5.475.000 عن كل سنة تأخير، أو في حال إعلان إفلاس «سيتي ديفلوبمنت».
الصحناوي هدر المال العام
خلص الديوان إلى أن الوزير نقولا صحناوي أخلّ بواجباته بإبرام العقد رضائيّاً من دون مناقصة أو استجرار عروض، ولم يتثبّت من ملاءمة بدل الإيجار أو صلاحية المبنى، ما أدى إلى إهدار أكثر من 10 ملايين دولار، فضلاً عن التسبب في دعاوى لا تزال عالقة ضد «تاتش» تصل قيمتها إلى 30 مليون دولار. كما وافق على الاتفاقية الملحقة لعقد الإيجار الأساسي رغم طابعها المجحف بحق الخزينة. ولم يعرض عقد إيجار المبنى والتعديل الحاصل عليه على ديوان المحاسبة، ما يشكّل مخالفة صارخة للأحكام القانونية، وهدراً للمال العام.
حرب أخلّ بواجباته
خلص الديوان إلى أن الوزير بطرس حرب أخلّ بواجباته لأنه اكتفى بفسخ عقد الإيجار، ورغم علمه بحصول هدر للمال العام، لم يتّخذ أي إجراء لاسترداد المال المهدور، سواء من الإدارة السابقة (صحناوي) أو من «تاتش»، وجلّ ما فعله هو تقديم «إخبار» (وليس شكوى) حول شبهات في الملف إلى النيابة العامة المالية بناء على تحقيقات صحافية، من دون أن يتّخذ أيّ إجراء إضافي بعد حفظ الإخبار من قبل النيابة العامة المالية، كأن يطلب التوسع في التحقيق. كما لم يتّخذ أي إجراء بحق «تاتش» لأنها خالفت تعليماته بفسخ العقد لإلزامها تحمّل أي ضرر.
التوصيات
تكمن أهمية تقرير ديوان المحاسبة الذي أعده القاضي عبد الرضا ناصر في الغرفة الثانية، أنه أدرج أسماء وحدد مسؤوليات، في ملفيّن لا يزالان يتفاعلان لجهة تداعياتهما القانونية وما يمكن أن يؤديا إليه من مزيد من الهدر في المال العام. وانطلاقاً من عدم استخدام مبنى قصابيان والتعثّر الذي رافق ولا يزال عملية استئجار ثم شراء مبنى الرينغ، نتيجة عدم نقل ملكيته إلى الدولة، ووجود دعوى من قبل المالك تؤدي إلى فسخ عقد البيع وخسارة الدولة للعقار وللملايين التي دفعتها، أوصى الديوان بـ :
- تحرّك وزارة الاتصالات لدى الإدارات المعنية ومنها هيئة القضايا (محامي الدولة) لتحديد المسؤوليات عن الخسائر بالأموال العمومية، تمهيداً لمطالبتهم بتعويض عن العطل والضرر.
- الطلب من الوزارة تسوية النزاع القائم مع مالك مبنى قصابيان لأن إهمال الملف فيه ضرر.
- إحالة الملف على النيابة العامة لدى الديوان والنيابة العامة التمييزية.
- نقل ملكية مبنى الرينغ إلى الدولة اللبنانية.
الجرّاح وقّع عقدين مجحفين
دان ديوان المحاسبة الوزير جمال الجرّاح الذي لم يجرِ رقابة وتدقيق فعليين على عروض المباني المقدمة من «تاتش»، ما أدى إلى تكبيد خزينة الدولة بدل إيجارات باهظة. كما وافق على عقود إيجار بأسعار أعلى من أسعار السوق بـ11.5% بالحد الأدنى من قيمة المأجور، وبشروط مجحفة رغم علمه بذلك، وهي عقود تتضمن أيضاً أوصافاً غير صحيحة. وإلى ذلك لم يعرض الصفقتين لموافقة مسبقة من ديوان المحاسبة.
الحوّاط والقرم يكبران الخسارة
سجّل الديوان على الوزيرين طلال الحواط وجوني القرم أن كلاهما لم يضعا إشارة عقد البيع على الصحيفة العقارية للمبنى مما يعرّض ملكية الدولة للعقار للضياع. وكلاهما لم يفكرا بسداد الأقساط المتوجّبة أو البحث في صحة العقد ومحاسبة المسؤولين عن توقيعه. ومن شأن تجاهل الوزيرين للملف كلياً، منع تحصيل حقوق الخزينة العامة والتسبب بمزيد من الخسائر، أخطرها خسارة ملكية المبنى تبعاً للدعوى المرفوعة من مالكه.
شقير وخسارة المبنى
ثبّت التقرير إدانة الوزير محمد شقير لعدم اتخاذه أي إجراء بشأن صفقة الإيجار، ولا بحق «تاتش» أو الوزير جمال الجراح، بل سلّم بالواقع الذي فرضته الصفقة رغم علمه بمدى إجحافها بحقوق الخزينة العامة، ما يعتبر إهمالاً وظيفياً تسبّب بأضرار كبيرة على المال العام. وهو عالج النتائج المترتبة على وضع مريب بإبرام صفقة جديدة (شراء المبنى). عندما وافق على الشراء لقاء ثمن مرتفع جداً من دون تخمينه، ومن دون أن يحسم المبالغ المسددة مسبقاً من المال العام لاستكمال المبنى. وأخطر ما فعله شقير، عدم وضع إشارة عقد بيع في السجلات العقارية، وجعل ملكية العقار غير محصّنة ومعرّضة للضياع، في حال إعلان إفلاس «سيتي ديفلوبمنت» مالكة العقار. كما لم يسدد الدفعة الثانية من ثمن المبيع (15 مليون دولار)، مما عرّض حقوق شركة «تاتش» للضياع، لجهة إمكانية اعتبارها معتكفة عن تنفيذ العقد، الأمر الذي يرتب غرامة 15 ألف دولار يومياً عن كل يوم تأخير.