كتبت جريدة اللواء
في واحدة من أسوأ انهيارات العملة الوطنية، ابتلع الدولار الاميركي الهائج عبر تطبيقات المتلاعبين، المدعومين بسكوت مخيف من الطبقة السياسية، وفي ظل اضراب بالغ الخطورة والالتباس للمصارف ما تبقى من قدرة شرائية لليرة اللبنانية بمائة ضعف ويزيد فتبارت، مع هذه النتيجة، اسعار المحروقات لتقترب من مليوني ليرة لبنانية صفيحة البنزين، ويتجاوز سعر ربطة الخبز الـ50 ألفاً، مع انعدام الخدمات الصحية والاستشفائية والنقص الهائل في الادوية لما هو مستعصٍ من الامراض، وحتى حبة الاسبرين او البنادول، مما افقد المواطن قدرته على الخروج من منزله او الذهاب الى عمله في شلل غير مسبوق للادارة العامة، التي تعقد رابطتها عند الحادية عشرة من قبل ظهر غد الخميس في مبنى نقابة الصيادلة مؤتمراً صحفياً تتحدث فيه عن استمرار الاضراب والمطالبة بمضاعفة الراتب والتقديمات 5 اضعاف مع تقديمات مماثلة للصناديق الضامنة وتعاونية موظفي الدولة، بعدما حال الطقس السيىء والمخاوف من المطر من تنفيذ الاعتصام، الذي كان مقرراً بعد ظهر اليوم، وسط بيروت..
في ظل هذا الاغتيال الآثم لليرة اللبنانية التي صمدت عقوداً من الاقتتال والحروب والانقسامات، ومعها تجري اقذر عمليات اذلال لشعب، يمثل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة امام التحقيق الاوروبي في قصر العدل، بادارة المحقق اللبناني قاضي التحقيق الاول في بيروت شربل ابو سمرا.
واستبقت جمعية المصارف جلسة الاستجواب التي اعدت الترتيبات لها امنياً ودفاعياً، فهو سيحضر اي الحاكم مع وكيليه الفرنسي واللبناني، ليرد على ما لا يقل عن مائة سؤال كما تردد، بالعودة الى الاضراب اعتراضاً على حدّ ما قيل، على الاحكام الصادرة من القضاء بوجه بعض البنوك لصالح المودعين، الذي اعتبر من قبل جمعيات المودعين بأنه هروب من المساءلة، واستفزازاً للتشريع لحماية البنوك الناهبة لحقوق اللبنانيين من الملاحقة القضائية والقانونية المشروعة.
على ان مصادر مصرفية ابلغت جهات نافذة، حسب معلومات «اللواء» ان مصير الاضراب واستمراره سيتقرر في ضوء نتائج استجواب سلامة، والخطوات المقبلة على ان ينتهي اضراب المصارف الاسبوع المقبل.
وعلى المقلب الرئاسي، يدور السؤال، وسط حركة الموفدين العرب والدوليين: هل تتمكن بكركي مدعومة من التيار الوطني الحر من وضع حاجز امام وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى قصر بعبدا، مدعوماً من ثنائي امل - حزب الله في ترشيح جدي، قال عنه نائب الامين العام لحزب الله انه ليس للمناورة؟سص
واعربت مصادر سياسية عن اعتقادها بأن مرحلة جديدة بدأت بالمنطقة العربية والجوار، بعد التوقيع على الاتفاق السعودي الايراني برعاية صينية، وقالت ان ما قبل الاتفاق ليس كما بعده على الاطلاق، لان كل دول المنطقة بحاجة إلى التفاهم والاستقرار والتفاعل الاقتصادي والتعاون بمختلف المجالات، لتجاوز مؤثرات وتداعيات عقود من الخلافات والحروب والفتن التي تسبب بها التدخل الايراني في شؤون واوضاع الدول العربية الداخلية.
ودعت المصادر الى ترقب نتائج ومترتبات هذا الاتفاق الذي مايزال مضمونه وتفاصيله غير معلنة، لمعرفة ما يتضمنه، للتصرف على اساسه، والبناء عليه في موضوع الاستحقاق الرئاسي، وحل الازمة التي تعصف بلبنان، ولفتت إلى ان محاولات بعض الاطراف، اعتبار ما حصل انما هو انتصار لفريقه السياسي على حساب خصومهم السياسيين، ليس صحيحا على الاطلاق، ويهدف الى الاستئثار وفرض موقفه، بالقوة، كما كان سائدا يومذاك..
وشددت المصادر على ان اولى مفاعيل الاتفاق السعودي الايراني على لبنان، سقوط محاولات فرض مرشح استفزازي للرئاسة، كما طرح بالاسابيع الماضية، بعدما فشلت كل من المعارضة بتسويق مرشحها النائب ميشال معوض، وحزب الله وحركة امل وحلفائهما بتسويق الوزير السابق سليمان فرنجية، بينما اصبح المجال مفتوحا، للبحث جديا بالصيغة التي طرحها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ليتم إختيار الرئيس المرتقب على اساسها، وقد يكون من خارج لائحة الأسماء التي ضمنها بالصيغة، اذا كانت الاطراف موافقة عليه ودعت المصادر الى الاسراع وعدم هدر مزيد من الوقت سدى، إن كان بالتريث لانتظار مدة الشهرين المحددة لتنفيذ الاتفاق السعودي الايراني، لمعرفة كيفية اتجاه الامور ومدى التقيد بمضمونه، لان المكتوب يقرأ من عنوانه، ولا بد من الاسراع بالاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، تفاديا لمزيد من التداعيات السلبية الناجمة عن الفراغ الرئاسي ووضع حد للانهيار المالي المتواصل، دون ضوابط.
ومع مواصلة راعي ابرشية انطلياس للموارنة المطران انطوان بو نجم اتصالاته، ونفيه دقة اللائحة المسربة على انها مدعومة من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي للرئاسة الاولى، اعتبر تكتل «لبنان القوي» الذي اجتمع برئاسة النائب جبران باسيل ان «المسيحيين يتحملون المسؤولية الاولى في الاتفاق بين الراغبين لاختيار الشخص الانسب للرئاسة الأولى».
والتقى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط الذي وصل الى الكويت مساء امس مع موقف باسيل، حيث اعلن انه يفضل الرئيس التوافقي، الذي يملك بعداً اقتصادياً، متسائلاً في تصريح «لصوت لبنان» لماذا لا نرشح العنصر النسائي.
ونقل موقع جريدة «الانباء» الالكتروني الناطق بلسان الحزب التقدمي عن مصادر مقربة قولها ان «الرئيس يجب ان يكون مقبولاً من القوى المسيحية وغير مستفز»، مطالبة بأن يكون الرئيس مقبولاً من القوى المسيحية الرئيسية.
وعلمت «اللواء» ان جنبلاط توجه عصر امس، إلى الكويت، على رأس وفد نيابي وقيادي من الحزب، من ضمن المشاورات واللقاءات التي يجريها لمعالجة بعض المشكلات التي يُعانيها لبنان على كل الصعد، ولما للكويت من مساهمات على هذا الصعيدلا سيما الانساينة منها.
وستكون لجنبلاط، بحسب مصادر الحزب، لقاءات سياسية مع المسؤولين الكويتيين، ومنها لقاء مع وزير الخارجية الكويتي، الهدف منها شرح مبادرات جنبلاط والحزب لمعالجة المشكلات القائمة ولا سيما تعثر انجاز الاستحقاق الرئاسي ودعوته للحوار للتوافق على مرشح مقبول من كل الاطراف..
وستكون لجنبلاط لقاءات مع الجالية اللبنانية وبعض الشخصيات الاغترابية، كما سيكون هناك لقاء مخصص لمصلحة مركز معالجة سرطان الاطفال في الجامعة الاميركية في الكويت.
وعلى صعيد الحراك العربي والدولي باتجاه لبنان، في اطار تلمُّس ما يمكن فعله لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، على وقع الواقع المعيشي المأساوي في البلاد، استقبل فرنجية في دارته في بنشعي سفير جمهورية مصر العربية الدكتور ياسر علوي، وجرى «بحثٌ معمّق في المستجدات السياسية في لبنان والمنطقة».
وقالت مصادر سياسية لـ«اللواء» ان المواقف التي تصدر تعطي الانطباع بأنه ثمة حركة ما لخرق المراوحة، لكن المعطيات تشير الى ان اللقاءات لم تخرج بأية نتيجة فعلية، وان العوائق ما تزال على حالها، داعية لعدم اسقاط استدارة النائب جنبلاط الرئاسية لجهة الدعوة الى الرئيس التوافقي.
أبو الغيط: سيكون للبنان رئيس
فقد جال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط اليوم على المسؤولين اللبنانيين، فزار عين التينة حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وقال في دردشة مع الصحافيين لدى مغادرته: سيكون هناك رئيس للجمهورية والمسألة مسألة وقت ويجب ان نسرع بهذه الخطوة لأن الامور خطيرة.
كما زار ابوالغيط رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بحضور وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب.
خلال الاجتماع أكد أبو الغيط «أن مؤتمر القمة العربية سيعقد في شهر ايار المقبل في المملكة العربية السعودية، ومن المرجح ان يكون الموضوع الرئيسي للقمة اقتصاديا ويتناول كيفية مساعدة الاقاليم العربية المحتاجة .
وشدد على «أن القمة السعودية -الصينية-الايرانية ايجابية جدا، وأن مفاعيلها الاولية هي ارساء نوع من الاستقرار السياسي والأمني بين السعودية وايران، ولكن مفاعيلها على سائر الملفات المطروحة في المنطقة غير واضحة بعد».
«تاسك فورس» تحذّر
كذلك جال وفد من مجموعة العمل الأميركي من أجل لبنان (فورس تاسك فور ليبانون) برئاسة السفير السابق إدوارد غابرييل على المسؤولين، فزار وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب. وبعد اللقاء تحدث بوحبيب الذي أعلن ان زيارة الوفد «هي لتشجيع اللبنانيين والمسؤولين على انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، واقرار الإتفاق مع صندوق النقد الدولي لكي يعود لبنان الى ما كان عليه».
اضاف بو حبيب: كما بحثنا في موضوع صندوق النقد الدولي، وملف النزوح السوري لأنهم سند قوي لنا في هذا الملف.
بدوره تحدث السفير السابق إدوارد غابرييل الذي قال: اننا قلقون جدا على الظروف الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، وقد لمسنا معاناة الشعب اللبناني في تدبير معيشته من خلال اللقاءات التي أجريناها، في ظل عدم توافر الكهرباء والمياه وكل مقومات العيش، وفي ظل الركود الاقتصادي المتردي لا يمكن للمواطنين اللبنانيين ايجاد الوظائف.
أضاف: جئنا لنستطلع سُبل مساعدة الشعب اللبناني وقد التقينا اليوم قائد الجيش العماد جوزيف عون، وتحدثنا عن السيادة على كامل الاراضي اللبنانية وحماية هذه الاراضي، ونرى ان الجيش اللبناني يقوم بعمل جيد جدا بمساعدة الولايات المتحدة، ليس فقط في موضوع الامن وحفظ الاستقرار، ولكن ايضا في موضوع مكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود، وقد تلقينا تقريرا جيدا عن هذا الموضوع من قِبل قائد الجيش.
وزار الوفد ايضاً، وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري، وقال غبرييل: جئنا للتحدث مع وزير العدل لفهمٍ أفضل لكيفية عمل القضاء من أجل تحقيق العدالة في ملف انفجار المرفأ وغيره من الملفات بشكل عام، وفهم العملية المتعلقة بانفجار المرفأ وكيفية تحقيق العدالة القضائية المستقلة لهذا الملف. وقد كان الوزير صريحا جدا معنا في وصف التحديات التي واجهها منذ البداية، والتحديات التي يواجهها في الملفات الأكثر شيوعا والتي قرأنا عنها بشكل عام في كل المجالات.وسننقل هذه المخاوف الى واشنطن ونعبّر لصانعي السياسة هناك عما علمناه، لكننا نترك للوزير انطباعا مباشرا بأن هناك مثل هذا القلق الذي يجب أن نبدأ فيه محادثات تحسين استقلالية القضاء آملين مواصلة هذا الحوار.
وقال الخوري: وصل الوفد الى لبنان للاستعلام عن كل الأوضاع اللبنانية ومنها الاقتصادية والمالية والسياسية، وبما فيها أيضا الشأن القضائي، وكيفية سير العدالة في لبنان. لقد شرحنا للوفد الوضع القائم بحيث ميّزنا ما بين الفترة 2019 حين كانت الأمور تجري بشكل سليم وصحيح وقانوني، وما بعد 2019 والمصاعب التي اعترضت حسن سير العمل القضائي، كما تطرقنا أيضا الى الملفين اللذين يشغلان الوضع اللبناني داخلياً وخارجياً وهما ملف انفجار المرفأ وملف المصارف.
اضاف: من الطبيعي أن هناك أموراً لا يمكن لوزارة العدل إعطاء أي معلومة حولها بما فيها الملفات القضائية لأنه لا يحق لنا التدخّل في الملفات كجهة سياسية، وقد طلبنا من الوفد مساعدتنا على البت بهذه الملفات من خلال الاستجابة لطلب الحكومة اللبنانية تأمين صور الأقمار الصناعية إن أمكن، لأن هذا الأمر يساهم بتعجيل البت بالملف وبالتالي في إحقاق العدالة.
والتقى الوفد ايضاً نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، ثم قائد الجيش العماد جوزف عون واطّلع أعضاء الوفد على المهمات التي يقوم بها الجيش لحفظ أمن لبنان واستقراره، والصعوبات التي يمر بها في ظل الأزمة الحالية وسبل مساعدته لتخطيها.
غلاء المعيشة
على الصعيد المعيشي، استقبل ميقاتي الذي يغادر الى الفاتيكان في الساعات المقبلة، رئيسَ اتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الاسمر الذي قال بعد اللقاء: بحثنا في اصدار مراسيم زيادة غلاء الأجور في القطاعين العام والخاص، واشار الى امكان ان يبحث في أول جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل بعد عودته من روما في هذه المواضيع.
اوضح ان هذه الزيادات التي بحثت تم الإتفاق عليها عندما كان سعر الدولار نحو 40 الف ليرة لبنانية، وهي لم تعد تفي بالغرض أمام دولار بلغ نحو مئة الف ليرة، لذلك دعونا الهيئات الاقتصادية ووزير العمل لإعادة إحياء لجنة المؤشر في هذه المرحلة الخطرة، لاقرار زيادة أخرى تتماشى مع الوضع وتفي بالغرض، اي اقرار سلّمٍ متحركٍ للأجور مرتبطٍ بالدولار الأميركي في القطاعين العام والخاص حتى لا نبادر الى اجتماعات يومية.
وقال: نحن أمام سعر متحرك للدولار، وما من مسؤول يحاسب أو يبادر الى اتخاذ إجراءات معينة، واقصد هنا المسؤولين الماليين، لتثبيت سعر صرف الدولار، لأن هذا الارتفاع يؤدي بنا من كارثة الى أخرى، ومن هنا ضرورة تثبيت سعر صرف الدولار لنتمكن من البدء بالمعالجات.