يحلّ موعد الانتخابات البلدية والاختيارية في أيار المقبل وسط انعدام الحماسة المطلوبة حيالها من اكثر الاحزاب والقوى السياسية المشغولة بالاستحقاق الرئاسي المعلّق وغير المأمول في اتمامه في ظل كل هذه المساحة من التباعد بين الكتل النيابية وانقساماتها. وتختلف حسابات كل فريق عن الآخر ويبقى الخاسر الاكبر مؤسسات الدولة وفي مقدمها الرئاسة الاولى.
وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي يقول لـ"النهار" إنه مصمم على اجراء الانتخابات في موعدها، وهذا ما أبلغه الى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، وان لا موانع لديه في إجرائها ولو في ظل حكومة تصريف اعمال. ويشير الى أن نفقاتها المالية تبقى أقل من كلفة الانتخابات النيابية "والوزارة جاهزة ولن أطلب تأجيلها".
وسمع مولوي من رئيس المجلس ان يقوم بالتحضيرات المطلوبة، و"التصرّف كأن موعد الانتخابات غدا". ولم يدخل في توجه جهات سياسية قد تلجأ لى طلب التمديد للمجالس البلدية والاختيارية بحجة ان الظروف السياسية غير مؤاتية في البلد ولا تساعد في اجرائها. ويشدد على ان الاولوية "يجب ان تنصبّ على الانتخابات الرئاسية، ولكن في حال عدم حصولها قبل ايار المقبل لا شيء يمنع الناخبين من التوجه الى صناديق الاقتراع في بيروت والمناطق واختيار مجالس بلدية جديدة". وما يخشاه في حال إقدام البرلمان على التمديد للبلديات هو توجّه اعضاء مجالس الى تقديم استقالاتهم بسبب عدم قدرتهم على العمل في ظل الشح المالي في صناديقها وعدم حصولها على مستحقاتها المالية كاملة. وثمة 110 بلديات من دون مجالس مع توقع ارتفاع هذا العدد. وفي زحمة انهماك الكتل النيابية بالاستحقاق الرئاسي يتبين ان حزب "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر"، واطرافا مسيحية أخرى، فضلًا عن النواب "التغييريين"، هم في مقدم الجهات التي تتحضر للانتخابات البلدية من دون ضجيج اعلامي.
وستكون لهذا الاستحقاق حسابات مسيحية بعد كباش الانتخابات النيابية. ولم تبرز حماسة كبيرة حيال هذا الاستحقاق بعد عند "حزب الله" وحركة "أمل" والحزب التقدمي الاشتراكي وجهات اخرى، مع قول مرجع بأن الانتخابات النيابية "أسهل عليه مئة مرة من خوضه انتخابات البلديات وما تجرّه من مشكلات".
وتشهد بيروت اكثر من سواها من المدن والبلدات حراكاً بلدياً بدأ يظهر في صفوف جمعياتها وعائلاتها، ولا سيما في ضوء صدور اصوات نيابية مسيحية في دائرة بيروت الاولى تخشى عدم تحقيق المناصفة بين الاعضاء الـ 24 المسلمين والمسيحيين، مع التوقف عند الدور الذي اضطلع به الرئيس سعد الحريري في آخر انتخابات وحرصه على تطبيق المناصفة غير المضمونة هذه المرة بحسب النائب نقولا صحناوي الذي يتحدث عن "شبه اجماع لدى نواب الاشرفية على إمكان عدم المشاركة في هذه الانتخابات ومقاطعتها وفق القانون الحالي الذي لن يؤمّن المناصفة". ويؤيد صحناوي اقتراح القانون الذي قدمه في البرلمان النائب آغوب ترزيان و الرامي الى انشاء مجالس محلية في كل حيّ من أحياء بيروت الـ 12، على ان يتألف مجلس بلدية بيروت من العضوين اللذين نالا اكثرية الاصوات في كل حي.
من جهته، لا يلتقي النائب ابرهيم منيمنة مع موقفَي صحناوي وترزيان، إذ يشدد على عدم تقسيم بيروت مع توقفه عند هواجس البعض، ويريد ان "تشكل العاصمة نموذجاً لكل البلد". وكان قد بدأ مع نواب وجمعيات يلتقي معها في التوجهات السياسية التحضير للانتخابات، "وسأقف بالمرصاد في البرلمان لكل من يقدِم على السير بخيار التمديد وسنتصدى له"، وان البديل في رأيه "يجب ان يتمثل في ادخال دم جديد الى المجالس البلدية والاختيارية والتعاطي مع هذا الاستحقاق بالجدية والمسؤولية المطلوبتين". وتشغل انتخابات بلدية بيروت سائر الاطراف، مع ملاحظة ان فاعليات في العاصمة بدأت التواصل مع مكتب النائب فؤاد مخزومي للوقوف عند مقاربته وتطالبه بالتدخل في الاستحقاق من دون البتّ بعد في التوجه الذي سيسلكه. و في هذا الوقت تتنبه فاعليات بيروتية ناشطة في أكثر من جمعية على رأسها المقاصد، الى اهمية موقع المجلس البلدي والدور الذي يجب ان يقوم به، ولا سيما في ظل غياب الضابط الذي كان ينظم توازن ايصال الـ 24 عضواً وتحقيق المناصفة التي أرساها الرئيس الراحل رفيق الحريري منذ انتخابات 1998 بالتعاون مع الوزير الراحل فؤاد بطرس آنذاك وبالتفاهم مع "حزب الله" وحركة "أمل" والحزب التقدمي.
وفي الغضون يلاحَظ عدم وجود هذا "الضابط" اليوم في العاصمة في ظل الانقسامات عند السنّة وصولاً الى البيت المسيحي حيث لا أحد يضمن الحفاظ على هذه المناصفة المهدّدة هذه المرة. وتخرج اصوات تدعو مجلس امناء المقاصد الى تبنّي اسماء سنية تعبّر فعلاً عن مشارب العاصمة وجمعياتها على ان ينسق هذا الامر مع القوى المسيحية، لأن دخول الانتخابات في ظل هذه الانقسامات سيؤدي الى استحالة تأمين المناصفة. ويطرح مقاصديون وفاعليات اسم المهندس بسام برغوت لرئاسة لائحة موحدة والاستفادة من علاقاته مع اركان عائلات بيروت ومع مختلف الاطراف الاسلامية والمسيحية. وثمة من يقول تفادياً لعدم تقسيم العاصمة بتثبيت مقاعد المجلس البلدي وتوزيعها طائفياً - اذا اقتضت الضرورة - على غرار الانتخابات النيابية بغية الحفاظ على المناصفة وعدم تكرار تجربة انتخابات بلدية طرابلس في 2016 التي لم تأتِ بأي مرشح مسيحي واحد.
اما في حال لم يسوَّ أمر بيروت قبل موعد الانتخابات ولم تتجه رياح البرلمان نحو التمديد للبلديات بحجة تعطيل انتخابات الرئاسة الاولى، فإن مجلسها البلدي قد يهدد انتخابات كل لبنان.
رضوان عقيل