أبرز ما تناولته الصحف العربية الصادرة اليوم ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٢
الراي الكويتية :
يحمل الأسبوعُ الطالع في بيروت، انطلاقةَ «ديسمبر اللبناني» التي ستنطبع بدخولِ الشغور في موقع رئاسة الجمهورية شهرَه الثاني، وبدء العدّ العكسي لأعياد نهاية السنة التي ستشكّل «هدية» للطبقة السياسية للإمعان في «شراء الوقت» فوق أنقاض أزمة مالية صنّفها مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان اوليفييه دو شوتر، بأنها توازي بمسبباتها وتداعياتها «جريمةً ضد الإنسان».
و«الصوتُ الصارخ» من دو شوتر، كما قبْله من البنك الدولي لجهة اعتباره أن «أداء الاقتصاد الكلي في لبنان أسوأ من زيمبابوي واليمن وفنزويلا والصومال»، لن يكون كافياً للإفراج عن استحقاقٍ رئاسي بات يختزن «عصارة» صراعٍ مديد يمزّق «بلاد الأرز» منذ 2005 بعدما انكشفتْ على حرب النفوذ الإقليمية التي استنزفتْها أمنياً وسياسياً قبل أن ترميها في الحفرة المالية السحيقة
وفيما كان «الوقت الضائع» من الانتخابات الرئاسية يملأه غبارُ شعاراتٍ من نوع «لبْننة الاستحقاق» واتهاماتٍ بـ «استدراج الخارج»، وإطلاق «حزب الله» حملةً ضد المعارضة النيابية و«مرشح التحدي» الذي تدعمه أحزابُها السيادية ومستقلون (ميشال معوض) باعتبار أنه يحمل «مشروعاً يربط لبنان بالمصالح الأجنبية» ومهاجمته «تدخل السفارات»، جاء كلام المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي عن أن «سياسة إيران الفاعلة في لبنان وسورية والعراق كانت نتيجتها فشل مخطط أميركا في هذه البلدان»، مؤكداً «سنواصل دعمنا لقوات المقاومة في المنطقة ولبنان وفلسطين»، ليضع الاستحقاق الرئاسي في «موقعه الحقيقي» كعنوانٍ إقليمي بامتيازٍ ولا يمكن إخراجُه من سياقات مقاربة طهران للساحة اللبنانية باعتبارها «عمقاً استراتيجياً» لها.
وفي موازاة كلام خامنئي و«تحت سقفه» يمكن فهْم الإشاراتِ التي يوجّهها «حزب الله» ضمناً ويُشتمّ منها أنه لا يمانع إشراك دول خليجية وفي مقدّمها السعودية في الملف الرئاسي، بمعنى أن يأتي رئيس ترضى عنه، أكان سليمان فرنجية، الذي لم يَنزل به الحزب بعد إلى الحلبة الرئاسية كمرشحه «الوحيد»، أو غيره، في إطار استجلاب عناصر دعم للبنان تهدئ بالحد الأدنى من سرعة الانهيار ولمَ لا تضع البلاد على سكة التعافي ولكن وفق معادلة أن الخارج «يدفع من جيْبه» المالي من دون أن يخسر الحزب ومن خلفه إيران «من كيسهما» السياسي الفعلي الذي يبقى محصّناً بقوة النفوذ والتمكين المتراكميْن.
وليس أدلّ على هذا المناخ، وفق أوساط سياسية، من محاولة «حزب الله» رسْم مسارٍ للانتخابات الرئاسية يقوم على الفصل بين الاقتصاد وبين السياسة بمفهومها أيضاً الأمني والعسكري المرتبط بوضعية سلاحه، وهو ما تعكسه مواقف «ثابتة» ومتدرّجة تُعْلي أولوية المعالجة الاقتصادية على أي اعتبارات في ما خص برنامج الرئيس العتيد للجمهورية.
ولعل الأكثر تعبيراً عن هذا المنحى جاء على لسان نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، الذي أعلن أنه «بما أننا متفقون على أولوية الاقتصاد ومكافحة الفساد، فلنُحِلْ القضايا الخلافية إلى الحوار، ومن الطبيعي ألّا تنطبق مواصفات الرئيس الذي يرعى الحوار على من وَضَعَ أولويته في مواقفه السابقة نزع سلاح المقاومة»، و«إذا كانت المقاومة نقطة خلافية أحيلوها إلى الحوار، ولنأتِ برئيس لديه قدرة على العمل الإنقاذي باشتراك كل اللبنانيين حول الموضوع الاقتصادي، ويكون لديه القدرة على إدارة طاولة حوار تستطيع أن تجمع اللبنانيين ليتناقشوا في موضوع الاستراتيجية الدفاعية، ولنرَ إلى أي نتيجة سنصل».
ووفق أوساط سياسية معارضة للحزب، فإن محاولة «تجزئة» الأزمة اللبنانية لن تنجح وهي بمثابة مسعى لـ «استنساخ» تجربة ما بعد اتفاق الطائف عبر «توزيع المهمات» لبنانياً على قاعدة تركيز القرار الأمني – العسكري في يد «ناظم» رئيسي كان سورية، وترْك الرئيس الشهيد رفيق الحريري يتحرك بوصْفه «عنواناً إقليمياً» في البُعد الاقتصادي، وهو المسار الذي اصطدم به الحريري مراراً وصولاً إلى «شطبه» بالاغتيال تكريساً لهذا الفصل الذي يُراد تكراره في 2022، مذكّرة بأن مواقف المملكة العربية السعودية في العامين الأخيريْن تركّز على ثنائية الإصلاح السياسي والمالي كتعبيرٍ عن «وحدة الحل» بمساريه المتوازييْن.
في موازاة ذلك، وفيما يُنتظر أن تلتحق جلسة الانتخاب الرئاسية الثامنة الخميس المقبل بسابقاتها، اتجهت الأنظار مجدداً إلى حركة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الخارجية، وسط تقارير تحدثت عن أن زيارته الثانية للدوحة في غضون نحو أسبوعين ستشهد استكمال المحادثات السياسية التي أجراها في محطته السابقة.
وإذ وُضع انتقال باسيل لقطر تحت عنوان تلبية دعوة رسمية لمتابعة كأس العالم وتحديداً المباراة التي جمعت انكلترا والولايات المتحدة، فإن نتائج حِراك رئيس «التيار الحر» الذي يراوح بين تفعيل دينامية البحث عن مخارج قانونية لملف العقوبات الأميركية عليه، وبين توفير منصة ليكون «عرّاب» تسوية رئاسية يكون فيها «الحاكِم» في العهد الجديد، تبقى محكومةً بحسابات «حزب الله» في استحقاقٍ يُمْسِك بخيوطه الرئيسية التي تجعله متفوّقاً على الآخَرين.