كتب مارك بخعازي
في حديث تلفزيوني للنائب السابق عن دائرة زحله سيزار معلوف ، أن حاكم لبنان الفعلي ، هو رياض سلامه، حاكم مصرف لبنان.
معه حق . بل الف حق سيزار.
ونصيحتي أن تزال عبارة مصرف المحشورة بين عبارتي حاكم ولبنان، لأنها باتت حشوا، ولا مكان لها في الأعراب المالي، لأن مكانها هو الأعراب السياسي،بعدما بات سلامه من الثوابت غير القابلة للصرف والازاحة، والاقالة،وهو المثقل بدروع التميز ك" ايقونة" للنقد الذي تبخر او هاجر باشارة منه ، ومن المصارف، وحط رحاله آمنا في مصارف الخارج، لاسيما في الجزر العذراء، وسواها من ملاذات الجنات الضريبية، بعدما" ضرب" رأس المودع اللبناني، الذي لم يعد يحق له " تسول" جزء من قرشه الأبيض في هذا الزمن الأسود.
أجل أن رياض سلامه هو الرجل الاقوى في لبنان، يحكمه بالقانون ومن خارج القانون ، وهو محمي جدا.
إنه أقوى من رئيس الجمهورية،ورئيس المجلس النيابي، ورئيس الحكومة . إنه هو الحاكم. فقد استطاع أن يحدث شرخا داخل حلقة المسؤولين. منهم من يطالب باقالته ومحاكمته، ومنهم من يطالب ببقائه. لكن الانكى والاخطر إنه استطاع تقسيم القضاء إلى قضائين: أحدهما يريد رأسه، وآلاخر يستخدم كل الوسائل ليمنع الأول من تحقيق غرضه.
وبلغت قوة سلامه حدا مكنه من قسمة القوى الامنية إلى طرفين: الأول يسعى إلى تطبيق مذكرة قضائية بمثوله أمام قاضي التحقيق. والثاني يحمي مقر إقامته لقطع الطريق على من يريد سوقه.
لماذا المكابرة ؟ وطمر الرؤوس في الرمال كالنعامة.
رياض سلامه ، ولو كان متحصنا، في مصرف لبنان، يحاذر التنقل، وممارسة حياته الاجتماعية ، كما كان قبل الازمة، هو الاقوى على الارض، لأنه يمتلك حق تجويع الناس اذا لم يفتح اعتمادات استيراد الطحين، وقادر على تسريع حتفهم اذا لم يوقع على طلب تمويل استيراد الأدوية المزمنة، وهو مارس فن" الزكزكة" متلذذا بطوابير السيارات امام محطات المحروقات، عندما كان يرفض توقيع التحويل الخاص باستيرادها.
ليعترف السياسيون والقضاة والامنيون، والنخب، والصحافيون والاعلاميون، أن في لبنان حاكما واحدا اوحد ،اسمه رياض توفيق سلامه، لأنه الوحيد القادر على " دربكة" الكثير من الأمور دون أن يجرؤ احد على محاسبته.
لا ابالغ اذا قلت إنه" قائدنا" الملهم، المحمي، المصان ، لأنه يعرف الكثير، ويمتلك شبكة عنكبوتية يستحيل فكاكها او الافلات منها.
تباين توصيف الأدوار التي يؤديها رياض سلامه: هل هو " طرزان"، هل هو وكيل "تفليسة"، أو " شمشون" الذي قرر ألا يسقط الا بعد أن يهدم الهيكل فوق رؤوس الجميع.
رحم الله الدكتور ادمون نعيم الذي قاوم وهو على رأس حاكمية مصرف لبنان رغبات كبار المسؤولين، وتصدى ، وهو الثمانيني لبنادق الأمن الداخلي بعد رفض التوقيع على تحويل مخالف للقانون. لم تنفع معه المخاشنة ولا اللكمات، ولا عقب رشيش. كان حازما، صارما، قالها بصوت عال: لن أوقع.
هكذا تكون الرجال. ما من احد يريد تذكر الحادثة ليتمثل بالدكتور نعيم.
لذلك، ليهنأ اللبنانيون فهم في " مأمن" من اي مكمن، ولن يكون هناك فراغ، طالما أن لوطنهم حاكما يدعى رياض سلامه.