أبرز ما تناولته صحف اليوم السبت ٢٧ آب ٢٠٢٢


كتبت النهار

لاحظ اللبنانيون أن قضيّة النائب البطريركي العام المطران موسى الحاج المسؤول عن أبرشية صور المارونية الشاملة أراضيَ فلسطينية محتلة منها القدس والمملكة الأردنية الهاشمية، التي بدأت يوم أوقفه حاجزٌ للأمن العام على الحدود بين الأراضي المذكورة ولبنان وأقدموا على تفتيشه ثم التحقيق معه بعدما وجدوا في حوزته حوالي 460 ألف دولار أميركي موضبة في حقائب راوح عددها بين 12 و18. وقد قال يومها إن عدداً من اللبنانيين الذين فرّوا الى إسرائيل بعد التحرير عام 2000 أرسلوها معه الى عائلاتهم في وطنهم الأم لمساعدتهم في هذه الأيام الصعبة، لاحظ هؤلاء أن هذه القضية اختفت من وسائل الإعلام. فظنّ بعضهم أن اتفاقاً في شأنها قد تم مع البطريركية المارونية وسيّدها البطريرك بشارة الراعي وذلك بعدما استشاط غضباً من جرّاء التعدّي الذي تعرّضت له البطريركية باحتجاز نائبه في الأراضي المقدّسة وما حمله من أموال فضلاً عن جواز سفره وهاتفه الخلوي. فهل هذا الظن في محلّه؟ وهل سيرى اللبنانيون المطران الحاج عائداً الى مقرّ عمله وكأن شيئاً لم يكن؟ وهل سيعود الى سيرته الأولى أي الاستمرار في مساعدة عائلات الذين غادروا لبنان الى الأراضي المحتلة خوفاً من انتقامات بسبب التعامل مع إسرائيل أو الاشتباه في تعامل كهذا؟

قبل الجواب عن هذا السؤال لا بدّ من الإشارة الى أن شخصيات قانونية وسياسية قليلة تطوّعت لحلّ هذه المشكلة بعد اتخاذها بعداً مسيحياً كبيراً من جرّاء رد الفعل الساخط والعنيف الذي قام به البطريرك الراعي ولا سيما في وسائل الإعلام وعبر عظاته الأسبوعية. وهو رفض في حينه التعرّض للمطران الحاج الذي لم يخرق أيّ قانون لبناني، والذي لا يسمح أحد البروتوكولات الموقّعة بين السلطة الكنسية والدولة بالتعرّض له تفتيشاً أو منعاً من العبور الى الأراضي المحتلة.

بعض هذه الشخصيات دفعتها الحمية المارونية المسيحية الى التحرّك ومعها الحرص على عدم اشتعال خلاف شديد بين بكركي والفاعليات الدينية الإسلامية كما مع الدولة اللبنانية، إذ إن ما يعيشه المسيحيون والمسلمون من مشكلات وأزمات في لبنان بدأ يخنقهم ويجعل حياتهم مستحيلة، ولذلك فإنهم لا يحتاجون الى مشكلة إضافية أو الى خلاف جديد يضافان الى ما يعانونه. إلا أن البعض الآخر من الشخصيات المُشار إليها دفعته الى التحرّك أسباب أخرى تُضاف الى حرصهم على بكركي وعلى استمرار الحد الأدنى من الأدنى من التوافق بين العائلات الروحية اللبنانية و”شعوبها”، أبرزها تكوين رصيد مسيحي ثم وطني يؤهّل هؤلاء لإيجاد حل أو تسوية تمكّنهم من الوصول الى رئاسة الجمهورية التي تبدأ بعد أربعة أيام من المهلة الدستورية لانتخاب من يتربّع على سدّتها بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي ميشال عون. لذا فإن السؤال عمّا حصل لهذه القضية بعد غيابها عن الإعلام وعن المواقف العلنية الغاضبة في مختلف الأوساط الدينية في البلاد هو في محله. أمّا الجواب عنه فيُقدّمه رجال قانون تعاطى بعضهم بتكليف رسمي من بكركي لحل هذه المشكلة والحفاظ في الوقت نفسه على مصالح الكنيسة المارونية وهيبتها ودورها ورعاياها. تفيد معلومات هؤلاء أن أمام هذه القضية طرقاً ثلاثاً لتسويتها. الأولى طيّ القضاء لها بإقفال ملفها. الثانية تفعيل القضاء لها. أما الثالثة فهي إبقاؤها قيد البحث عن حلول ولكن بهدوء وبعيداً من الإعلام. وتفيد أيضاً أن هذه القضية تسلك الآن الطريق الأخيرة، وأن ما يسعى الى معالجتها محامٍ صديق لبكركي من زمان، وهي كلّفته أحياناً عدّة معالجة ملفات قضائية بعضها تحدّث عنه في حينه الرأي العام اللبناني فيما بقي بعضها الآخر طيّ الكتمان. الاتصالات الأساسية تجري مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم بوصفه رئيساً لمؤسسة نفّذ العاملون فيها على الحدود اللبنانية مع إسرائيل (فلسطين المحتلة) عملية تفتيش المطران الحاج بعد تلقّيهم أمراً بذلك من المحكمة العسكرية جعلهم ضابطة عدلية. وقد أسفرت الاتصالات الأولية معه عن استعادة المطران الحاج جواز سفره وهاتفه الخلوي. ويُقال في دوائر جدّية إن البطريرك الراعي لم يعلم بذلك أو بالأحرى لم يعرفه رسمياً ولم يقبله بعدما عرف به لرفضه الحلول الجزئية ولتمسّكه بإعادة كل ما صودر منه إليه. وتفيد المعلومات أيضاً أن موقف السلطة من إعادة الأموال المحتجزة الى المطران كي يوزّعها على العائلات المرسلة إليها وفق اللائحة التي وضعها ثابت ولن يتغيّر وهو مصادرتها، وأن على بكركي، لكونها رأس الكنيسة المارونية، أن تُعطي توجيهاتها الى المطران الحاج أو الى من يخلفه في أبرشيته “الصعبة” بعدم تكرار نقل الأموال الى لبنان، علماً بأن الجهات الرسمية أبلغت بكركي أن الإعفاء من التفتيش على حاجز الناقورة يقتصر فقط على الشخصيات الدولية السياسية أو الدينية أي التي لا تحمل جنسية لبنانية. وهذا أمرٌ سيطبّق من الآن وصاعداً، إذ إن الأمن العام في تلك المنطقة الحدودية اكتشف في الرحلة ما قبل الأخيرة للمطران الحاج الى لبنان حيازته كمّية كبيرة من المال قال إنها مُرسلة من المُبعدين من لبنان الى إسرائيل أو الفارّين إليها أو العملاء لها أو المنفيين. وكادت تحصل “شوشرة” في حينه لكن قائد الجيش العماد جوزف عون عرف بسرعة بما حصل فأجرى الاتصالات اللازمة وأنهى المشكلة وظنّ أن بكركي ستمنع الاستمرار في هذا العمل. لكن بدا أنها لم تفعل ذلك. وتفيد المعلومات أخيراً أنه ربما يجري بعملية صعبة ومعقّدة وطويلة في آن واحد حالياً التأكد العميق من مصدر الأموال المُرسلة من “لبنانيي إسرائيل” ومن المُرسلة إليهم في لبنان. كما تفيد أن مرجعاً قضائياً كبيراً طلبت منه أكثر من مرة جهة رسمية الاتصال بسيّد بكركي للعمل على إيجاد حل لهذه القضية منذ بدايتها لكنه تخلّف ولم يزر سيّد بكركي إلا أخيراً وفي الديمان.