ابرز ما تناولته صحف اليوم الاربعاء ٣ آب ٢٠٢٢


كتبت النهار

أشارت وسائل إعلام عدة ومعها وسائل تواصل اجتماعي الى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يدعو الى جلسة نيابية لانتخاب خلف للرئيس ميشال عون في الأيام العشرة الأولى من المهلة الدستورية التي حدّدت شهرين لانتخاب رئيس خلفاً للرئيس الذي ستنتهي ولايته، وهو العماد ميشال عون، ليل 31 شهر تشرين الأول المقبل. وعزت ذلك الى حرص بري على إجراء تقويم جدّي لميول النواب وانتماءاتهم السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية كما لمواقفهم من المرشحين المعروفين للرئاسة ثم من المرشحين المعروفين – المجهولين الحريصين على "شغل" رئاستهم خلف الكواليس تنافياً للحرق، وأخيراً من المجهولين تماماً الذين قد توصل علاقاتهم الخارجية أولاً ثم الداخلية واحداً منهم الى القصر الرئاسي في بعبدا. لكن المعلومات التي توافرت في الأسبوعين الماضيين أفادت أن سيد عين التينة سيدعو الى عقد جلسة لانتخاب الرئيس الجديد للبلاد في الأيام العشرة الأولى من المهلة الدستورية المحدّدة بشهرين بين الأول والعاشر من شهر أيلول المقبل. أما الأسباب التي تجعله يميل الى ذلك فثلاثة. الأول نظري وهو أن دوره الدستوري يفرض عليه في بداية المهلة أو بعد أيام من بدئها أن يدعو الى جلسة انتخاب، إذ إنها تنتهي في 31 تشرين الأول، فضلاً عن أنه في الأيام العشرة الأخيرة منها يصبح مجلس النواب في حال انعقاد دائم لانتخاب الرئيس إذا أخفق النواب ومجلسهم في إنجاز هذا الاستحقاق قبل ذلك. خلال الفترة الأخيرة المذكورة لا يحتاج النواب الى دعوة رسمية من رئيس مجلسهم لعقد جلسة رسمية يُنتخب خلالها الرئيس العتيد. السبب الثاني هو أن رئيس مجلس النواب نبيه بري يريد أن ينتهي من الرئيس ميشال عون وعهده الرئاسي حتى وإن عجز المجلس عن انتخاب رئيس جديد بدلاً منه بعد سريان المهلة أو حتى انتهائها. كما يريد أن ينتهي من صهره ورئيس "التيار الوطني الحر" الذي أسّسه أي جبران باسيل. يعني ذلك أنه يرغب في لا بل يعمل الآن وسيتابع العمل فور سريان المهلة الدستورية لعدم بقاء عون في المقر الرئاسي في بعبدا، حتى وإن عجز النواب عن انتخاب بديل منه وبدا أن الرئاسة تسير نحو الشغور الفعلي. يعني ذلك أنه ضد نظرية بقاء صاحب الموقع الرسمي الرئاسي أو غير الرئاسي في موقعه إذا تعذّر انتخاب البديل وذلك بحجة عدم جواز شغور المرفق العام، ورئاسة الجمهورية ليست أيّ مرفق عام. أما ثالث الأسباب فهو استعداد الأفرقاء النيابيين الأقوياء كلهم لتأمين أكثرية نيابية تضمن أولاً انعقاد الجلسة الأولى للانتخاب. وهي تتألف دستورياً من ثلثي أعضاء جلس النواب قانوناً وإذا تعذّر ذلك على "الثنائية الشيعية" وعدد من حلفائها لا تنعقد جلسة الانتخاب الأولى لفقدان النصاب وتؤجّل الدعوة الى جلسة ثانية ريثما ينجز الأطراف كلهم اتصالاتهم مع النواب على تنوّع انتماءاتهم وتناقضها. ثم يدعو الرئيس بري الى جلسة ثانية. وإذا تأكد الجميع من أن الثلثين غير مؤمنين لا ينعقد المجلس ويعود أعضاؤه الى التشاور من جديد. السؤال الذي يُطرح هنا هو: هل تستمر دعوات الانعقاد من دون نجاح حتى نهاية المهلة الدستورية؟ والجواب أن لا شيء يمنع ذلك. فانتخاب الرئيس يحتاج أولاً الى ثلثي عدد النواب في أول جلسة وذلك صعب جداً لأن الأفرقاء الوازنين يمتلكون في معظمهم حق الفيتو الذي يترجم بتعطيل نصاب أول جلسة انتخاب. لكنهم ليسوا موحّدين بل متعادون الى الآخر. طبعاً يعتقد البعض أن "الثنائية الشيعية" مع حلفائها من النواب السنّة والمسيحيين قد تستطيع تأمين انعقاد جلسة الثلثين الأولى لكن ماذا لو قرّر حليفها المسيحي الأول أي "التيار الوطني الحر" عدم تأمين نصاب الثلثين إذا تأكد أنه لن يكون مرشحاً للرئاسة مضمون الفوز، أو اذا تأكد أن غريمه بل عدوّه النائب السابق سليمان فرنجية يحظى بتأييد "الثنائية" المذكورة وحلفائها. طبعاً يعتقد البعض أنه لن يتجرّأ على ذلك أولاً لأنه يدين بحياته السياسية لعمّه رئيس الجمهورية المدين بدوره لأحد قطبي "الثنائية" أي "حزب الله" بالتربّع على سدّتها. ثانياً هو أن "الخروج من الحمام مش زي دخوله" كما يقول المصريون. فـ"حزب الله" ليس سهلاً الى هذه الدرجة. طبعاً إذا ضمن "حزب الله" مصالح "التيار" ورئيسه باسيل في السياسة ومواقع القوة في الإدارة العامة فربما يمضي معه في تأييد مرشحه الرئاسي. علماً بأنه يفضّل أن لا يكون سليمان فرنجية هذا المرشح بل شخصية أخرى لا تستطيع محاربته جرّاء عدم وجود أي تاريخ سياسي لها رغم تأييد بعض جهات الخارج لها. هذا فضلاً عن أن أحداً لا يعرف ماذا سيكون موقف النواب التغييريين وعددهم 13 سواء من تأمين النصاب في جلسة الانتخاب أو في الجلسات اللاحقة في حال فشل الأولى أو تعذّر انعقادها. فهم قطعاً لن يسيروا مع "الثنائية" ولا مع "التيار الوطني الحر" ولا مع "القوات اللبنانية" وغيرها. في اختصار، لا يستطيع أحد تأمين الأكثرية المطلقة أي 65 نائباً التي أعادت انتخاب نبيه بري لرئاسة مجلس النواب ثم نائبه الياس بوصعب. لكن ذلك ليس مستحيلاً مثل تأمين نصاب الثلثين للجلسة الأولى. فإذا حصل تفاهم فعلي وإن غير رسمي أو معلن بين الناخبين الكبار غير اللبنانيين فإن نصاب الثلثين قد يتأمن بعد لأيٍ. وإذا تكرّس التفاهم بينهم فإن مجلس النواب سيصوّت بالموافقة على انتخابهم أي ناخبي الخارج رئيساً جديداً للجمهورية. أما إذا ساد الخلاف بينهم وتحوّل تأزماً فأبشروا بطول شغور أيها اللبنانيون ومعه ربما بتردٍّ للأوضاع بشقيها الداخلي وربما الإقليمي.