عُرفَت بيروت بأنها لؤلؤة الشرق ، وأم الشرائع . فقد كانت وستعود وستُعيد مجدها التَّليد ، كما أنها كانت وستبقى محط أنظار الدنيا كلها ، صحيح أنها بقعة صغيرة من الأرض ولكنها اجتاحت دول العالم اجمع بما أشرقت من كفاءات. فالحنين إليها ليس وليد صدفة بل هو مغروس في قلوب أبنائها ويشهد على ذلك كمّ الزوّار والباحثين والمفكّرين والأدباء الذين ينهلون ويستلهمون أفكارهم من بيروت ، فبيروت نجمة سطعت في هذا الشرق وستبقى ساطعة الى الابد .
إذًا إنطلقت فكرة هذا الحدث من هذه الحقيقة وهذا الواقع المقرون ببالغ وعمق محبَّتنا لعاصمتنا الحبيبة بيروت وضرورة استعادة أمجادها وعزِّها ولو في الذاكرة، خاصَّةً بعد الإنفجار الكبير الذي أصاب مرفأها؛ فدَمَّرَ من مبانيها وشوارعها ومؤسّساتها وتاريخها وتراثها ورونقها ما دَمَّر، وما تبعه من ظروف اقتصادية وصحّية واجتماعية قاسية جدًّا نعيشها جميعًا في لبنان. فكانت الحاجة الماسَّة الى ورشة لإعادة البناء والإعمار لبيروت، لكن للأسف الشَّديد، وبغصَّةٍ كبيرة نقول لم يُعَد بناء كل ما تهدَّم ولم يعُد كل السكّان إلى ديارهم وأحيائهم التي قضوا العمر فيها، فمات مَن مات وهاجَر مَن هاجَر وبقيَ مَن بقيَ صامدًا في هذه الظُّروف الصَّعبة وانتقلَ البعض الى مناطق أخرى. وبما أنَّ الذِّكريات تعيش معنا في كلّ شارعٍ وأُغنية ورائحة وصورة ... وتــنقلنا مباشرةً إلى مكانٍ وزمانٍ خاصَّينِ مع رغبة قويّة في العودة بالزَّمن إلى الوراء والتوقُّف عند منعطفات الزَّمن الجميل بما تذخر به الذَّاكرة الفرديَّة والجماعيَّة.
فقد تفيض الذَّكريات عندما نزور الأماكن التي حصلت فيها أو نستعيدها من خلال أغنية أو فيلم أو صورة أو كتاب أو لوحة أو قصيدة أو صديق نلتقي به إلخ... فتعود بنا إلى الزمن الجميل وتنفض عنها بلحظات غبار السنين؛ فتلمع في أذهاننا مع الرغبة في إعادة الزَّمن إلى الوراء والعودة إلى الطفولة لنعيش تلك اللَّحظات بكل ما فيها من جمالات.
وانطلاقا من هذا المفهوم، وبما أنَّ الزَّمن لا يعود الى الوراء إلاَ في الذَّاكرة، يُعدّ Nostalgia Beirut حدَثًا عَمِلت على تنظيمه كلّ من :
*جمعية أندية الليونز الدولية المنطقة ٣٥١ لبنان الأردن فلسطين*
Lions Clubs International District 351 Lebanon Jordan Palestine
وبالتَّعاون مع *جمعية تراثنا بيروت* لاستحضار ماضي الزَّمن الجميل لمدينة بيروت والاحتفال بهذا الحدث إحياءً لهذه الذَاكرة بغية توجيه التَّـفكير للمستقبل.
ترتكز فكرة هذه المبادرة أساسًا على تسليط الضوء على بعض النَّواحي الَّتي تألَّقت في ذلك الزَّمن من فنّ (غناء ومسرح وسينما ...) وتراث وثقافة وأناقة وكرم ضيافة وحسن استقبال وحلويات اشتهرت بها عاصمتنا، التي كانت مقصدًا، جذب السّياح إليها من كافة الأقطار، عسانا بذلك نستعيد، بالذَّاكرة، ذلك العصر الذَّهبي لبيروت، مدينة الثقافة والحضارة والجمال والألفة والعيش المشترك والعراقة في التَّاريخ لإلهام جهود إعادة الإعمار والتَّجديد والتَّرميم. صحيح أنّ هذه المناسبة تحمل في طيّاتها مشاعر الحنين الى الماضي، لكنّ لا بدّ لها أيضًا من أن تُثير مشاعر الفرح وتُحفّزَنا لنعمل وننظر الى المستقبل بإيجابية. لماذا كل هذه الذَّكريات؟ لأنّ بيروت ذاكرة العالم وليست ذاكرة لبنان واللبنانيين فهي موئل وعرين ومهد الحضارات ومن ليس له ماضٍ يتذكّره ويحتفل به، ليس له حاضر ولا مستقبل. ولأنَّنا شعبٌ يحفظ ماضيه ويعشقه، فكانَ هذا الحدث المتواضع، الذي نأمل له أن يترك أصداءً جيّدة لدى الحضور ويكون رسالة إلى المسؤولين والقيّمين في السلطة وفي هذه المدينة للعودة إلى الأصالة والجذور العابقة في التاريخ والتمسّك بكل ما يمتّ الى ذاكرتنا الوطنية والجماعية بصلة ليكونوا مثالاً للأجيال القادمة كي يفتخروا بمدينتهم ويعملوا هم بدورهم على إغناء تاريخها وإعلاء شأنها .
٣٠ ايار ٢٠٢٢
*الى بيروت ... رسالة حنين*
(اللجنة المنظمة)