كتبت النهار
ليست دعوة لالغاء دور الاكثرية النيابية المحققة في الانتخابات النيابية الاخيرة، ولا الى التسليم للاقلية النيابية التي تملك اوراق قوة تجعلها قادرة على فرض ارادتها بفضل توحدها واجتماعها بأمر الولي الفقيه وممثله في لبنان. لكن الواقعية السياسية، والظروف الدقيقة التي تلم بالبلاد، تتطلب التعامل بطريقة مختلفة عما ساد في سابق الايام.
البلد امام استحقاقات، منها غدا اللجان النيابية، وبعدها تكليف رئيس لتأليف الحكومة المقبلة، قبل الوصول الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وفي جميع هذه الاستحقاقات ثمة اكثر من توجه، منها التعطيل الذي اعتاده اللبنانيون، وعانوا منه، ومنها تسهيل كل هذه المهمات من دون تنازل عن المبادىء والثوابت الوطنية، ومنها التوافقات الاقرب الى الصفقات التي ايضا جعلت البلاد واحوال العباد في حال سيئة. وهذه التوافقات تم تزيينها بشعارات الوحدة الوطنية ومنع الفتنة، وتاليا استغلالها لتحقيق مارب سياسية ضيقة لا ترقى الى مستوى المصلحة الوطنية.
لكن المعضلة الحالية تكمن في السؤال عن الاكثرية والاقلية وما اذا كانتا تتوافران في مرحلة ما بعد الانتخابات. فقوى 8 اذار لم تعد اكثرية حقيقية في المجلس. ولكن لا قوى 14 اذار في المقابل. والقوى التي تعتبر اكثرية ليست قوى موحدة، وليست تكتلا، ولا مشاريع حقيقية ولا رؤى جامعة لمكوناتها. وقد برهنت هذه القوى تباعد مكوناتها في انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه، وتبادلت الاتهامات بين مؤيد ومعارض ومصوّت من تحت الطاولة. وتبعت هذه الخطوة، حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، اصابت النواب الجدد، وصنّفتهم، وصوبت عليهم السهام، بل وصلت حدّ التخوين، واتهامهم بالعمالة لقوى المنظومة.
هذا الوضع المستجد، وان كان يجب الا يؤثر على الاداء المقبل للنواب الجدد تحديدا، لاثبات مسارهم التغييري، وامكان صنعهم الفرق، الا انه يفترض في الوقت عينه، عدم التحول الى التشبث الاعمى بالمعارضة غير المدروسة وغير الرؤيوية، وبالتالي وضعهم في خانة التعطيل، وانقلاب الرأي العام ضدهم.
المرحلة الحرجة، ومنها ما طرأ امس، من بدء اسرائيل التنقيب عن النفط في المنطقة المتنازع عليها مع لبنان، يجعل التحديات اكبر مما سبق، وعلى قوى التغيير وقوى المعارضة ان تثبت صدقيتها وفاعليتها وان تتوحد حول مشروع واضح، لان البقاء على ما هي عليه اليوم، سيبقي الاقلية الحالية، اكثرية بفاعليتها وقدرتها على التأثير في مجرى الامور.