كتبت النهار
المجلس النيابي دوره التشريع ومحاسبة الحكومة لانه يمثل الشعب اللبناني.
وأسوأ ما في الامر في الانتخابات الأخيرة، ان الوقاحة وصلت الى حدود ان يرشح حزب او حركة متهمين لا يعترفون بالقضاء اللبناني الى النيابة. والوقاحة الكبرى ان يترشح هؤلاء غير آبهين بالعدالة ... في بلد آخر اذا ارتسمت على مرشح ما علامة استفهام فقط، وحتى لو لم تكن مؤكدة كفضيحة جنسية حصلت مع المرشح الفرنسي دومينيك ستروس الى الرئاسة، او اذا كانت هنالك نقطة صغيرة يمكن ان تكون مرتبطة بأي ملف فساد، يتوقف المرشح عن السير بترشيحه احتراماً لنفسه ولحزبه وشعبه.
فضيحة المرشح الفرنسي فرنسوا فيّون لان زوجته كانت تعمل وتتقاضى اموالا واعتُبر ذلك استغلالا للنفوذ، وضعت حياته السياسية على المحك.
اما الرئيس الفرنسي شارل ديغول الذي حرر فرنسا وأسس الجمهورية الخامسة وغيّر الكثير، فقد طرح استفتاء شعبيا سنة 1969 غير مرتبط به مباشرة، لكنه لم يقنع الناس بطرحه فاستقال لانه اعتبر ان تأثيره خفّ عند شعبه. هذه أمثلة في دولة مثل فرنسا نقتبس قوانينها والقانون اللبناني مستوحى من القانون الفرنسي لان لبنان كان منتدبا، لكن في هذا البلد لا نملك 10% من احترام المرشحين والرؤساء لشعبهم.
نحن في بلد شهد اكبر تفجير بتاريخ العالم، ومع ذلك نرى متهمين بالتفجير مرشحين ونوابا منتخبين، والمضحك المبكي انه في الامس تم انتخابهم في لجان اساسية: لجنة المال والموازنة ولجنة الإدارة والعدل مثلا.
فالسخرية ان يكون نائب في لجنة العدل وهو فار من العدالة ولا يعترف بالقضاء اللبناني ولا يمثل امامه، فيعطي مثلا لكل متهم كي لا يحاسَب او يمثل امام القضاء. ففي اي بلد في العالم يُعقل هذا المشهد؟ وهنا نسأل رئيس مجلس النواب واكثرية الـ 65 نائبا والذين يصوتون للنواب وللجان وللرؤساء: هل تعترفون بالقضاء؟ نعم أم لا؟ واذا الجواب كلا لماذا وجوده ولماذا المواطن يجب ان يعترف به؟ لماذا هناك موقوفون في قضية المرفأ منذ سنتين تقريبا لانهم موظفون عاديون، ووزراء ورؤساء لا يمثلون امام القضاء لتقديم افاداتهم؟
فإما القضاء على الجميع واما لا قضاء، والاسوأ انه في أحسن الأحوال هؤلاء كانوا في موقع مسؤولية. وفي افضل سيناريو هم مسؤولون، والمسؤول يجب محاسبته وليس ادخاله في لجان العدل والمال في بلد القضاء فيه منهار واقتصاده منهار. ولم نعلّق بعد على الأسماء التي عادت الى لجنة المال والموازنة ومنها من كان في اللجنة سابقا عندما تم إقرار سلسلة الرتب والرواتب وكل الكوارث التي اوصلتنا الى الانهيار المالي، فأعادوا النواب انفسهم الذين كانوا قبل الانهيار المالي وخلاله. والمضحك المبكي ارتباط بعض النواب بالمصارف وهم أعضاء في لجنة المال والموازنة.
هذه اللجان اثبتت اننا بعيدون كل البعد عن المحاسبة، وان من قتلنا وهجّرنا وسرقنا وافقرنا ودمرنا عاد الى لجان نيابية وكأن شيئا لم يكن من دون خجل.
هذا مشهد دكاكين وليس لجان تشريع، وكل ذلك "يبشر" بان المشهد التشريعي سيكون على غرار ما كان في الماضي، ولو ان بعض الأسماء الجديدة والجيدة دخلت إليه.