غيّب الموت الصحافي والإعلامي جورج وديع الشامي ،المدير السابق لكلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية- الفرع الثاني. والراحل المولود العام 1931 في بيروت ، عمل في الصحافة منذ العام 1952، في جريدة «النهار»، ومنها انتقل للعمل في الصحف والمجلات والوكالات المختلفة، فكان محرراً ومديراً ورئيساً للتحرير: «صدى لبنان»، «الحياة»، الشراع»، «العمل»، «الرأي العام» في الكويت، «الاقتصاد اللبناني والعربي»، «الوكالة الوطنية للأنباء» «الحسناء»، «الأسبوع العربي»، «الأنوار»، «الوطن العربي»، في باريس، و«المشاهد السياسي» في لندن.
وللراحل الذي انتسب إلى نقابة محرري الصحافة اللبنانية في خمسينيات القرن المنصرم، وكان عضوا في مجلسها ، عشرات المؤلفات في السياسة والادب والرواية والشعر، وسيرة ذاتية غنية بالمحطات والمعلومات، التي تقدم صورة واضحة عن الهوية الفكرية والثقافية لهذه الشخصية الاعلامية الوطنية التي سيفتقدها لبنان.
وقال نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي في وداعه: بحزن كبير وألم عميق أنعى إلى الأسرة الصحافية والإعلامية في لبنان والعالم العربي جورج الشامي، تلك القامة والهامة التي برزت في عالم المهنة وتألقت ، وأدت أدوارًا اساسية في تقدمها ونهضتها وتحديثها، وخلفت بصمات لا تمحى على جبينها.
جورج الشامي لم يكن عابرًا في دنيا الصحافة التي أعطاها من عقله وفكره وقلبه حتى الرمق الاخير. لم يخل الميدان وظلّ فيه يصول ويجول ، ويعطي ، بل يزيد عطاء وهو على مشارف العقد التاسع من عمره. ترأس تحرير كبريات الصحف والمجلات ، وتجاوزت كتبه ومؤلفاته الخمسين عدا. كتب في الأدب والفن والمسرح ودون سيرته الذاتية الثرة بديباجة عكست اسلوبه الرشيق وثقافته الواسعة، وقدرته على الإحاطة بكل الموضوعات بموضوعية ، وحسّ نقدي ذي بعد استشرافي. قاص وروائي. اكاديمي مميز ، وتجربته كمدير لكلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية - الفرع الثاني ، دلت إلى تمكنه من فن الإدارة والتواصل مع الطلاب.
كانت حياته كفاحًا موصولًا، موشاة بالكرامة وعرق الجبين، معطوفة على صلابة وعزم لا يلينان أمام الصعاب والتحديات. كان عضوًا في مجلس المحررين في مطالع ستينيات القرن المنصرم ، عاملا على توطيد حضورها الوطني والمهني، وظلّ وفيًا لها، يتابع نشاطاتها، لا يبخل عليها بنصح، أو يمسك عنها الدعم في اوقات الشدة.
لبناني حتى العظم، لا يشرك في حب وطنه. مؤمن بالعروبة الحضارية غير المتقوقعة والمطيفة، بل المنفتحة على آلاخر، والقابلة له.صاحب فكر تقدمي ، ما اعتاد النظر الى الوراء، بل كان دائم التطلع إلى الامام.
كلما خفّ بصره توهجت بصيرته، وازداد حكمة .
انه من رعيل الكبار ، والجيل الماهد الذي شق الطريق واسعًا أمام الأجيال التي تعاقبت ، وكان لها قبسًا هاديًا.
لقد فقدتُ برحيله، كما أعضاء النقابة الذين بادلوه الحب والوفاء والتقدير، صديقًا، أخًا، أستاذًا، وعلمًا من أعلام المهنة التي اغتذت من مواهبه واغتنت.
فسلام عليك يا عميد النقابة وشيخها، وأحد أبرز وجوهها، وليرحمك الله قدر ما تستحق، وانت الذي نسلت ولدًا وزرعت شجرة وكتبت عشرات المؤلفات. فمن كان بقامتك وعلو همتك، وشمخة جبينك ، يبقى خالدًا بما خلف من آثار. وسيرتك مصداق لقول الشاعر:
هذه آثارنا تدل علينا
فانظروا بعدنا إلى آلاثار
العزاء لعائلتيك الصغرى والكبرى. فنم قرير العين يا أكرم الراحلين.