اثباتات على تأجيل الانتخابات / بقلم حسـن صبرا


عطفاً على ما نتوقعه وتوقعناه دائماً عن وجود مبررات موضوعية لتأجيل الانتخابات النيابية فإننا نؤكد ما يلي :
١- عصب الصمود الاقتصادي والمالي للبنان حتى الآن يتمثل في الحصول على قرض مالي من صندوق النقد الدولي اقر مبدئياً من دون ان يعني تنفيذه تلقائيا ً.. ومديرو الصندوق ابلغوا لبنان انهم لن يدفعوا سنتاً واحداً قبل توكيد امرين جوهريين في السياسة وفي الإصلاح
الامر الاول هو حصول انتخابات نيابية في موعدها
الامر الثاني هو البدء بتنفيذ اصلاحات جوهرية في الكهرباء اولاً ودائماً ثم في ترشيق الادارة بإرسال عشرات الالاف الموظفين الذين لا يعملون الى بيوتهم وفي إلغاء ما تبقى من دعم على اي سلعة او مادة حياتية للبنانيين .
اجراء الانتخابات في موعدها يعني حكماً استقالة حكومة ألرئيس نجيب ميقاتي فتصبح حكومته في حالة تصريف اعمال وهذا يعني ان الصندوق لن يدفع سنتاً واحداً لحكومة تصريف اعمال ولا بد من انتظار تشكيل حكومة جديدة ليتعامل صندوق النقد الدولي معها بشكل قانوني كامل فينفذ عقده المبدئي بعد ان يحيله الى عقد نافذ 
وهل من السهولة تشكيل حكومة في لبنان منذ جاء ميشال عون رئيساً ؟ وكيف اذا كان المجلس النيابي سينتخب رئيسا للجمهورية مكان عون هل من السهولة بمكان ان ينتخب رئيس للجمهورية في لبنان؟
فلم العجلة في اجراء انتخابات؟
كانت اميركا وفرنسا حاملتان كل منهما عصا غليظة على السياسيين اللبنانيين من اجل السير بالانتخابات حكماً فهل ما زالت واشنطن وباريس على هذا الحماس بعد غزو روسيا لاوكرانيا؟ 
نحن نشك في ذلك..
٢- لا يقللن احد من ثورة المودعين خصوصا صغارهم الذين كانوا موعودون بإقرار كابيتال كونترول منصف يحافظ على ودائعهم تمهيداً لوضع آلية تسديد حقوقهم بالتقسيط انما بما يساعدهم على الصرف منها شهرياً بما يحفظ كراماتهم وحقوقهم… وحتى الآن يبدو انهم ينتظرون السراب ولا يرون غيره .
نعم راهنوا واهمين على استرداد الاموال المنهوبة ليكتشفوا ان اللصوص الكبار رؤساء ووزراء ونواب وتمعهدين وسماسرة لفوا المسروقات باكفانهم خاطوا لها جيوباً بينزلوها معهم الى قبورهم حتى لا يطلب منهم احد رد قرش واحد منها .
٣- تتصاعد الازمات المعيشية والمالية والاقتصادية والاجتماعية وما تجره معها من احداث مأساوية في السرقات والتعديات وجرائم القتل التي تتفاقم في ظل ارهاق واستنزاف قوى الامن الداخلي والاجهزة الاخرى وعجزها وغياب الحافز الاساس لمواجهة كل هذه وهي مصابة مثل بقية المجتمع اللبناني الفقير والطبقة الوسطى التي لحقته بتبخر رواتبها مع زيادة الاسعار … كل هذه الامور تدفع نحو الانفجار الذي لا يضبطه حتى الآن سوى العوامل التالية:
١- وجود موارد خارجية من مغتربين يرسلون مساعدات نقدية لاهاليهم واولادهم واخوانهم واصدقائهم وابناء القرية والعمارة …وهذه المبالغ تشكل جزءاً اساسياً من موازنة كل اسرة تصلها .. ومن سخرية القدر ان كثيرين من هؤلاء المتلقين يتمنون ارتفاع سعر الدولار للإفادة من صرف ما يصلهم بالعملة الاجنبية بأسعار عالية باللبناني !!
٢- فساد تجار مواد غذائية وخضار وبائعين ومهنيين ومنهم طبيب جشع
وسمكري نهم ونجار وحداد وكهربائي لا يشبعون.. وهؤلاء يحاسبون الزبون اللبناني  بالدولار حتى لو كان كل عملهم يدوياً بما يرهق زبائنهم مالياً وعصبياً لكنهم يربحون من الزبون ليتمكنوا من الصرف ببحبوحة وارتياد المقاهي والملاهي والمطاعم والمحلات..
٣-وجود منظمات دولية ومؤسسات اجنبية ما زالت تدفع رواتب من معها بالدولار وهؤلاء يشكلون نسبة قليلة لكنها تساهم في تحريك الدورة الاستهلاكية في كثير من المؤسسات وعند الباعة والمحلات الصغيرة..
٤- ما زال عدد من تجار الخضار والفاكهة والبيض والدواجن وبعض المصنوعات يقدمون تصدير موادهم المميزة للخارج حيث يقبضون اثمانها بالدولار على انزالها في الاسواق المحلية حيث يتم بيعها بالليرة اللبنانية مسعرة بالدولار ليربحوا من التصدير ومن البيع المحلي!
٥- الغش التجاري يزداد كلما ضعفت سلطة الدولة ومن ينفذ اوامرها وفي مسألة الطحين نموذج فاقع حيث تسلم الدولة الافران طحيناً مدعوماً لإنتاج الخبز فتلجأ محلات كبيرة او صغيرة لبيعه لمصانع الحلويات والمخبوزات المنوعة لإعادة تصنيعه وبيعه بأسعار عالية.. وكذلك مستوردو الادوية الذين خزنوا كميات كبيرة من الدواء المدعوم فيبيعون القديم بسعر الحديث لذبح محتاجي الادوية من دون اي رادع اخلاقي او ضمير حي٦- لا ننسى مافيات المولدات وهم المستفيدون  الاوائل من تغييب الكهرباء وهم يتحكمون بها على حساب المستهلكين ومعظمهم تابعون لحركات وتيارات واحزاب وضباط امن وميليشيات زواريب..
هذه الدورة بين كل هؤلاء توفر المال  فالزبون عند صاحب المولد والخاضع للإبتزاز هو نفسه قد يكون طبيبا يذبح المريض او قد يكون سمكرياً يمص دم بائع المواد الغذائية او النجار او الحداد او الكهربائيً ليبقى الوضع مضبوطاً حتى الآن..
غير ان هذا ينطبق على فئات في المجتمع اللبناني مهما كانت كبيرة يسكتها الى حين الا ان الفئات الاكثر تضرراً ومنها الموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين والذين لا موارد لهم لا من ابن مهاجر او شقيق او اب والذين سرحوا من اعمالهم .. والعاملين الذين  يتقاضون الحد الادنى الذي لا يكفيهم اسبوعاً واحداً للصرف على عائلاتهم ولا حتى على انفسهم… هؤلاء جميعاً هم القنابل الموقوتة الجاهزة للإنفجار عند اول سحب لصاعق التفجير في اي مناسبة قبل الانتخابات… والبعض يتوقعه على ابواب الانتخابات النيابية بدءاً من الاول من ايار في عيد العمال وهو ربما اول ايام عيد الفطر او بعده او خلاله !!
كل هذه العوامل تجعل لا بل تفرض تأجيل الانتخابات لأن الاهم قبلها هو محاولة ضبط وضع صنعه السياسيون اللصوص بايديهم كي يستمروا … وعمرها ما تصير انتخابات 
حسن صبرا
الشراع