ظواهر مسيئة تهدِّد «نبض» شارع الحمراء ومطالبات بقمعها للحفاظ على تراثه وتاريخه


يونس السيد _ جريدة  اللواء

لطالما ارتبط شارع الحمراء في بيروت بذاكرة كل اللبنانيين والسياح، فهو الشارع الذي ينبض بالحياة ويضم دور السينما والمسارح والنوادي والمطاعم والمقاهي والمصارف والجامعات والمستشفيات والمؤسسات السياحية والتجارية، ولا يكاد سائح زار لبنان إلا وزاره وارتاده وحدَّث عنه لأنه كان ملتقى للمثقفين والشعراء والنخبة في المجالات كافة، أكان ذلك قبل أحداث لبنان وحتى خلالها.

ورغم قسوة الحروب والاحداث التي مرت على بيروت صمد شارع الحمراء وحافظ على تراثه وتاريخه ونبضه، ولكن اليوم شارع الحمراء ليس بخير و«النبض» فيه خلل بسبب تفشي ظواهر التسول والمشردين و«النكيشة» واستغلال الاطفال والنساء في اعمال الدعارة والتي تسيء لمسيرة شارع الحمراء وسط عجز المعنيين عن مكافحتها ووسط استياء المواطنين واصحاب المؤسسات من وجود ابنية قيد الانشاء تعج بهم من دون رقابة أو حسيب.


والتمركز في الشارع

«اللواء» وبعد تلقيها شكاوى واتصالات حول انعكاس هذه الظواهر السيئة على الشارع استطلعت آراء الفاعليات وعادت بالآتي:

- رئيس جمعية تجار الحمراء زهير عيتاني اكد لـ«اللواء» ان ظاهرة المتسولين و«النكيشة» والدعارة الليلية استفلحت في شارع الحمراء وهذه الظواهر مستوردة إلى المنطقة المعروفة بعراقتها وتاريخها، ولقد كان لجمعية تجار الحمراء ومخاتير رأس بيروت تحرك ازاء ذلك حيث زرنا مؤخراً وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي وكذلك قائد شرطة بيروت العميد احمد عبلا للبحث في الحد من هذه الآفات الاجتماعية التي تشهدها منطقتنا وتفعيل دور قوى الأمن الداخلي.

وأوضح عيتاني أن تحركاً موازياً قمنا به مع بلدية بيروت حيث قام محافظ بيروت القاضي مروان عبود ورئيس المجلس البلدي المهندس جمال عيتاني بجولة ميدانية عاينا فيها المشكلات القائمة، وأنه إثر ذلك تحركت الاجهزة المعنية لملاحقة المتسولين ولكن النتيجة الواقعية لهذه الحملات لم تؤد إلى نتيجة ملموسة، فالمطاردة اقتصرت على ساعات معدودة ليعود هؤلاء المتسولون و«النكيشة» واصحاب الرذائل إلى مواقعهم وأعمالهم المشينة مجدداً.

وعن رؤيته للحلول قال عيتاني: ما نشهده ليس ظواهر عابرة بل تقف وراءها عصابات منظمة تستغل حالة الفقر والعمالة الاجنبية لجني الاموال وان المطلوب أن تتعاون الدولة اللبنانية مع المنظمات الدولية كاليونيسيف وغيرها لمعالجة هذه المشكلة واسبابها بشكل فاعل، لأن استمرار هذه الظواهر حوّلها إلى «قوة قاهرة» وهي مرشحة للتفاقم وان الخشية ان ترافقها اعمال اجرامية وخصوصاً بعد ازدياد حالات السرقة وهذا مؤشر سلبي ينعكس على تجار الحمراء ومؤسساتها السياحية داعياً القوى الامنية وبلدية بيروت لتكثيف دورياتها وخصوصاً الحرس البلدي عبر تجهيزه وتسليحه لمؤازرة شرطة بيروت.



الإهمال وتكديس النفايات على أرصفة شارع الحمراء

- روني يزبك صاحب مؤسسات سياحية في الحمراء اكد لـ«اللواء» ان شارع الحمراء يتعرض لتدمير ممنهج وعقاب لا نعرف اسبابه وسط صمت مطبق، فظواهر التسول ونكش النفايات والدعارة التي يستغل فيها حتى الاطفال متفشية وهذه الظواهر ليست عابرة بل اصبحت دائمة الوجود في الشارع ووراءها عصابات تديرها.

وتساءل يزبك: ما الجرم الذي ارتكبه شارع الحمراء ليعاقب هكذا ويستباح؟ وهل المطلوب اقفال المؤسسات السياحية والفنادق والمطاعم والمحلات التجارية؟ وهل المطلوب تهجير رؤوس الاموال؟ موضحاً ان المؤسسات في شارع الحمراء وبسبب هذه الظواهر تعاني الأمرَّين وتعاني المنافسة، ففي الوقت الذي تُدفع الرسوم المطلوبة ترى العمالة الاجنبية تفتح مؤسسات ومحلات غير مرخصة. والغريب ان المعنيين يشددون الاجراءات على المؤسسات العريقة المرخصة والملتزمة بالقوانين ويتركون المؤسسات المخالفة المستجدة من دون رقابة، والاغرب انهم لا يقمعون هذه الظواهر المسيئة التي انعكست سلباً على مرافق الشارع والفنادق حتى انخفض تقييم الفنادق من قبل النزلاء.

ودعا يزبك المعنيين وخصوصاً المسؤولين الكثر الذين يقطنون منطقة الحمراء إلى التحرك واطلاق حملة قمع للمخالفات، والظواهر المعيبة تستمر لأشهر وخصوصاً تجاه العمالة الاجنبية غير القانونية، فاللبناني حين يزور او يقيم في بلد اجنبي، هذا البلد يلزمه التقيد بالقوانين وهذا ما يجب ان يحصل في لبنان لجهة إلزام الاجنبي بالتزام القانون لجهة الاقامة والتراخيص ودفع الرسوم. وختم يزبك: المؤسسات في شارع الحمراء تكابد لتأمين استمراريتها والحفاظ على موظفيها والمطلوب تأمين ظروف صمودها في ظل الاوضاع الصعبة من خلال ضبط أمنها وقمع المخالفات ومكافحة الظواهر وصيانة البنى التحتية التي اصبحت متهالكة، فالمكلف يقوم بواجبه ويسدد الرسوم وبالمقابل على المعنيين القيام بواجبهم تجاه شارع الحمراء العريق بأصالته ومحبة أهله البيارتة واللبنانيين وكان على الدوام قبلة السياح والزائرين.

- مختار رأس بيروت يوسف عيتاني اكد ان ظواهر التسول وبعثرة النفايات والاعمال المشينة التي يشهدها شارع الحمراء ليلاً ونهاراً تحتاج إلى حل جذري، وللأسف الحل الجذري غائب، ولقد كان لمخاتير رأس بيروت الستة تحركاً بالتعاون مع تجار الحمراء وفاعليات المنطقة باتجاه الاجهزة الامنية المعنية، ولقد فهمنا منهم ان المشكلة ليست في اعتقال هؤلاء بل المشكلة في استيعابهم، فاعتقالهم يكون لفترة وجيزة وعند اطلاق سراحهم يعودون إلى مواقعهم السابقة المكلفين بها من عصابات معروفة أوكارها.

وختم المختار عيتاني: تفشي ظاهرة التسول والنكيشة والدعارة في ظل الاوضاع الراهنة تسيء إلى شارع الحمراء وكل المناطق البيروتية وهذه الظواهر يقف وراءها مقيمون أجانب وبعضهم غير مستوفٍ للأوراق الثبوتية أو بطاقات الاقامة القانونية، وأن المطلوب تطبيق القانون وتكثيف الحملات لتكون دائمة ومتواصلة وجدية للوصول إلى النتائج المطلوبة.