الديار أيضاً اعطت حيزاً من عددها الصادر اليوم لزينة وسط بيروت ، وهذا أبرز ما حاء في المقال




تشهد بيروت، من ساحة النجمة إلى الحمرا والأشرفية، حركة ناشطة لتركيب زينة الميلاد مع بداية موسم الأعياد، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة. وتحوّل هذه الزينة شوارع العاصمة إلى فضاء احتفالي مضيء يعيد بعض الدفء والأمل إلى المدينة، خصوصاً مع اقتراب زيارة البابا أواخر الشهر، ما أضفى على المشهد رمزية إضافية.

لكن زينة هذا العام أثارت جدلاً واسعاً بعد انتشار اتهامات على وسائل التواصل بأنها تحمل “طابعاً إسلامياً” أو “رمضانياً”، واعتبارها “تعدّياً على الهوية المسيحية”. غير أن هذا الجدل تبيّن أنه قائم على سوء فهم بصري، إذ إن التصاميم المعروضة مستوحاة من الطرز الأوروبية الكلاسيكية، وتحديداً من فنون الباروك والروكوكو المستخدمة في احتفالات الميلاد في روما وعدد من المدن الكاثوليكية حول العالم.

خبراء الفن والعمارة يؤكدون أن الزينة لا تمتّ بصلة للزخرفة الإسلامية، إذ تخلو من عناصرها الأساسية كالهلال والنجوم والخط العربي والهندسات المشرقية. كما أنها ليست من التراث الماروني أو السرياني، ولا تحمل رموزاً ليتورجية أو دينية محلية، ما يجعلها زينة فنية بحتة ذات طابع أوروبي – كاثوليكي.

وتوضح الدراسات الفنية أن هذا النوع من الزخارف يُعرف باسم Luminarie، وهو طراز مستخدم منذ القرن السابع عشر في المدن الإيطالية خلال الأعياد والمواكب الدينية، ويعتمد على أقواس ضوئية باروكية وروكوكوية. وتشير مصادر في بلدية بيروت إلى أن اختيار هذا الأسلوب جاء في سياق التحضير لزيارة البابا، بهدف استخدام لغة بصرية مألوفة لدى الفاتيكان.

تُظهر الأزمة أن الخلاف لم يكن حول الزينة ذاتها، بل حول الجهل بتاريخ الفن وعدم القدرة على تمييز المدارس البصرية الغربية، ما سمح بتسييس الموضوع وتحويله إلى نقاش طائفي. وتكشف هذه الحادثة اتساع الفجوة المعرفية حول الرموز الفنية في لبنان، وتحويل أي تفصيل ثقافي أو جمالي إلى مادة جدل وهويّاتي بدلاً من قراءته في سياقه الفني الصحيح