مخزومي: لبنان يماطل في تنفيذ التزاماته… وح.ز.ب الله يجرّ البلاد نحو الهاوية




في مقابلة خاصة مع قناة الحدث، حذّر النائب في البرلمان اللبناني فؤاد مخزومي من أنّ لبنان يقف أمام مفترق مصيري، معتبرًا أنّ المماطلة في تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدوانية الموقّع في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي “تضع البلاد في مواجهة مفتوحة مع المجتمع الدولي وتمنح إسرائيل المبرر للاستمرار في اعتداءاتها”.


 
وقال مخزومي إنّ الاتفاق الذي أعلن من السرايا الحكومية، نصّ صراحة على سحب سلاح حزب الله وسائر الميليشيات من جنوب الليطاني خلال مهلة ستين يومًا، موضحًا أن “عامًا كاملاً مضى ولم يُنفذ شيء”، مضيفًا:

 
“لدينا رئيس جمهورية منتخب بخطاب قسم واضح، وحكومة نالت ثقة المجلس ببيان وزاري صريح، وكلاهما تعهّدا بحصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية. ومع ذلك، لم يُتخذ القرار السياسي للتنفيذ حتى الآن.”

 
التأخير في تنفيذ القرارات يعمّق أزمة الثقة ويخدم إسرائيل

 
واعتبر مخزومي أن التأخير في تنفيذ الاتفاق ليس مجرد إهمال إداري بل تمرّد على الدولة، مشيرًا إلى أنّ هذا التأخير “يخدم إسرائيل بالدرجة الأولى”. وقال:


“منذ وقف الأعمال العدوانية، لم تتوقف إسرائيل عن شن غاراتها. لدينا أكثر من 650 غارة، وأكثر من 260 شهيدًا و550 جريحًا ودمار بمليارات الدولارات. التسويف والمماطلة جريمة بحق اللبنانيين، ولن تمر هذه المرة مرور الكرام.”

 
وأوضح أنّ “الجيش اللبناني لا يمكن أن يبقى معطلاً بانتظار قرار سياسي غائب، فالمطلوب من السلطة التنفيذية ممارسة صلاحياتها لأن الجيش جزء من الدولة وليس كيانًا منفصلًا عنها.”


غياب القرار السياسي يُحوّل الجيش إلى رهينة المواقف المتناقضة

وردًّا على سؤال حول قدرة الجيش على تنفيذ خطة سحب السلاح، شدّد مخزومي على أنّ الجيش ينفّذ قرارات الحكومة، وليس جهة مستقلة، وقال:

“نظامنا برلماني، والسلطة التنفيذية هي المرجعية العليا للجيش. وإذا اتخذت الحكومة قرارًا واضحًا فليس هناك أي مبرر للتقاعس. أما رفض تنفيذ قرار رسمي فهو ببساطة تمرّد على الدولة.”


وأضاف أنّ استمرار الغموض السياسي في هذا الملف “يترك المؤسسة العسكرية في موقعٍ حرج بين مسؤولياتها الوطنية وضغوط الأطراف السياسية، وهذا ما يضعف الدولة أمام الداخل والخارج في آنٍ معًا.”

التهديد بالحرب الأهلية بروباغندا إعلامية لا تعبّر عن الواقع

ورفض مخزومي التهويل الإعلامي حول احتمال اندلاع حرب أهلية في حال تحرّك الجيش ضد “حزب الله”، مؤكّدًا أنّ “هذا التهديد لا يستند إلى واقع فعلي”، وقال:

“منذ توقيع الاتفاق لم نشهد أي صدام داخلي، وما يُروّج له ليس سوى بروباغندا. الحرب الأهلية تحتاج إلى طرفين، واليوم الشعب اللبناني بكل طوائفه يقف خلف الجيش. من يتمرّد على قرار الدولة هو الذي يهدد السلم الأهلي وليس العكس.”


وأوضح أنّ “حزب الله يستخدم فزاعة الحرب الأهلية لتجميد أي محاولة لإعادة فرض سلطة الدولة، لكن هذه الورقة فقدت تأثيرها لأن اللبنانيين أدركوا أن استمرار السلاح غير الشرعي أخطر من أي مواجهة مفترضة.”

رسائل المجتمع الدولي واضحة: دعم الدولة لا الدويلة

وتحدّث مخزومي عن توافق عربي ودولي متزايد على ضرورة دعم الدولة اللبنانية فقط، مشيرًا إلى أنّ كل الموفدين الذين زاروا بيروت في الأشهر الماضية — من الموفدة الأميركية مورغان أورتيغاس إلى رئيس المخابرات المصرية ووزير الخارجية الألماني، مرورًا بالموفد السعودي الأمير فيصل بن فرحان — حملوا رسالة واحدة:

“نحن نريد أن نساعد الدولة اللبنانية لا الدويلة، ونقف مع الشعب اللبناني لا مع المشاريع الإقليمية.”


وأضاف أنّ “هذه الرسالة تعبّر عن الإجماع الدولي بأن لا إنقاذ للبنان إلا بوجود دولة واحدة وسلاح واحد، بعيدًا عن الأجندات الخارجية التي أرهقت البلاد لعقود.”

لا إعمار ولا مساعدات دولية في ظل السلاح غير الشرعي

ورأى مخزومي أنّ أي حديث عن إعادة إعمار أو مساعدات مالية للبنان هو بلا جدوى طالما أنّ السلاح خارج سلطة الدولة، مؤكدًا:

“لا يمكن لأي دولة أو جهة دولية أن تضخ قرشًا واحدًا في بلدٍ تتحكم به ميليشيا مسلّحة. كيف سنعيد بناء الجنوب وتهجير الأهالي مستمر، فيما القرار الأمني والسياسي ليس بيد الدولة؟

وأشار إلى أنّ “المجتمع الشيعي نفسه يريد الأمان وإعادة الإعمار والعودة إلى حياة طبيعية، لكنّه رهينة سلاح حزب الله الذي يمنع أي نهوض اقتصادي أو تنموي.”

لبنان يعيش تراكم فشل سياسي واقتصادي منذ اتفاق الطائف

وانتقل مخزومي إلى تشخيص الأزمة البنيوية في الدولة اللبنانية، معتبرًا أنّ “لبنان تحوّل إلى دولة فاشلة بفعل تراكم الفشل منذ اتفاق الطائف”، وقال:


“نحن أمام دولة عاجزة عن دفع الرواتب، وعن تأمين الكهرباء، وعن ضبط الحدود. هناك أكثر من 160 مليار دولار مفقودة في النظام المالي، ولم يُجرَ أي تدقيق جنائي حتى اليوم. وضعنا حاكم المصرف المركزي السابق رياض سلامة في السجن ثم أخرجناه وكأن شيئًا لم يكن. هذه ليست عدالة بل مهزلة.”

وأضاف:

“القوانين الإصلاحية التي أقرّها البرلمان، مثل رفع السرية المصرفية أو إعادة هيكلة القطاع المصرفي، بقيت بلا تطبيق لأن الحكومة لم تصدر المراسيم التنفيذية. كيف يمكن لدولة بهذا الأداء أن تقنع المجتمع الدولي بمساعدتها؟”

الوقت ينفد والمجتمع الدولي لن ينتظر لبنان أكثر

وختم مخزومي حديثه لقناة الحدث بالتأكيد على أنّ المرحلة المقبلة لا تحتمل المماطلة أو الغموض، قائلاً:

“إما أن ننفذ التزاماتنا ونستعيد سيادتنا، أو سنواجه عزلة دولية وانهيارًا نهائيًا. لا يمكن للبنان أن ينهض طالما هناك سلاح خارج سلطة الدولة.”

وأضاف أنّ “اللبنانيين بكل طوائفهم يريدون أن يعيشوا في دولة واحدة، لا في كانتونات سياسية ومسلّحة. نريد أن نزرع الثقة لا الخوف، وأن نعيد بناء وطن لكل أبنائه